اعتبرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أن تأخر ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” في الإعلان عن توقيع اتفاق كامل لتطبيع العلاقات مع إسرائيل على غرار البحرين والإمارات -يرجع لخشيته من أن يستغل منافسوه تلك الخطوة ضده على الصعيد الداخلي.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين سعوديين سابقين وحاليين قولهم، إن “بن سلمان” “لا يشعر بالولاء للقضية الفلسطينية، ولكنه يخشى من أن تغضب خطوة التطبيع مع إسرائيل المحافظين في المجتمع السعودي، ويمكن أن يستخدمه المنافسون ضده”.

وأضافت الصحيفة أن هناك كابحا آخر للهرولة نحو إسرائيل، وهو والده الملك “سلمان” (84 عاما) المؤيد للقضية الفلسطينية، على حد وصف الصحيفة.

وأشارت إلى أن سعوديين يقولون إن الملك لن يسمح بالتطبيع مع إسرائيل قبل تسوية بين الفلسطينيين وإسرائيل، مرجحة إمكانية زيادة وتيرة التقارب السعودي – الإسرائيلي بعد وفاة الملك.

وفي وقت سابق أفادت تقارير بأن الجناح المحافظ في السعودية ينتظر حتى تجري الانتخابات الأمريكية، ومن ثم يتخذ قراره بشأن الإعلان عن التطبيع.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو”، أكد في حديثه في مايو/أيار 2017 عن علاقات (إسرائيل) مع الدول العربية خلف الكواليس، أن “ما يحدث بالفعل لم يحدث أبدًا في تاريخ (إسرائيل)”.

وتؤكد هذه التصريحات فوائد التطبيع الضمني الذي يكون مخفيًا جزئيًا عن أعين الجمهور وغير مقيّد بالالتزامات القانونية الرسمية حيث يمكن الاستفادة من التطبيع الضمني بشكل يمنح الأطراف الرئيسية مجالًا واسعًا للمناورة.

لكن هناك حدودًا لا يمكن أن تتجاوزها هذه الرقصة دون تعثر أحد الشريكين أو كليهما، فعندما تتغير الظروف، يحصل التحول بأكبر قدر ممكن من الرشاقة إلى العلاقات الصريحة.

هذه هي قصة العلاقات الإماراتية الإسرائيلية، ففي حين أن تعاونهما يعود إلى سنوات، فإن التطبيع الضمني اكتسب زخمًا خلال إدارة “أوباما” بعد الاتفاق الدولي بشأن برنامج إيران النووي، فقد رأى القادة الإماراتيون والبحرينيون والسعوديون أن هذا الاتفاق ليس فقط بمثابة ميزة إستراتيجية لإيران، ولكنه تنصل خطير لالتزامات واشنطن تجاه دول الخليج العربية، ومن هنا كان التواصل مع (إسرائيل)، وكانت المشكلة أنه لا يوجد شيء للفلسطينيين في مقابل التقارب في العلاقات الخليجية الإسرائيلية.

بالطبع، لم يشمل الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي أي ملامح لمعالجة حقيقية للقضية الفلسطينية، وبعيدًا عن تأمين التزام (إسرائيل) بمواصلة المحادثات مع الفلسطينيين، عُرض على الإمارات نوع سلبي من المكافأة وهو تأجيل ضم المزيد من أراضي الضفة الغربية حتى موعد لاحق.

يجادل بعض الخبراء الأمريكيين بأن الإمارات قد تستخدم المعاهدة لحث (إسرائيل) والفلسطينيين على استئناف المحادثات، ولعل النتيجة الأكثر ترجيحًا هي أن القادة الإسرائيليين سينظرون إلى قرار الإمارات بتطبيع العلاقات دون الحصول على تنازلات كبيرة كدليل إيجابي على أن المشهد الاستراتيجي في المنطقة يتم تغييره بطرق ستساعد (إسرائيل) على فرض إرادتها على الفلسطينيين.

 

التطبيع الصريح يجلب مكافآت غير متكافئة

يرحب “نتنياهو” بالتأكيد بهذا المشهد المتغير، وفي مقابلة في 17 أغسطس/آب، لم يتباه رئيس الوزراء الإسرائيلي فقط بأنه أدخل “ضم الضفة” لقلب خطة السلام الأمريكية، بل بأنه حقق ذلك، وأشار إلى أنه سوف يجدد الضغط لضم المزيد من الأراضي الفلسطينية بعد توقيع اتفاق التطبيع مع الإمارات، وتأكيدًا على هذه النقطة، أعلن “نتنياهو” إنهاء مفهوم “الأرض مقابل السلام”.

وبينما يؤكد “نتنياهو” أنه علق الضم فقط، يصر سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة على أن الاتفاقية تعني “توقف الضم على الفور”، ومع ذلك، فإن تصريحات “نتنياهو” لن تقلق القادة الإماراتيين.

وفي حين أن الإماراتيين قد يشعرون بشيء من ندم المشتري، فإن أولويتهم هي المصالح الأمنية لدولة الإمارات، وبمعنى أكبر، السعي إلى ترسيخ الهوية الوطنية الإماراتية، وقد لعب هذا المنظور دورًا رئيسيًا في دفع حملة البيت الأبيض لإقناع دول الخليج العربية بتطبيع العلاقات مع (إسرائيل).

لقد أوضح مستشارو البيت الأبيض، و”ترامب” نفسه (ناهيك عن القادة الإسرائيليين)، أن هدفهم النهائي هو تأمين معاهدة سلام سعودية إسرائيلية، مع الاعتراف بأن هذا سيستغرق وقتًا، يجادل “جاريد كوشنر”، مستشار الرئيس “ترامب” وصهره، بأن مثل هذا الاتفاق لا مفر منه الآن.