“الرئيس غير أمين مع الأمة الأميركية بخصوص مقتل جمال خاشقجي… ما الذي يدفعه لذلك؟”، كانت تلك كلمات آدم شيف الرئيس القادم للجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي التي ستبدأ مهامها في الأول من يناير/كانون الثاني القادم.
من هنا جاء تعهد النائب شيف بفتح تحقيقات حول أي معاملة مالية قد يكون لها أثر في موقف الرئيس دونالد ترامب الرافض حتى الآن لإدانة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وتحميله مسؤولية قتل الصحفي جمال خاشقجي كما في تقرير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي).
وأكدت تقارير صحفية نشرت في موقع ديلي بيست بعد اطلاعها على وثائق واتصالات، أن فريق المحقق روبرت مولر -الذي يبحث في التدخل الروسي بانتخابات الرئاسية 2016- ينظر في احتمال وجود علاقات بين حملة ترامب وبيت الحكم السعودي، وذلك على خلفية اجتماع سري عقده الجنرال مايكل فلين الذي كان مستشار الأمن القومي في بداية حكم ترامب مع أحمد العسيري نائب رئيس جهاز الاستخبارات السعودي السابق وأحد كبار مساعدي ولي العهد السعودي، وذلك لمناقشة “تغيير النظام في إيران”.
وجرى الاجتماع على مدار يومين في يناير/كانون الثاني 2017، ويعكف فريق مولر على النظر في العلاقة بين ترامب والسعودية ضمن تحقيقات أوسع تشمل محاولات التأثير الخارجية في حملة ترامب.
من هنا تكتسب رغبة النائب شيف في بدء تحقيقات يشرف عليها الكونغرس أهمية مضاعفة، حيث ستنظر في موضوعات يحقق فيها بالفعل فريق المحقق مولر، وربما يتم التنسيق بينهما أو الاستفادة مما توصلت إليه تحقيقات مولر.
ويحق للجنة الاستخبارات في مجلس النواب أن تستدعي في تحقيقاتها أي شخص أو مؤسسة تعتقد أن لها دورا أو علاقة بموضوع التحقيقات، والاستماع لشهاداتهم والتحقيق معهم بعد إلزامهم بقول الحقيقة.
ومع بروز اسم العسيري واتهامه بدور رئيسي في عملية قتل خاشقجي، تكتسب دعوة النائب شيف بضرورة الكشف عن كل تفاصيل علاقات ترامب مع السعودية -والتي قد تكون ساهمت في التأثير على موقفه من مقتل خاشقجي- أهمية مضاعفة، خاصة العلاقات ذات الأبعاد المالية والتجارية.
دعم متزايد لرواية “سي آي أي”
وجاءت تصريحات أعداد متزايدة من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين (حزب الرئيس ترامب) والمعروف عنهم تأييدهم لسياسات ترامب ومواقفه، والتي أشاروا خلالها -وبعد اطلاعهم على تقرير “سي آي أي”- إلى مسؤولية محمد بن سلمان عن مقتل خاشقجي؛ لتزيد من الضغط من داخل حزب الرئيس من أجل أن يتبنى موقف أجهزته الاستخباراتية.
وخلال لقاء له مع برنامج “قابل الصحافة” الذي تبثه محطة “إن بي سي” الأميركية، عبّر السيناتور الجمهوري من ولاية يوتا مايك لي عن “عدم الموافقة على تقدير الرئيس ترامب الذي يتعارض مع تقارير الاستخبارات التي قد اطلعت عليها”.
في حين دعت السيناتورة الجمهورية جوني إرنست من ولاية أيوا إلى التشدد تجاه السعودية، قائلة “نحن نحتاج للنظر بدقة في هذا الشأن”.
وأكدت إرنست أن العلاقة بين الرياض وواشنطن تجمعهما علاقات إستراتيجية، وأنها شريك مهم، إلا أنها أضافت “نحن أيضا دولة قوية جدا عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان وسيادة القانون، ولو أن هناك أي إشارة إلى أن الأمير له علاقة بجريمة القتل تلك، فسيكون علينا أخذ خطوات أخرى”.
من جانبه وصف السيناتور الجمهوري عن ولاية نبراسكا بن ساسي -خلال لقاء له مع محطة فوكس الإخبارية- الرئيس ترامب بالضعف، قائلا “يختلف الأمر بين أن تكون براغماتيا وأن تصبح ضعيفا لدرجة عدم قول الحقيقية”، وذلك في إشارة لتبني ترامب رواية مخالفة لرواية “سي آي أي”.
وينضم هؤلاء الأعضاء الجمهوريون لزملاء لهم سبق أن انتقدوا بشدة موقف ترامب في قضية مقتل خاشقجي، منهم السيناتور بوب كوركر والسيناتور راند بول والسيناتور ليندسي غراهام.
عقوبات على محمد بن سلمان
وفي حديث له مع موقع أكسيوس، أكد السيناتور ليندسي “أن سي آي أي أكدت له أنها تعتقد أن ولي العهد السعودي أمر بقتل جمال خاشقجي”، وأنه سيدفع بقوة لفرض عقوبات على ولي العهد السعودي.
وعاد غراهام للتأكيد على “أهمية دعم أجهزة استخباراتنا، لأننا نعتقد أنهم على صواب”.
وتعهد السيناتور الأميركي بتضمين ما يشير لسلوك محمد بن سلمان المضر بالمصالح الأميركية، بسبب حربه في اليمن وحصاره لقطر وحجزه رئيس الوزراء اللبناني؛ دون أي تنسيق مع الولايات المتحدة.
وقال إنه يتبنى مع السيناتور الديمقراطي بوب ميندنيز مشروع قرار سيفرض بمقتضاه عقوبات على السعودية كعقاب على عملية القتل، “وسأدفع باتجاه تضمينها عقوبات على محمد بن سلمان”.
ويظهر كل ما سبق أن قضية خاشقجي لن تغيب في أي وقت قريب من ساحة الاهتمام الأميركي، وستدفع باتجاه مزيد من التنسيق بين الجمهوريين والديمقراطيين في مواجهة الرئيس ترامب فيما يتعلق بهذه القضية.
وعلى الرغم من تبني ترامب مقولة “إن العالم مكان خطير”، وأن مصالح بلاده يجب أن تركز على تقوية العلاقات مع الرياض؛ فإن السيناتور غراهام يرد عليه بالقول إن “كل البدائل على الطاولة لفرض عقوبات على السعودية، وستبدأ بفرض حظر على تصدير الأسلحة”.