خاص: أصيب الكثير من السعوديين بالذهول من الرد الفاتر الذي خرج عن السلطات السعودية بشأن أزمة حقل “الدرة” مع إيران، فاكتفت السلطات بنشر بيان نقلاً عن “مصدر مطلع” وليست على لسان الوزير أو حتى أحد المسؤولين بالوزارة.

واكتفى المصدر بأن أكد على أن “ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المقسومة، بما فيها حقل الدرة بكامله، هي ملكية مشتركة بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت فقط، ولهما وحدهما كامل الحقوق السيادية لاستغلال الثروات في تلك المنطقة”.

وأضاف المصدر أن “المملكة تجدد دعواتها السابقة للجانب الإيراني للبدء في مفاوضات لترسيم الحد الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة بين المملكة والكويت كطرف تفاوضي واحد مقابل الجانب الإيراني”.

 

– تاريخية أزمة حقل “الدرة”:

يقع حقل الدرة – وهو على شكل مثلث مائي -، في المنطقة المغمورة المشتركة للنشاط الاقتصادي الخاص بين المملكة العربية السعودية والكويت في مياه الخليج العربي، بينما تقول طهران إنه يمتد إلى مياهها.

ويعود الخلاف أساساً إلى عدم ترسيم الحدود البحرية بين الكويت وإيران، وقد يكون لاكتشاف هذا الحقل دور في استمرار الخلاف وتمسك طهران بتلك المنطقة، بينما تؤكد الدولة الخليجية أن الحقل يقع في المنطقة الخالصة المشتركة بينها والسعودية فقط.

وبدأ الخلاف على الحقل في ستينيات القرن الماضي، وقت اكتشافه؛ حيث كان محل تنازع بين إيران والكويت، بشأن استغلال ثرواته من النفط والغاز.

ومنحت إيران، التي كانت تعيش حينها في زمن الحكم الملكي للشاه، امتياز التنقيب والاستغلال للشركة الإيرانية – البريطانية للنفط، في حين منحت الكويت الامتياز لشركة “رويال داتش شل”، وقد تداخل الامتيازان في الجزء الشمالي من حقل الدرة.

وتسبب استمرار الخلاف الحدودي في تأخر الاستثمار واستخراج ثروات الحقل، مع تكرار إيران تأكيدها أن جزءاً منه يقع ضمن مياهها.

وبدأت إيران، في العام 2001، أعمال تنقيب في الحقل؛ مما دفع الكويتيين والسعوديين إلى ترسيم حدودهما البحرية نهائياً، والاتفاق على تطوير الموارد الموجودة في المنطقة معاً؛ ومنها حقل الدرة.

وفي مارس 2022، وقعت السعودية والكويت وثيقة لتطوير حقل الدرة، نصت على أن تقوم شركة “عمليات الخفجي المشتركة”، وهي مشروع مشترك بين “أرامكو لأعمال الخليج” و”الشركة الكويتية لنفط الخليج”، بالاتفاق على اختيار استشاري “يجري الدراسات الهندسية اللازمة لتطوير الحقل، وفقاً لأفضل الأساليب والتقنيات الحديثة، ووضع التصاميم الهندسية الأكثر كفاءة وفاعلية من الناحيتين الرأسمالية والتشغيلية”.

وأثار الاتفاق السعودي الكويتي حينها حفيظة الجانب الإيراني، الذي قال إن الحقل مشترك بين إيران والكويت والسعودية، وإن أجزاء منه في نطاق المياه غير المحددة بين إيران والكويت.

لكن وزير الخارجية الكويتي نفى الادعاءات الإيرانية، وقال في بيان نُشر، في 29 مارس 2022، إن إيران ليست طرفاً في حقل الدرة للغاز الطبيعي؛ لأنه “حقل كويتي سعودي خالص، ولهما وحدهما الحق في استغلاله واستثماره”.

وتُعيد إيران القول بأن “حقل آراش مشترك بالتأكيد مع حقل الدرة”، بحسب ما قاله المساعد الأسبق لوزير النفط الإيراني مهدي حسيني في تصريح سابق.

وأعاد حسيني، في التصريح الذي نشرته وكالة “فارس”، في أبريل 2022، المطالبة بأن نموذج استثمار الحقل بشكل مشترك هو المطلوب، لكنه هدد بأن إيران قادرة على بدء عمليات الحفر في حال “لم تتعاون السعودية والكويت في رسم الخط الحدودي”.

 

– المعارضة السعودية تستنكر:

في بيان له، أعلن حزب التجمع الوطني السعودي المعارض بالخارج، أعلن عن انحيازه لحقوق الشعب ومصالحه، وطالب بالدفاع عنها وحماية الاقتصاد ومصادره الأساسية، منتقدا غياب الإعلام الحر والشفافية في البلاد وفقدان كامل للمراقبة الشعبية والبرلمانية على قرارات فردية لا تهتم إلا بحماية شخص واحد حتى ولو أكلت كل الأرض من الأخضر واليابس.

وأكد الحزب على أن أي خلاف يجب أن يحل عبر محاكم دولية تبعاً للقانون الدولي بشأن الثروات البحرية وليس وفقاً لارتجاليات فرد وطغيانه على حساب الأمة والشعب.

فيما سخر الباحث في الشؤون الخليجية، فهد الغفيلي، من رد الفعل السعودي الرسمي، قائلاً عبر حسابه بـ”تويتر”: “تجاوزت إيران حدودها ببدء التنقيب في حقل الدرة، وهذا ما قد يسبّب غضب ابن سلمان، وإذا غضب ابن سلمان لا تستبعدوا أن يُنتج فيلمًا كرتونيًا جديدًا عن اجتياح طهران كما فعل قبل سنوات!”.

بينما قال الصحفي السعودي المعارض، تركي الشلهوب: “ما فعلته إيران في حقل الدرة يعدُ اغتصابًا لحق الشعب، وتعديًا على الأمن القومي للمملكة، لذلك يجب اتخاذ موقف حازم تجاه هذا التجاوز”.

 

– تدشين حملة شعبية:

فيما قام نشطاء ومعارضون سعوديون بإطلاق حملة شعبية للدفاع عن حق المملكة في حقل الدرة، تحت وسم #نطالب_بالدفاع_عن_حقل_الدرة.

حيث طالب النشطاء من السلطات بالمملكة الدفاع عن ثروات البلاد، وقال حساب “نحو الحرية” الشهير عبر “تويتر”: “حملة شعبية واسعة للمطالبة بالدفاع عن ثروات البلد، لا تفوت فرصة المشاركة فيها وتسجيل موقفك من خلال التغريد عبر الوسم: #نطالب_بالدفاع_عن_حقل_الدرة”.

وشارك الصحفي السعودي المعارض، تركي الشلهوب، في الحملة بقوله: “إيران تقول بكل عنجهية واستكبار: لنا 40% من حقل الدرة ولن نتنازل عن حقنا، إيران ما كانت لتتعامل بهذه الطريقة لولا أنها تعرف بأن ابن سلمان جبان ولن يتخذ مواقف حازمة تجاهها”.

فيما أوضح الباحث في الشؤون الخليجية، فهد الغفيلي، أن “دعوة خارجيتنا لإيران للجلوس على طاولة المفاوضات وترسيم الحدود في منطقة حقل الدرة قد يفسح المجال لقضم إيران جزءً منه في ظل ضعف السياسة الخارجية السعودية ورضوخها لإيران وأذرعها على أكثر من صعيد”.