خاص: تسببت إجراءات ولي العهد السعودي “ابن سلمان” في التعامل مع ملفات خاصة بالعائلة الملكية في السعودية بالتسبب بمشكلات قد تؤدي لانهيار العائلة المالكة وانهيار نظام الحكم الملكي في المملكة، لو بقي الحال على ما هو عليه.
فقد توسع “ابن سلمان” في اعتقال ووضع الأمراء والأميرات قيد الإقامة الجبرية، بالإضافة لتقليص مخصصات الأمراء والأميرات، وعزل كل من يشك في ولائه، وسحب الاستثمارات من بعضهم، كذلك فرض جبايات على بعضهم من أجل عدم سجنهم؛ كما حدث مع الأمير الوليد بن طلال، وسيطرة صندوق الاستثمارات العامة الذي يرأسه “ابن سلمان” شخصيًا على شركة المملكة القابضة التابعة له بشكل كامل، عقب اعتقالات الريتز كارلتون في 2017.
– تقليل المخصصات المالية:
رغم إن العائلة المالكة السعودية بحسب تقارير غربية، تنفق ملا يقل عن 10 مليار دولار كل عام على بذخها وترفها وبناء القصور والمنتجعات، إلا أن “ابن سلمان” عمد إلى تقليل المخصصات المالية المتعلقة ببعض الأمراء الذي يشك في ولائهم، أو أنهم قد يكونوا بدائل في حال الإطاحة به.
وكان من أوائل الذين قام “ابن سلمان” باستخدام ذلك الأسلوب معه، الأمير سلمان بن عبد العزيز بن سلمان، والذي رغم أنه لم يكن لديه أي طموح سياسي، بل وكان معروفًا بتمويله لمشاريع التنمية في الدول الفقيرة، تم اعتقاله.
وحول أسباب اعتقاله، ذكرت روايات من داخل الأسرة الملكية أنه كان ضمن الـ11 أميرًا الذين تم اعتقالهم في يناير 2018، وذلك عقب تجمهرهم في قصر الحكم في الرياض، في احتجاج نادر على إجراءات تقشف شملت إيقاف سداد فواتير الكهرباء والماء عن الأمراء.
يذكر أنه وقبل تلك الحادثة كان الأمراء في السعودية معفيين من دفع فواتير الكهرباء والمياه، إلا أن الإجراءات الاقتصادية التي قام بتنفيذها “ابن سلمان” شملت خفض الدعم وفرض ضريبة القيمة المضافة، وتقليص مزايا كان أعضاء العائلة الملكية يتمتعون بها، ومنها الإعفاء من فواتير الكهرباء والمياه والمرافق العامة.
– اعتقالات بالجملة لأمراء وأميرات:
شن “ابن سلمان” حملة اعتقالات واسعة النطاق داخل الأسرة المالكة، حيث بدأها بعمه والبديل المقترح له الأمير احمد بن عبد العزيز، وولي العهد السابق، الأمير محمد بن نايف، والذي قيل إنه تم تعذيبه بشكل مهين حتى أنه لم يعد قادرًا على الوقوف على قدميه من كثرة التعذيب.
كما شملت الاعتقالات أميرات وبناتهن، مثل الأميرة بسمة بنت آل سعودي، ضف على ذلك اعتقالات الريتز كارلتون، والتي شملت طبقة رجال الأعمال داخل الأسرة المالكة، وعلى رأسهم؛ الأمير الوليد بن طلال.
وحول تلك الاعتقالات قال مايكل ستيفنز، من معهد مركز أبحاث الخدمات الموحدة الملكي ” Rusi”، لموقع “بي بي سي عربي”: “بعد أن نجا (بن سلمان) من موجة استياء دولية أعقبت اغتيال الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، داخل القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018، لم يصبح لديه ما يخشاه”.
ويضيف: “لقد دعم البيت الأبيض بقيادة (دونالد) ترامب محمد بن سلمان إلى أقصى حد، وكانت بريطانيا وفرنسا معترضتان إلى حد ما، ومع ذلك واصلتا التعامل مع الرياض، أما روسيا والصين فلم يكن لديهما أي اهتمام على الإطلاق”.
وتابع: “كانت رسالة من سلمان ومحمد بن سلمان إلى بقية أفراد العائلة للتوافق، وهو إجراء من شأنه أن يضمن الولاء مع تذكير الجميع بمن هو الزعيم”.
ويضيف: “لا يخطئ أحد في أن محمد بن سلمان هو حاكم المملكة العربية السعودية بشكل لا لبس فيه”.
كذلك قال مصدران على صلة بالعائلة المالكة ودبلوماسي أجنبي بارز لوكالة “رويترز”، إن ولي العهد، الذي “يسعى جاهدا” لإحكام قبضته على السلطة، يخشى من احتمال أن يجتمع أمراء ساخطون حول الأمير أحمد والأمير محمد بن نايف، باعتبارهما البديلين المحتملين لتولي عرش المملكة.
وقال مصدر لوكالة رويترز للأنباء: “هذا تحضير لانتقال السلطة. إنها رسالة واضحة للعائلة بأنه ليس بوسع أحد أن يعترض أو يجرؤ على تحديه”.
– خلافات سياسية:
أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن العائلة المالكة السعودية منقسمة حول العلاقات المستقبلية المحتملة مع إسرائيل بعد الاتفاقيات التاريخية مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين.
ووفقا للتقرير، فقد دخل الملك سلمان بن عبد العزيز في صراع مع نجله، الزعيم الفعلي وولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، حيث قيل إن الأخير يؤيد الخطوة.
وذكرت الصحيفة أن العاهل السعودي لا يزال ملتزما بمقاطعة إسرائيل إضافة الى تبني موقفا قويا لصالح المطلب الفلسطيني بإقامة دولة مستقلة، في حين أن ولي العهد منفتح على التطبيع مع الدولة اليهودية والفرص التجارية التي يمكن أن تجلبها، اضافة الى التنسيق العلني في مواجهة إيران.
وبحسب التقرير الذي نقلته القناة 13 الإخبارية، علم ولي العهد مسبقا بمفاوضات إسرائيل مع الإمارات والبحرين، لكنه لم يخبر والده خوفا من أنه سيحاول تخريب تلك الجهود، وهي خطوة أغضبت الملك. وبحسب ما ورد، علم بن سلمان أن معارضة والده العلنية لاتفاق بين إسرائيل والإمارات يمكن أن تجعل المفاوضات صعبة.
وأصدر الملك تعليماته لوزير خارجيته ليعلن مرة أخرى التزام المملكة بإقامة دولة فلسطينية، وكتب أحد مساعدي الملك مقالا في صحيفة سعودية كرر فيه الموقف المؤيد للفلسطينيين من العائلة المالكة، حسب ما أفاد موقع “والا” الإخباري نقلا عن تقرير “وول ستريت جورنال”.
وبحسب ما ورد، ألمح المقال أيضا إلى أنه كان يجب على الإمارات أن تضغط على الإسرائيليين لتقديم المزيد من التنازلات تجاه الفلسطينيين.
وبموجب مبادرة السلام العربية لعام 2002، التي صاغها العاهل السعودي السابق عبد الله، وافقت الدول العربية على إقامة علاقات مع إسرائيل فقط بعد التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين واقامة دولة على أساس حدود عام 1967.
والتزمت السعودية الصمت بشكل ملحوظ بعد الإعلان عن اتفاقية التطبيع بين إسرائيل والبحرين. لكن يُنظر إلى البحرين على أنها دولة عميلة لجارتها وحليفتها الوثيقة المملكة العربية السعودية، ومن غير المرجح أن تكون الدولة الخليجية الصغيرة قد مضت قدما في التطبيع دون موافقة الرياض.
كل ذلك يؤكد أنه إذا استمر الحال على هذا المنوال الذي يسير فيه “ابن سلمان”، فإن مصير العائلة المالكة هو الزوال، فالخلافات الداخلية قد بدأت في الخروج للعلن، وسط حديث عن هروب أمراء وأميرات للخارج بأموالهم، وتكوين جبهة ضد “ابن سلمان”، كل ذلك يعصف بالأسرة التي حكمت مملكة من أغنى الممالك في العالم لأكثر من قرن وربع، ويجعل مصيرها هو الفناء.