تقرير خاص
تعتبر المعارضة هي المسمار الذي يقض مضاجع أي حاكم سلطوي، سواء في عالمنا العربي أو غيره من الدول التي تعتمد على نظام الحكم القمعي، وبسبب القمع والانتهاكات التي تمارسها الأنظمة يلجأ الكثير من المعارضين في مثل تلك الدول السلطوية للخروج منها ومعارضة أنظمتها من الخارج، إما باللجوء السياسي لإحدى دول العالم الحر، أو الحصول على إقامة فيها.
وفي عهد “ابن سلمان” زاد عدد السعوديين الذين اضطروا للهروب من المملكة وطلب اللجوء السياسي بشكل مطرد، بسبب سياسات القمع التي ينتهجها “ابن سلمان”، والتي تمثلت في اعتقالات متوالية، وتعذيب مستمر داخل أقبية السجون، وتهديد للأسر نساءً وأطفالاً دون مراعاة لحرمة ذلك الأمر داخل المجتمع السعودي.
وحتى من استطاع الهرب منهم للخارج لم يسلموا من يد “ابن سلمان” الباطشة، فمنهم من قتل بالفعل، ومنهم من تعرض لتهديدات بالقتل، ومنهم من تمت ضده خطط للقبض عليه ولكنها فشلت لسبب ما، ناهيك عن التجسس المتبع بشكل منتظمة مع الجميع.
1- الاغتيال :
يعد الصحفي المغدور به “جمال خاشقجي” هو المعارض الذي تم قتله بدم بارد خارج حدود المملكة فعليًا وإن كان تم على أرض سعودية داخل القنصلية السعودية بإسطنبول في تركيا، بيد رجال تابعين مباشرة لولي العهد اليافع، والتي تم الكشف عنها في الثاني من أكتوبر 2018،
وظل مقتله غير رسمي، حتى صدر بيان من النيابة العامة السعودية في 20 أكتوبر 2018، أثبت الحادثة وكشف عن ظروف الوفاة.
وكان “خاشقجي” شوهد آخر مرة في 2 أكتوبر 2018، وهو يدخل مبنى القنصلية السعودية في إسطنبول لاستخراج أوراق ترتبط بزواجه المقبل، وقالت خطيبته خديجة جنكيز التي كانت في انتظاره بالخارج، إنه لم يخرج قط وذكرت مصادر تركية أنها تعتقد أن “خاشقجي” قد قُتل داخل القنصلية.
في السياق ذاته؛ أعلنَ مصدر مقرب من الحكومة التركية لوكالة “فرانس برس” أن الشرطة التركية “تعتقد في استنتاجاتها الأولية، أن الصحافي السعودي جمال خاشقجي قُتل في القنصلية بأيدي فريق أتى خصيصًا إلى إسطنبول وغادر في اليوم نفسه”.
وأوضحت الشرطة التركية أن فريقًا من السعوديين توجه إلى القنصلية السعودية في إسطنبول عندما كان جمال خاشقجي موجودًا فيها، وأن الأخير لم يغادر أبدًا الممثلية الدبلوماسية التي زارها بغرض إجراء معاملات إدارية، وعلى النقيض من ذلك، نفى مصدر مسؤول – لم يُكشف عن اسمه – في القنصلية العامة للسعودية في إسطنبول هذه التقارير في البداية، وبحسب ما أوردت وكالة الأنباء السعودية حيث قال: “هذه اتهامات عارية عن الصحة، هذه التصريحات لم تصدر من مسؤولين أتراك مطلعين أو مخول لهم التصريح عن الموضوع”.
لتعود المملكة وتعتقل صباح 20 أكتوبر، 18 شخصًا سعوديًا على ذمة التحقيق، بينما حُقّق مع ثلاثة متهمين آخرين حتى تاريخ 15 نوفمبر 2018، وأعلنت المملكة عن التزامها بتقديم جميع المتهمين إلى العدالة، ومحاسبة جميع المتورطين «بالحادثة»، فيما أعلن البيت الأبيض في بيانٍ رسمي عن مواصلة الولايات المتحدة متابعة التحقيقات على المستوى الدولي في مقتل جمال خاشقجي، وقد رحّب الرئيس الأمريكي بالإعلان السعودي، فيما أعلن مصدر سعودي لـرويترز أن ولي العهد السعودي “لم يكن لديه علم بعملية خاشقجي”، كاشفًا عن عدم وجود أي “أوامر بقتله أو حتى بالتحديد خطفه ولكن هناك أمرًا دائمًا من رئاسة الاستخبارات بإعادة المعارضين للمملكة” بحسب تعبيره.
كما صرح وليّ العهد نفسه في مقابلة سابقة مع وكالة بلومبيرغ: “ما أعرفه هو أنه دخل وخرج بعد دقائق قليلة أو ربما ساعة، أنا لست متأكدًا، نحن نحقق في هذا الأمر من خلال وزارة الخارجية لمعرفة ما حدث بالضبط في ذلك الوقت”، وفي لقاء مع نورا أودونيل بث في 29 سبتمبر 2019، على شبكة سي بي إس الأمريكية، قبيل الذكرى السنوية الأولى لمقتل “خاشقجي”، صرّح “ابن سلمان” بأنّ عملية قتل جمال خاشقجي “جريمة بشعة”! لم تأمر القيادة السعودية بها، لكنّه مع ذلك يتحمل “المسؤولية الكاملة” عنها، ذلك أن حادثة القتل جرت في “ظل إدارته”!
كما أكد “ابن سلمان” ألا مصلحة للحكومة السعودية بقتله، وأن الخطر الذي يتهدّد السعودية هو من هذه “الجريمة البشعة التي استهدفت صحفي سعودي في قنصلية سعودية”، مضيفًا لا يمكن تصوّر “الألم” الذي صنعته هذه الجريمة، خصوصًا لدى قيادة وحكومة المملكة العربية السعودية!
لتتوالي بعد ذلك فصول المسرحية، بإعلان أحكام أعدام ومؤبد وبراءة للمتهمين الـ18، ليأتي الفصل الأخير بعفو ولي الدم نجل “خاشقجي”، صلاح خاشقجي، على المتهمين!
2- تهديدات بالقتل:
– غانم الدوسري:
في يناير 2020، أعلن الناشط السعودي المعارض المقيم بلندن، غانم الدوسري، زيادة من الشرطة الانجليزية، لتبلغه بوجود تهديد على حياته، ويتابع “الدوسري” قائلاً: “والآن أعيش بحماية الشرطة التي لم تفصح عن الجهة التي تهدد حياتي، لكنني أعتقد أن مصدر التهديد هو النظام السعودي؛ فالعديد من المعارضين تتم مراقبتهم من قِبل ولي العهد (محمد بن سلمان)”.
واضاف “الدوسري” أنه تعرض لاعتداء من قِبل سعوديين في العاصمة لندن التي يعيش فيها، مشيرًا إلى وجود أشخاص يراقبون تحركاته.
– عمر بن عبد العزيز:
مؤخرًا، أعلن الناشط والمعارض السعودي البارز، عمر عبد العزيز، أن السلطات الكندية حذرته من تهديد وشيك من قبل حكومة بلاده، داعية إياه لأخذ الاحتياطات لحماية نفسه.
وقال عبد العزيز (29 عامًا) الذي يعيش في كندا، في تصريح لصحيفة “الغارديان” البريطانية: “السلطات الكندية تلقت بعض المعلومات بشأن وضعي وأنه يمكن أن أكون هدفًا محتملاً (للسعودية)”، مضيفًا أن “محمد بن سلمان وجماعته أو فريقه يريدون إيذائي. يريدون فعل شيء، لكن لا أعرف ما هو، ربما يكون اغتيالي أو خطفي”.
ولفت “عبد العزيز” إلى أنها المرة الأولى التي يتم فيها استدعائه بشكل مباشر من قبل الشرطة الكندية الملكية. وقال: “سألوني ما رأيك بالأمر؟!”، فأجبتهم ضاحكًا بأني سعيد لأني أشعر بأني أقوم بشيء ما. أنتم تعرفون أنه حينما لا تفعلون شيئًا يزعج محمد بن سلمان، يعني أنك لا تعمل بشكل جيد”.
– غادة الفضل:
في نوفمبر 2019، كشفت اللاجئة السعودية التي لجأت إلى اليونان بعد تأزم وضعها في المملكة هي وأسرتها “غادة الفضل”، عن تعرضها لتهديدات من قبل سفارة بلادها باليونان.
وقالت “الفضل” عبر حسابها بـ”تويتر” إنه في حال اختفائها فإنها تتهم السفارة السعودية في اليونان بالوقوف وراء ذلك.
كما أكدت تلقيها مكالمات من سفارة الرياض بأثينا ينتحل المتحدثون فيها اسم منظمة أو مسؤولين لزيارتها في المنزل، مضيفة: “أنا مهددة في أي وقت من هذا النظام الظالم”.
وكانت “الفضل” غادرت السعودية في “29/8/2010″، “بسبب تضييق هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والاعتداء عليها والتهجم على مصدر رزقها “محل نسائي خاص”، مشيرة إلى أنه قد تم توجيه تهمة الاحتفال بمولد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) إليها، والاعتداء عليها شخصيًا وإغلاق محلها ومصدر رزقها”، حسب قولها.
وأضافت أنها “هاجرت إلى سوريا وتزوجت من شخص يحمل جنسية أجنبية”، لافتة إلى أنها عادت إلى السعودية قبل بدء الحرب في سوريا وهي “حامل في الشهر الرابع لتوثيق الزواج من وزارة الداخلية السعودية وتم الرفض وأخبروني بأن أعود إلى سوريا لتحديد “نسل الطفل”.
وأشارت المواطنة إلى أنها لجأت إلى منظمة حقوق الإنسان في الرياض، وتواصلت مع شخص يدعى “سلطان”، وعندما أخبرته بمشكلتها لمساعدتها في توثيق زواجها، أجابها: “إذا أردتي توثيق زواجك تعالي معي إلى شقة قريبة وبعد ذلك سوف أساعدك في توثيق زواجك”.
– فيصل بن ناصر:
كشف الناشط السعودي المقيم في كندا، فيصل بن ناصر، في مارس 2019، عن تلقيه تهديدات من قبل مجهولين هددوه فيه بالقتل والتصفية إن لم يتوقف عن انتقاد سياسات النظام السعودي، و”آل سعود”.
وأوضح “ناصر” أنه تلقى اتصال من داخل كندا في 18 مارس / آذار الحالي، وأن “التهديدات هذه المرة جدية”، في إشارة منه إلى أنه تلقَّى تهديدات من قبل، وقال إنه يعتقد بجدية هذا التهديد لأنه “تم استخدام رقم من داخل كندا وليس مجرد رقم خارجي”.
وطالب المعارض السعودي السلطات الكندية بحماية حياته، على اعتبار أنه “هنا في كندا للحماية وليس لموتي”.، وبعد ساعات عاود “ناصر” التغريد موجهًا شكره لكل من سألوا عنه وقال إن الشرطة متواجدة بالقرب منه، وتم تسليم رقم الشخص الذي اتصل به يهدده، وعبَّر عن شعوره “بتواجد أمني كثيف حولي”، وأكد أنه بخير “لغاية الآن”، وأنه لن يخاف التهديد “وبإذن الله بطلع اقوى وراح يحاسب المهدد”.
يتبع…