تقرير خاص

ويستمر مسلسل الموت البطيء للمصلحين داخل أقبية الزنازين والمعتقلات في المملكة، وينضم لقافلة الضحايا الداعية المحتسب الشيخ “فهد بن سليمان القاضي”، والذي أعلن حساب “معتقلي الرأي”، الأربعاء، وفاته داخل محبسه بسجن الملز، بعد صدور حكم جديد بالسجن عليه لمدة 6 سنوات الشهر الماضي، رغم صدور قرار نهائي بالإفراج عنه منذ يناير 2017.

وقال “معتقلي الرأي” في تغريدة له: “تأكد لنا خبر وفاة الشيخ المحتسب فهد القاضي في السجن يوم أمس”، مقدمًا التعازي لأسرته ومحملاً في الوقت ذاته السلطات السعودية المسئولية الكاملة عن حياته.

بينما أكد الخبر مصادر من داخل أسرة الشيخ الراحل، منهم نجله “عبدالله” الذي قال في تغريدة بحسابه على تويتر: “رحم الله الوالد الشيخ فهد بن سليمان القاضي رحمة واسعة، وتقبل الله دعاءكم”.

كما نعاه صهره وابن عمه “أ.د/ أحمد القاضي” قائلاً: “إنا لله وإنا إليه راجعون.. اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيرًا منها.. توفي البارحة صهري وابن عمي فضيلة الشيخ المحتسب فهد بن سليمان بن محمد القاضي صابرًا محتسبًا.. اللهم اغفر لأبي عبد الله وارفع درجاته في المهديين واخلفه في عقبه ونور له قبره وافسح له فيه”.

وفي وقت لاحق؛ خرج “أ.د/ أحمد القاضي” مؤكدًا عبر تغريدة أن الصلاة على الشيخ المحتسب “القاضي” حدد لها أن تكون بعد صلاة العشاء الأربعاء ١٦/ ٣/ ١٤٤١ في جامع الراجحي في الرياض.

من هو الشيخ المحتسب “فهد القاضي”؟

والشيخ “فهد القاضي” هو باحث شرعي ومحتسب بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تم تصفيتها من قبل ولي العهد “ابن سلمان” في محاولة لتنفيذ مخططه التغريبي للمجتمع السعودي، واعتقلته السلطات السعودية في سبتمبر 2016، على خلفية خطاب نصيحة سري وجهه للديوان الملكي معترضًا، وتم احتجازه في سجن الملز السيئ السمعة.

وكان الشيخ “القاضي” قد وجه رسالة مناصحة قبل ذلك في 2013 إلى وزير التربية السعودي آنذاك، معترضًا على سياسة الوزارة في تعليم الفتيات، وعنوانها “ذوات الخدور وصهوات الخيول”.

ولا ينسى كل من حضر جيل الصحوة، مشهد الشيخ “القاضي” في إحدى دورات معرض الرياض للكتاب، حين وقف أمام الكاميرات ممسكًا كتابا بيديه منتقدًا وجوده وسط الكتب المعروضة لما يحتويه من إساءات للذات الإلهية، ولم يفت في عضده التواجد الأمني أو حضور كبار المسئولين، بل قال كلمته مدوية وصدح بالحق.

وكشف حساب “معتقلي الرأي” في أواخر شهر أكتوبر الماضي، عن صدور حكم ضد الشيخ بالسجن لمدة 6 سنوات، رغم مرور أكثر من عامين على تبرئته في يناير 2017 ورد محكمة سعودية لدعاوى المدعي العام، وتأكيد أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونوه الحساب على أن القاضي “نبيل الجبرين” هو من أصدر الحكم الجائر على الشيخ الراحل.

 

شهادات للتاريخ حين تم إلقاء القبض عليه:

وذكر العديد من العلماء والدعاة لحظة القبض على الداعية المحتسب الشيخ “فهد القاضي” في 2016 مآثره وفضائله، كشهادة للتاريخ بحق هذا الرجل الذي قال كلمته ثم مضى مثل من كانوا قبله من العظماء، ومن ضمنهم أ.د/ “ناصر العمر” الذي قال وقت القبض عليه: “عرفت أخانا فضيلة الشيخ فهد بن سليمان القاضي مثالاً بطالب العلم الغيور على دينه وبلده، قائمًا بالاحتساب، موجهًا طلابه للأخذ بالرفق والحكمة”.

بينما قال “د.محمد البراك” عنه: “الشيخ فهد القاضي.. عرفته عن قرب، قل أن ترى له نظيرًا في العبادة والاستقامة والخلق أحسبه من أولياء الله المخبتين ولا أزكيه على الله”.

وغرد “أ.د/ يوسف الشبيلي” قائلاً: “الشيخ الفاضل فهد القاضي من خيرة من عرفت تعقلاً وحكمة ورفقًا في الإصلاح، وإيقافه وأمثاله سيفتح الطريق للمتهورين من الشباب المتحمسين”.

والناشط “خالد الخليوي”: اعتقال الشيخ فهد القاضي، ليس الخوف على الشيخ – بحمد الله – وإنما الخوف على من اعتقله من حرب الله له.. أو سكت عن اعتقاله، وهو قادر على نصره

قالوا عن وفاته:

وغرد العديد من السعوديين عقب انتشار خبر وفاة الشيخ “فهد القاضي” داعين له بالرحمة والمغفرة، مذكرين بدوره في الاحتساب لولاة الأمور، وكان على رأسهم الداعية البارز “إبراهيم الدويش”، الذي قال مغردًا: “#وفاة_الشيخ_المحتسب_فهد_القاضي.. اللهم اغفر له وارحمه، وارفع درجته في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وأسكنه جنة الفردوس، وأحسن الله العزاء للجميع ولأهله وأولاده وبناته ومحبيه، ورزقهم الصبر والرضا”.

بينما نعاه الصحفي السعودي المعارض بالخارج “تركي الشلهوب” قائلاً: “جريمة جديدة.. وفاة الشيح فهد بن سليمان القاضي داخل سجون محمد بن سلمان بسبب التعذيب والإهمال الطبي !!!لا حول ولا قوة إلا بالله”.

وغرد أحد تلاميذه ويُدعى “أحمد بن كريم الشمري” قائلاً: “من عام١٤١٦ عندما كنت طالبًا عند الشيخ في الثانوية إلى اليوم، أقسم بالله لم تر عيني أصدق لهجة، ولا أسرع دمعة، ولا أزهد في الدنيا، ولا أكثر عبادة، ولا أحرص على صلاح أمته، ولا أشجع في الحق، ولا أكثر تواضعًا للخلق منه”.

وقالت “أروى الزامل”: “إنّ العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنّا على فراقك ياشيخنا لمحزونون.. عزائي لخالتي عزائي لبنات خالتي عزائي لكل أمتي فقد كان مصلحاً آمرا بالمعروف ناهياً عن المنكر حاملاً همّ الدعوة إلى الله قدِم إلى ما قدّم..وما زلنا بالإمكان فلنري الله من أنفسنا خيرًا”

وختامًا فإن وفاة الشيخ المحتسب “فهد بن سليمان القاضي” ليست الأولى في مسلسل قتل العلماء والدعاة والمصلحين داخل سجون المملكة، ولقد سبقه الداعية الشيخ “د. أحمد العماري” وغيره كثيرون، قضوا نحبهم وهم على ثغور الحق، فهل ستستمر تلك المهزلة وسط سكون من الداخل، وصمت عالمي مريب؟!