تحاول السعودية التعامل مع إيران عبر ثلاثة أساليب هي التعايش المنظم في منطقة الخليج والمنافسة والاحتواء في سوريا والعراق، وذلك في ضوء اتفاق الرياض وطهران، بوساطة الصين في 10 مارس/ آذار الماضي، على استئناف علاقتهما الدبلوماسية خلال شهرين.

ذلك ما خلصت إليه ياسمين فاروق، الباحثة في برنامج الشرق الأوسط بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي في تحليل.

والاتفاق بين السعودية (ذات أغلبية سنية) وإيران (ذات أغلبية شيعية) ينهي قطيعة 7 سنوات بينهما، منذ أن اقتحم محتجون سفارة المملكة بطهران، بعد أن أعدمت الرياض رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر مع مدانين آخرين، بينهنم سُنة، بتهم منها الإرهاب.

وقالت ياسيمن إن “الموقف السعودي الأساسي هو أن إيران ليس لها دور في العالم العربي”، لاسيما في ظل تعاون المملكة مع الولايات المتحدة والقوى الغربية.

وتابعت: “في الوقت الراهن، تختار السعودية التعامل مع إيران ببراجماتية منفصلة (عن الغرب) على أساس: لا يمكننا التخلص منهم (الإيرانيين)، ولا يمكنهم التخلص منا.. وبناءً على هذا المنطق، تعتمد المملكة على التعايش المنظم (مع طهران) في الخليج وعلى مزيج من المنافسة والاحتواء في سوريا والعراق”.

وتتهم عواصم إقليمية وغربية، بينها الرياض وتل أبيب وواشنطن، طهران بامتلاك أجندة توسعية في المنطقة والتدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية، بينها سوريا والعراق واليمن ولبنان، بينما تقول إيران إنها تلتزم بمبادئ حُسن الجوار.

 

إدارة علاقة معقدة

ياسمين اعتبرت أن “طي صفحة الصراع مع إيران لن يكون سهلا، حتى لو احترم البلدان القواعد التي اتفقا عليها في بكين”.

وأضافت أن “الرياض ستحتاج إلى إدارة العلاقة المعقدة بين توقعات إيران للمكاسب الاقتصادية من خفض التصعيد مع السعودية وتصعيد العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة على التعاون الاقتصادي مع إيران”.

ومنذ سنوات يفرض الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، عقوبات قاسية على إيران لاسيما على خلفية برنامجها النووي الذي تقول عواصم إقليمية وغربية إنه يهدف إلى إنتاج أسلحة نووية بينما تردد طهران أنه مصمم للأغراض السلمية بما فيها توليد الكهرباء.

وأردفت ياسمين: “ستحتاج (السعودية) أيضا إلى التخفيف من التداعيات المحتملة لحرب الظل الإسرائيلية مع إيران، وعلاقة إيران المتنافسة مع الإمارات، والإجراءات السلبية من الحرس الثوري الإيراني والميليشيات المدعومة من إيران في جميع أنحاء المنطقة. حاليا، يبدو أن الحكومتين في الرياض وطهران عازمتان على الاقتراب أكثر”.

 

فترة لحُسن نية

والاتفاق بين السعودية وإيران هو “اتفاق على مبادئ حل النزاع بين دولتين وليس اتفاق على الحلول التي سيتم التوصل إليها”، وفقا لياسمين.

واعتبرت أن “الوساطة الصينية ساعدت في التغلب على نزاع طويل الأمد بين السعودية وإيران حول اليمن”.

ومنذ أكثر من 8 سنوات يعاني اليمن من حرب بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، وقوات جماعة الحوثي، المدعومة من إيران، والمسيطرة على محافظات بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ 21 سبتمبر/ أيلول 2014.

وزادت ياسمين بأن “البيان الثلاثي العلني (بشأن الاتفاق) يفتقر إلى أي لفتة إيرانية بشأن اليمن، لكن لغته وتقاريره الصحفية المتتالية تؤكد أن الوساطة الصينية أوصلت الأطراف في النهاية إلى اتفاق يمنحهم فترة سماح مدتها شهرين لإبداء حسن النية قبل دخول استئناف العلاقات الدبلوماسية حيز التنفيذ”.

وتابعت أن “السعودية لا تستطيع ضمان دور إيراني بناء، لكنها تعتمد على بعض الفهم الصيني، وإن كان غير كامل، لموقفها في اليمن. كما تراهن المملكة على مصلحة الصين الراسخة في نجاح ممارسة بكين الأولى للقيادة الدبلوماسية في المنطقة”.

وشددت ياسمين على أن “خفض التصعيد السعودي مع إيران يعد جزءًا من تركيز أكبر للسياسة الخارجية السعودية على دعم خطة التنمية الاجتماعية والاقتصادية المعروفة باسم رؤية 2030”.

وأوضحت أن المملكة تستثمر مليارات الدولارات لتنفيذ الخطة، والتصعيد مع إيران سيهدد تمويل المشروع ويردع الاستثمار الأجنبي ويقوض أحلام السعودية في أن تصبح مركزا إقليميا وعالميا، خاصة للحوسبة السحابية والخدمات اللوجستية والتجارة والصناعة.