كشف تحقيق دولي عن عمولات وفساد صارخ في استثمارات محمد بن سلمان في الخارج التي يزعم ولي العهد أنها يريد من خلالها تنويع اقتصاد المملكة فيما في الواقع يحاول من خلالها بسط سيطرته داخليا وتلميع صورته خارجيا.

وقال تحقيق لمجلة (The Spectator) البريطانية، إن محمد بن سلمان يستغل عائدات النفط الضخمة في توسيع دائرة الاستثمارات الخارجية حول العالم بما ينطوي عليه ذلك من معاملات فساد.

وأبرز التحقيق أن محمد بن سلمان يمتلك يختًا بقيمة 500 مليون دولار، ولوحة للفنان ليوناردو دافنشي بقيمة 450 مليون دولار، وقصرًا فرنسيًا بقيمة 300 مليون دولار.

وأشار إلى أنه خلال السنوات القليلة الماضية، اكتسبت السعودية ميزة جديدة وهي “الاستثمارات حول العالم”. حتى أنها أودعت أموالها تقريبا في كلّ المجالات بداية من صناعة الترفيه والإعلام، وصولا إلى عمالقة التكنولوجيا ودعم اللوبيات السياسية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

آخر تلك الاستثمارات، إتمام صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF) الاستحواذ على حصة الأسد في البطولة الرئيسية للجولف في الولايات المتحدة، وهي البطولة الأمريكية المفتوحة للمحترفين في لعبة الجولف، من خلال العمل على دمجها مع دوري منافس يمتلكه الصندوق بالفعل، وهو دوري LIV Golf.

وقد أثارت هذه الخطوة ردود فعل متباينة، تؤكد الأسبوعية البريطانية، خاصة من قِبَل خطيبة الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي قتل وفقًا للادعاءات بأوامر من محمد بن سلمان.

واعتبرت خديجة جنكيز هذه الخطوة بأنها “أسوأ نموذج لغسيل الرياضة”، وصرحت قائلة للصحفيين: “يَظهر جلياً أنه لا يوجد حدود لما يمكن للمال أن يشتريه”.

والنشاط الاستثماري العالمي للسعودية ليس جديدًا، يؤكد التحقيق، إذ تقوم السعودية بممارسته منذ سنوات بما يُعرف بـ “الدبلوماسية بالشيكات”، ولكنها الآن تمتلك مزيدًا من الأموال للاستثمار وتنفقها بطرق أكثر عدوانية.

ويشار هنا، أن “سارة ليا ويتسون” – الناشطة التي أسست منظمة الديمقراطية للعالم العربي الآن (DAWN) – كانت قد صرّحت، بأن الصفقة ليست لها أي مغزى اقتصادي حقيقي.

وقالت “ما يهمنا هو معرفة مقدار العلاوة التي دُفِعت للحصول على هذه الاستثمارات”، وأضافت أنه يجب أن تكون هناك شفافية أكبر في مثل هذه الصفقات والمصالح التجارية.

يُروّج الإعلام السعودي الرسمي (والموالي للحكومة) بأن استثمارات السعودية العالمية تعزز مكانتها وتسهم في تنويع اقتصادها وتقوية الروابط الدولية، في حين يعتبرها آخرون مجرد استخدام مكثف للأموال لتغطية لتغطية الصورة السيئة والسمعة المشوهة عن السعودية في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية.

تُقدر الـ FT أن السعوديين سيضخون 3 مليارات دولار في محاولتهم للاستحواذ على بطولة رابطة لاعبي الجولف المحترفين الأمريكية (PGA). وهو ما سيُترجم إلى مكافآت مدهشة للاعبين الفرديين، كما يقول التحقيق.

وأوضح أن بعض الأشخاص الذين هم على علاقة مع السعودية فيما يتعلق بالصفقة، يحصلون بالفعل على 200 مليون دولار في السنة.

“المال كثير جدًا ليتم مقاومته وبالتالي يأخذونه، ولكن في النهاية يشعرون بالقذارة” كما تقول المجلة البريطانية التي تواصلت مع جريج نورمان، البطل السابق الذي يدير LIV، (يقيم في السعودية) وسألته: “هل كنت مضطرًا يومًا للاعتذار عن كونك عضوًا في PGA Tour؟”

لتكون إجابته الصادمة قائلاً: “آسف، لقد بعت روحي بالفعل للسعوديين”.

وفي الأثناء، يتصاعد غضب عارم من الأمريكيين، حيث تتهم عائلات ضحايا أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية محترفي الجولف الأمريكيين بـ “الجشع والنفاق”، وقبول مليارات الدولارات لـ “تطهير سمعة السعودية”.

وفي ذات السياق، أوضح موناهان أن “الظروف تتغير”. وبدت عليه علامات التلعثم في طريقة حديثه خلال مقابلة على قناة “جولف” (التابعة لشبكة سي أن بي سي الأمريكية) وقال: “بينما نجلس هنا اليوم، تعلم، أعتقد، أعتقد أنه من المهم، تعلم، أن أكرر، أن، أمم، أشعر أن الخطوة التي قمنا بها، وكيف نتقدم، هي في أفضل مصلحة لرياضتنا”.

جريج نورمان، البطل السابق الذي يدير اليوم بطولة LIV السعودية، وقد انتقل بالفعل للإقامة في المملكة الغنية بعائدات النفط.

يشار أنه عندما سُئل العام الماضي عن مقتل خاشقجي، وتقطيع الجثة بمنشار، قال: “انظر، لقد ارتكبنا جميعًا أخطاء…” ليسوا فقط اللاعبين في الجولف.

يُدفع للاعبي كرة القدم أكثر من 200 مليون دولار في السنة للانضمام إلى الدوري السعودي. وقد اشترى صندوق الاستثمارات العامة السعودي حصصًا في الترفيه، والمصارف، والتكنولوجيا، ووسائل التواصل الاجتماعي.

صندوق الاستثمارات العامة السعودي، هو اليوم أكبر مساهم في “نينتندو” (شركة يابانية متخصصة في تطوير الألعاب الإلكترونية)، واستثمر 3.5 مليار دولار لـ “أوبر” (شركة تكنولوجية أمريكية) عندما كانت شركة ناشئة.

لدى الصندوق اليوم، حصص كبيرة من أسهم عمالقة التكنولوجيا في سيليكون فالي مثل أمازون، وفيسبوك، وجوجل – كما أنه بالعودة إلى كرة القدم، يمتلك نيوكاسل يونايتد الإنجليزي.

تقول سارة ليا ويتسون (DAWN) إن السعودية تقوم بـ “تجنيد النخبة السياسية والاقتصادية الغربية”، وتضيف أن “المال السعودي يتدفق في جميع أنحاء الغرب بطرق لا يمكن تتبعها”.

الأمر يتعلق بأكثر من مجرد الجشع والرغبة في ضخ مليارات الدولارات الفائضة من عوائد النفط في مراكز صنع القرار الغربي، حيث تستخدم السعودية أموالها لتشكيل الرأي العام الغربي.

تُمول الجامعات، والمعاهد البحثية، والمتاحف، والمؤسسات الثقافية، والمنظمات الخيرية. كما أنها تشتري الأصوات والولاءات والصمت.

تقول “ويتسون” في تعليقها على الوضع القائم: “المال السعودي يشكل النقاش العام والسياسات العامة والقرارات السياسية في الدول الغربية السعودية، تستخدم أيضًا أموالها للتأثير على السياسة الداخلية في الدول الغربية”.