الاستثمار السعودي في كريدي سويس تبخرت بالكامل تقريبا”.. هكذا وصفت صحيفة، وول ستريت جورنال، تأثير استحواذ مجموعة يو بي إس على المصرف السويسري.
وذكرت الصحيفة، في تقريرترجمه “الخليج الجديد”، أن الاستثمار السعودي تبلغ قيمته 1.5 مليار دولار، وجاء في إطار طفرة أسعار النفط، العام الماضي، عبر البنك الأهلي السعودي، المدعوم من الحكومة، وبتوجيه من ولي العهد، الأمير، محمد بن سلمان.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مصادر مطلعة أن مسئولي البنك السعودي لم يسمعوا بالمحادثات مع “يو بي إس” إلا عبر وسائل الإعلام مساء يوم الجمعة الماضي، حيث تواصل “كريدي سويس” مع كبار المساهمين لمناقشة حقوقهم وإبلاغهم بأنهم من المحتمل أن يخسروا معظم استثماراتهم.
وكان الاستثمار في “كريدي سويس” مدخل مفترضا للسعودية إلى القطاع المصرفي العالمي، مما يعزز مكانتها الناشئة كقوة استثمارية تغذيها النفط، خاصة أن البنك الأهلي أبرم الصفقة عندما كانت أسعار النفط أقل بقليل من 100 دولار للبرميل، حيث أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى اضطراب في أسواق الطاقة.
واستحوذ البنك الأهلي على ما يقرب من 10% من “كريدي سويس” مقابل 5.5 مليارات ريال (1.46 مليار دولار) في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وهو من بين أكبر المساهمين في البنك السويسري المتعثر.
وتعد الخسائر الفادحة للبنك السويسري تكرارا لتبخر استثمارات دول الخليج في البنوك الغربية وصناديق التحوط خلال الأزمة المالية في عامي 2007 و2008، إذ انخفضت قيمة الأصول الأجنبية في محافظ دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2008 بمقدار 100 مليار دولار إلى ما مجموعه 1.2 تريليون دولار دون احتساب المقتنيات الشخصية الهائلة للعوائل الحاكمة لدول الخليج، حسبما أفاد مجلس العلاقات الخارجية ومقره نيويورك عام 2009.
وفي السياق، قال محلل اقتصاديات الشرق الأوسط بمعهد “تشاتام هاوس”، ديفيد باتر، إن البنوك السعودية لم تستثمر بكثافة في المصارف الأجنبية حتى وقت قريب، مشيرا إلى أن بنوك المملكة الخليجية لديها طموح للحصول على ملف مصرف عالمي كجزء من أجندة تنويع مصادر الاقتصاد التي تشمل زيادة المحفظة الاستثمارية لصندوق الثروة السيادي السعودي.
وأفادت مصادر الصحيفة الأمريكية بأن مايكل كلاين، وهو مصرفي سابق في شركة سيتي جروب، وعمل منذ فترة طويلة مع عملاء في الشرق الأوسط، قد ربط صندوق الاستثمارات العامة السعودي بكريدي سويس في الخريف الماضي، باستثمار بلغت قيمته 600 مليار دولار.
وكان البنك المتعثر يحتاج آنذاك إلى مليارات الدولارات لتمويل خطة تحول من شأنها أن تنقله بعيدًا عن الخدمات المصرفية الاستثمارية نحو إدارة الثروات.
واعتبر بعض المسؤولين التنفيذيين في الصندوق السعودي أن الأمر ينطوي على مخاطرة كبيرة، ما أثار قضايا قانونية واحتمال حدوث خسائر كبيرة في المستقبل.
وقالت بعض المصادر إن صندوق الاستثمارات العامة ربط بين كريدي سويس والبنك الوطني السعودي، باعتبار أن الأخير هو أكبر بنك له علاقات وثيقة بالحكومة السعودية.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، قال رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي السعودي، عمار الخضيري، للصحيفة الأمريكية إنه على الرغم من خسائر البنك السويسري الفادحة، وتراجع الثقة به في السوق، إلا أنه لا يزال يمثل قيمة للسعودية.
وأوضح أن المملكة تستخدم القطاع المالي لإجراء إصلاح شامل لاقتصادها المعتمد على النفط مع انتقال العالم إلى مصادر الطاقة المتجددة.
وفي السياق، أعلن البنك الأهلي السعودي، الإثنين، أن خسائر بنك كريدي سويس “لن يكون لها تأثير على أعماله، لأنها تمثل نسبة صغيرة من استثمارات البنك”.
لكن تأثير خسائر كريدي سويس لا تقتصر على البنك الأهلي السعودي، فجهات خليجية أخرى كانت من بين أكبر الخاسرين في البنك السويسري، وعلى رأسها: جهاز قطر للاستثمار، وعائلة العليان السعودية.
فقطر ترتبط أيضا بعلاقات عميقة مع “كريدي سويس”، وبدأت في اقتناص أسهم في المصرف السويسري مع تذبذب الأسواق عام 2008، واستثمرت وعائلة العليان السعودية معا ما مقداره 6.2 مليارات دولار أخرى في البنك عام 2011 من خلال نوع خاص من الديون.
وفي عام 2013، حولت قطر أكثر من 4.5 مليارات دولار من هذا الدين إلى سندات تسمى سندات رأس المال الإضافي من المستوى الأول، والتي من المتوقع أن تتبخر كجزء من صفقة استحواذ “يو بي إس” مع “كريدي سويس”. ومن غير المعروف ما إذا كانت قطر لا تزال تمتلك أيا من هذه السندات.