“ولي العهد السعودي في عجلة من أمره مع تحول العالم بعيدًا عن الهيدروكربونات”.. بهذه الكلمات كشفت صحيفة أمريكية، الأربعاء، عن اتجاه يقوده “محمد بن سلمان”، الحاكم الفعلي للسعودية، لتفادي أزمة مخاطر اقتصادية كبرى تحدق بالمملكة، عبر تسريع تنفيذ المشاريع الكبيرة، والتي اعتمدها في رؤيته الاستراتيجية “السعودية 2030”.
وذكرت “وول ستريت جورنال”، في تقرير لها، أن المملكة تمضي قدماً في خطط بمليارات الدولارات لبناء سلسلة من المدن الجديدة، بينها نيوم والقدية، على الرغم من تأثير جائحة فيروس كورونا وأسعار النفط المنخفضة، وتراهن على أن المشاريع المرتبطة بخطة ولي العهد ستبدأ في تعافيها الاقتصادي.
وتشمل المشاريع مدينة نيوم في محافظة تبوك النائية، شمال غربي السعودية، ومدينة رياضية وترفيهية خارج الرياض، ومنتجعات سياحية فاخرة منتشرة عبر أرخبيل من جزر البحر الأحمر، بتكلفة تقديرية تبلغ 500 مليار دولار.
وتتميز “نيوم” بتقنيات تجريبية مثل “القبة الشمسية لتحلية المياه”، والتي يفترض أن تكون على مساحة أكبر 33 مرة من مدينة نيويورك، و”الفنادق العائمة” بمنتجع البحر الأحمر، والتي يفترض أن تكون على مساحة أكبر من بلجيكا.
أما مساحة القدية، فمن المتوقع أن تصل إلى ضعفي حجم مدينة “عالم ديزني” بالولايات المتحدة، وهي أكبر مدينة ترفيهية في العالم.
وبحسب الصحيفة الأمريكية فإن “بن سلمان” مصمم على المضي قدما في المشاريع التي يرى أن من شأنها تنويع الاقتصاد السعودي بعيدًا عن النفط من خلال جذب الاستثمار الأجنبي وتعزيز الاستهلاك المحلي، حتى في الوقت الذي تعاني فيه تلك القطاعات عالميًا بموجب إرشادات التباعد الاجتماعي المفروضة للحد من انتشار وباء كورونا.
وقال كبير مسؤولي التسويق في الهيئة الملكية لمدينة الرياض “حسام القرشي” ، التي تشرف على خطط بقيمة 800 مليار دولار لمضاعفة عدد سكان العاصمة خلال عقد من الزمن، إن قيادة المملكة رأت في فترة الحجر الصحي فرصة لتسريع بعض المشاريع.
وأضاف “القرشي”، في حدث لغرفة التجارة الأمريكية الشهر الماضي: “بشكل عام كان الاتجاه من ولي العهد هو المضي قدمًا والتحرك بأسرع ما يمكن وبأقصى ما نستطيع بالمشاريع، لا تباطؤ في أي شيء”.
وفي هذا الإطار، أشارت “وول ستريت جورنال” إلى إعادة العشرات من الموظفين الذين يتقاضون رواتب عالية والأجانب الذين يعملون في المشاريع السعودية إلى المملكة عبر طائرات مستأجرة، وذلك بعدما تقطعت بهم السبل في الخارج بعد أن منعت المملكة وصول الوافدين الدوليين لمكافحة فيروس كورونا.
وقال الرئيس التنفيذي لمشروع القدية”مايكل رينينغر”، وهو أمريكي عمل في تطوير المنتجعات لصالح شركة والت ديزني، إن الوضع الاقتصادي الحالي لم يؤثر على الاستراتيجية المستقبلية لمشاريع “بن سلمان”، حيث تم منح عقود تزيد عن 260 مليون دولار منذ فبراير/شباط الماضي.
وأضاف “رينينغر”: “القدية حافظت بفخر على نهج العمل المعتاد على مدى الأشهر القليلة الماضية”.
وأكدت الصحيفة الأمريكية إرسال المئات من الموظفين للعيش في “كبائن جاهزة في مواقع المشاريع، لافتة إلى أن الوقت ليس في صالح “بن سلمان” في ظل انكماش الناتج المحلي الإجمالي للسعودية بنسبة 1% في الربع الأول من العام الجاري، قبل أن يظهر التأثير الكامل لانهيار أسعار النفط وتأثير وباء كورونا على الطلب العالمي، ومع توقعات صندوق النقد الدولي بأن تصل نسبة الانكماش الإجمالية للاقتصاد السعودي هذا العام إلى 6.8%.
ومع توقع وصول عجز الميزانية السعودية إلى ما يقرب من 13%، وهي نسبة أعلى من معايير صندوق النقد الدولي لاقتصادات الأسواق الناشئة، تتعرض المالية العامة للمملكة لضغوط دفعت السلطات لمضاعفة معدل ضريبة القيمة المضافة 3 مرات وخفض المساعدات النقدية التي تهدف إلى تغطية تكاليف المعيشة المتزايدة.