خاص: بصفتها الزعيم الفعلي لمجموعة أوبك + النفطية، خاطرت المملكة العربية السعودية بغضب الولايات المتحدة عندما قرر منتجو النفط خفض الانتاج، حتى بعد أن سعت إدارة “بايدن” إلى إبقاء يد أوبك مغلولة لمدة شهر مع التركيز على الانتخابات الأمريكية النصفية.
– معركة إرادات:
وأوضح موقع “ميدل إيست مونيتور” في تقرير نشره، أن هذه الخطوة أدت إلى ارتفاع أسعار النفط، ما جعل “بايدن” يتعهد، الثلاثاء، بأنه “ستكون هناك عواقب” على العلاقات الأمريكية مع الرياض، بعد أن دعا العديد من أعضاء مجلس الشيوخ البيت الأبيض إلى تجميد كل التعاون مع السعودية، بما في ذلك مبيعات الأسلحة.
وأشار الموقع إلى عدم تراجع أي من الجانبين في معركة إرادات بشأن النفط، بين ولي العهد السعودي والرئيس الأمريكي جو بايدن، مما وضع ضغطًا شديدًا على تحالف الطاقة مقابل الأمن في بلديهما، على الرغم من أن الانقسام الكامل يبدو غير مرجح.
وقد تأثرت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بسبب هذا القرار سريعًا، حيث كانت البيانات المتبادلة شديدة اللهجة من الطرفين، فكتبت وزارة الخارجية السعودية، على تويتر، الخميس، أن “المملكة ترفض أي إملاءات”، مضيفة أن الرياض تعمل على “حماية الاقتصاد العالمي من تقلبات سوق النفط”.
وفي رد واضح، استخدم المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربي، لغة مباشرة بشكل غير معتاد حول الخلاف، وقال: “يمكن لوزارة الخارجية السعودية أن تحاول الانحراف، لكن الحقائق بسيطة”، مضيفًا أن دولاً أخرى في كارتل النفط أبلغت الولايات المتحدة سرًا أنها “شعرت بأنها مضطرة لدعم الاتجاه السعودي”.
وذكر التقرير أنه على الرغم من التبادلات المحمومة، يواجه الجانبان قيودًا في كيفية الضغط على بعضهما البعض عمليًا، فوفقًا لمقابلات مع محللين وخبراء في الخليج، لن ترغب واشنطن في فعل أي شيء للمخاطرة بأمن قطاع النفط في المملكة، وأي ضرر قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل لولبي وربما يدفع الرياض إلى الاقتراب من الصين وروسيا.
من جانبها، تدرك الرياض أنها لا تستطيع بسهولة تنويع إمدادات الأسلحة لجيشها، الذي تم تجهيزه وتدريبه بأغلبية ساحقة من قبل الولايات المتحدة منذ أن أقام البلدان علاقتهما ذات المنفعة المتبادلة في عام 1945.
ومع ذلك، لفت التقرير إلى أن الخلاف بين الولايات المتحدة والسعودية آخذ في الاتساع مع قيام ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بإعلان أهمية بلاده – وأهميته الخاصة – على المسرح العالمي.
– توتر يؤذن بالخراب:
وتوترت العلاقات بالفعل بسبب موقف “بايدن” من مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، في عام 2018، وحرب اليمن، ومؤخرًا، بسبب تأجيل الولايات المتحدة – بعد تعيين الأمير محمد رئيسًا للوزراء – في منحه حصانة قائمة على المكانة في دعوى قضائية أمريكية بخصوص مقتل “خاشقجي”.
وقال مصدر خليجي طلب عدم الكشف عن هويته لحساسية الموضوع، إن ولي العهد يعتقد أن الإدارة الأمريكية لها أهدافها، ولذلك قرر تحديها وإثبات قوة موقعه داخل المملكة وعدم اهتمامه بالموقف الأمريكي.
وأضاف المصدر: “إنهم يعتقدون أن الأمريكيين لا يمكنهم أن يذهبوا بعيدًا في معاقبة السعودية، لذا فهذه معركة إرادات واتخاذ قرارات سيادية”، متابعًا أن السعوديين اعتقدوا أن بإمكانهم استيعاب خيارات انتقامية أمريكية “محدودة”.
واكتسب محمد بن سلمان بعض النفوذ على المسرح العالمي بعد غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير، حيث شق القادة الغربيون – بمن فيهم بايدن – طريقًا للمملكة لطلب المزيد من النفط من أجل مكافحة التضخم المرتفع وتكاليف الاقتراض المتزايدة.
لكن كعب الرياض هو الأمن، وتقول إنها تواجه تهديدًا من إيران ووكلائها، لا سيما بعد هجمات 2019 التي أضرت مؤقتًا بإنتاج النفط السعودي وهزت أسواق الطاقة، وألقت الرياض باللوم على طهران التي نفت مسؤوليتها.
فيما أكد العديد من المسؤولين السعوديين علنًا أن قرار أوبك + لا علاقة له بالسياسة، لكنه كان قرارًا تقنيًا يعتمد على حماية استقرار سوق النفط في مواجهة التضييق النقدي والمالي العالمي.
– مبيعات الأسلحة
ونقل الموقع عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، حين سئل خلال إحاطة يوم الأربعاء حول إعادة ضبط العلاقة مع الرياض، فقال: “بالتأكيد، لن نرفع أعيننا عن التهديد الذي تشكله إيران ليس فقط على المنطقة، ولكن على العالم ككل”.
من ناحيتها، قالت إليزابيث كيندال، خبيرة الشرق الأوسط في كلية جيرتون في كامبريدج، إن أقصى ما يمكن للولايات المتحدة فعله عمليًا هو وقف مبيعات الأسلحة للسعودية.
وأضافت: “التحدي في هذا هو أنه من المصالح الاستراتيجية والاقتصادية لأمريكا أن تستمر في تزويد السعودية، حتى تتمكن من حماية بنيتها التحتية النفطية … وتجنب (الرياض) إقامة علاقات أوثق مع روسيا والصين”.
وأوضح التقرير أن الرياض ضغطت على واشنطن لتزويدها بمزيد من بطاريات صواريخ باتريوت وإلغاء سياسة بيع الأسلحة الدفاعية فقط، وهو الحد الذي وضعته إدارة بايدن بشأن حرب اليمن.
حيث قال جيريمي بيني، أخصائي دفاع الشرق الأوسط في شركة جينيس، إن السعوديين يعتمدون بشكل أكبر على الولايات المتحدة في القوة الجوية، سواء من حيث القدرات الدفاعية والهجومية.
وقال بيني إنه حتى لو كان السعوديون مستعدين لشطب استثماراتهم الضخمة في المعدات العسكرية الأمريكية، فإن الدول الأخرى ستكافح لتوفير قدرات مماثلة، خاصة الآن بعد أن تكافح صناعة الدفاع الروسية للحصول على التكنولوجيا الرئيسية بسبب العقوبات.