تقرير خاص:

رصدت صحيفة “الإيكونوميست” الأمريكية، في تقرير لها عامًا جديدًا مرّ من حكم ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان”، واصفة إياها بـ”السنة الضائعة”!

بدأت الصحيفة بالتأكيد على أن عام 2020 الذي كان من المتوقع أن يكون عامًا واعدًا لحكم “ابن سلمان”، من الناحية السياسية والاقتصادية، عقب بدء اكتتاب أرامكو في البورصة، وانعقاد قمة العشرين في الرياض وما يعنيه ذلك من تناسي العالم لأزمة “خاشقجي”، والانتهاكات الحقوقية داخل المملكة!

وأوضحت الصحيفة أن عام 2020 انحرف كثيرًا، وذلك بسبب انهيار أسعار النفط، وانتشار جائحة فيروس “كورونا” المستجد، واعتقالات الأمراء، وتصاعد الحرب في اليمن، وغيرها من الأزمات.

وقال التقرير: “إلا أن الأمور في الفترة الأخيرة لا تسير حسب الخطة”، فقد بدأ “ابن سلمان” في سجن أمراء وموظفي خدمة مدنية بارزين، وبدأت حرب أسعار النفط، بالتزامن مع تفشي جائحة (كوفيد-19).

الصحيفة أشارت إلى أنه بعيدًا عن كونه مرحلة من الحملة الدبلوماسية الهجومية واجتذاب المستثمرين، فقد يترك عام 2020، المملكة في حفرة اقتصادية ودبلوماسية عميقة!

1- اعتقالات داخل العائلة المالكة:

رأت الصحيفة أن “ابن سلمان” تعدى كل الحدود حين قام باعتقال الأمير “أحمد بن عبدالعزيز”، ووزير الداخلية وولي العهد السابق “محمد بن نايف”، وعددًا من موظفي الخدمة المدنية.

تزامن ذلك مع اتهام سعوديين مقربين من الديوان الملكي للمعتقلين بالتآمر على ولي العهد، رغم عدم وجود ما يشي بالمؤامرة، خاصة أن بعض “المتآمرين” أُفرِج عنهم.

وأوضحت الصحيفة أن تلك الإجراءات الصارمة تنتهك كل مبدأ اتبعه “آل سعود” لمساعدتهم على الحكم والنجاة من الاضطرابات الإقليمية لما يقرب من قرن.

بينما نظر آخرون للاعتقال على أنه تحذير آخر من “بن سلمان” الذي لا يتسامح مع المعارضة، وفق التقرير.

2- حرب النفط:

وتطرقت الصحيفة إلى تلك الحرب الخرقاء التي شنها ولي العهد “المتهور” على روسيا، عندما فشل تحالف “أوبك+”، بالتوصل إلى اتفاق مع روسيا، فضلًا عن تجاوز الأمير أخيه وزير النفط -على ما قيل-، وأمر شركة “أرامكو” بزيادة الإنتاج.

ومع إغراق السوق بالنفط، تراجع سعر البرميل إلى أقل من 30 دولارًا، ولا يزال مرشحًا للهبوط.

يُضاف إلى ذلك أن “بن سلمان” قلق على مستقبل النفط في عالم يحاول فطم نفسه عن عادة استهلاكه، ولو استمرت الأسعار على مستوياتها المتدنية، فقد تضطر السعودية لتعويض نقص بالميزانية قيمته ملياري دولار في الأسبوع.

وخفضت النفقات بنسبة 50 مليار ريال (13.3 مليارات دولار) لتقليل النفقات، وقت أزمة فيروس “كورونا”.

صدرت كذلك أوامر للوزارات بالتخطيط لتقليل النفقات، ولكن بشكل أعمق، وقالت شركات تعهدات البناء إن العقود الجديدة توقفت.

كذلك فإن مشاريع “رؤية 2030″، المقترنة بصورة التحديث والتطوير التي بشر بها “بن سلمان” وباتت بمثابة هوية شخصية له، وتتوخى أساساً تقليل الاعتماد على النفط في تسيير الاقتصاد السعودي، ستتعرض لأشكال شتى من العرقلة أو التعطيل أو التجميد أو حتى الإلغاء جراء العجوزات الناجمة عن انحدار سعر البرميل.

ويبدو أن السعوديين، ليسوا في مزاج التنازل، حتى مع تدمير فيروس “كورونا” للطلب العالمي على النفط.

3- جائحة “كورونا” وأثرها على المملكة:

سارعت السعودية لاحتواء الفيروس عن الدول الأخرى، وبمنتصف مارس/آذار الماضي سجلت 100 إصابة بالفيروس، وقررت وقف الرحلات الدولية، مع تعليق زيارات العمرة إلى مكة، وحجر صحي لآلاف من العائدين في فنادق راقية على حساب الدولة.

ويبدو أن التحرك السريع أثمر فلم تسجل إلا 1.885 حالة، ومع ذلك فالتداعيات الاقتصادية ستكون خطيرة؛ لأن جهود التحول من الاقتصاد النفطي تعتمد على الاستهلاك الخاص.

وقد أدت الأزمة إلى توقف أكثر من 426 ألف عامل سعودي في قطاع التجزئة عن العمل.

وبدأت المملكة في سبتمبر/أيلول الماضي، إصدار تأشيرات سياحية على أمل جذب مئات الآلاف من السياح هذا العام، وهناك قلة ستأتي، وربما توقف الاستثمار.

وأجبر الفيروس السعودية على إلغاء أهم موسم في التقويم السنوي؛ موسم الحج، الذي يبدأ نهاية يوليو/تموز المقبل.

والعام الماضي، شارك في موسم الحج 2.5 مليون حاج، لكن من المستبعد بلوغ هذا العدد مع انتشار فيروس “كورونا”، ولذلك طالب وزير الحج السعودي “محمد طاهر بن صالح”، في المسلمين بالتريث قبل التحضير للحج هذا العام.

وأصدرت مؤسسة تدعمها الحكومة قائمة بالسنوات التي تعطّل فيها الحج، بسبب الحرب وهجمات العصابات والأمراض، وتكلفة تعطيل الحج ستكون باهظة، لأن مكة تعد المساهم الأكبر في الناتج القومي العام بعد النفط.

4 – قمة العشرين (افتراضية)!

أما قمة مجموعة العشرين، فلم تنسِّق المجموعة، وبعد 3 أسابيع من إعلان منظمة الصحة العالمية عن اعتبار فيروس “كورونا” جائحة عالمية، بين أعضائها بخصوص القمة، وستتخاصم أكبر دولتين في المجموعة (الصين والولايات المتحدة) حول من تسبب بانتشار الفيروس.

وحتى مجموعة الدول السبع الكبار، والتي تعتبر أقوى ومتماسكة أكثر، لم تستطع الاتفاق على بيان مشترك بعد إصرار أمريكا على استخدام عبارة “فيروس ووهان” في البيان الختامي، والذي ترفضه الصين جملة وتفصيلا.

ووفق “إيكونوميست”، ربما شاب خروج الأمير من العزلة خلافات أخرى خاصة إن عاد الفيروس هادرا من جديد في الخريف حسبما يتوقع علماء الأوبئة، وعندها لن تعقد القمة في قصر مذهب، بل عبر الكاميرا (زووم).

وتأسست مجموعة العشرين في 1999، بهدف تفعيل التعاون لمواجهة الأزمات العالمية، وتضم بلدانها ثلثي عدد سكان العالم، فيما تمثل 90% من إجمالي الناتج العالمي.

ونهاية الشهر الماضي، استضافت المملكة قمة استثنائية شكلا ومضمونا، ترأسها العاهل السعودي الملك “سلمان بن عبدالعزيز”، لبحث جائحة فيروس “كورونا” وتداعياتها.

وشارك في القمة عبر تقنية الفيديو كونفراس، زعماء وقادة الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا والأرجنتين وأستراليا وتركيا والبرازيل والصين وإندونيسيا وفرنسا وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية والهند وبريطانيا وإيطاليا واليابان وكندا والمكسيك وروسيا والسعودية ومفوضية الاتحاد الأوروبي.

وخلت القمة التي استضافتها السعودية للمرة الأولي عربيا، من المظاهر التقليدية لسابقاتها، كاللقاءات الثنائية والهمسات الجانبية وتبادل الابتسامات والمصافحات بين القادة، حتى العشاء الفاخر الذي يكون زاخرا بالأطباق التقليدية للدولة المضيفة، وفوق كل ذلك الصورة الجماعية لأعضاء المجموعة.

واستغرق الاجتماع الافتراضي لقادة الدول العشرين حوالي 90 دقيقة فقط، بدلا من أن يستغرق يوما كاملا كالمعتاد.

لكن بالنسبة للمملكة بشكل عام، وولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” بوجه خاص، لم يكن خروج القمة بهذا الشكل هو ما كانت المملكة تأمله عندما تم الإعلان عن استضافتها للقمة في وقت سابق العام الماضي.