يواجه المعارضون السعوديون المقيمون في الولايات المتحدة الأمريكية حملة تهديد ممنهجة بالقتل والمراقبة الجسدية، وفي بعض الأحيان يُحرمون من الخدمات في قنصلياتهم.
وقالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية إن السلطات السعودية تستخدم التهديدات واحتجاز الرهائن والمحاكمات، لإسكات المعارضين، والنشطاء الحقوقيين على الأراضي الأمريكية.
ونبهت الصحيفة إلى تقرير صادر عن “مبادرة الحرية” الحقوقية الدولية أبرزت فيه أن السعودية أصبحت “أكثر إبداعًا وجرأة” في الأساليب المستخدمة لاستهداف المعارضين في الخارج.
وفي تحقيق استقصائي أجرته “مبادرة الحرية”، أوضح 72 فردًا لهم “علاقات شخصية أو مهنية” بالسعودية ومصر وعدد كبير منهم من مواطني الولايات المتحدة وأفراد من مجتمعات الشتات، بالتفصيل “الجهود التي تبذلها الحكومتان لترهيب المعارضين والمنتقدين في الولايات المتحدة”.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن السعودية كذلك احتجزت أو فرضت حظرا على السفر بشكل غير قانوني على مواطني الولايات المتحدة.
وأفاد 8 مشاركين في استطلاع أجرته المنظمة الحقوقية أن السلطات السعودية احتجزت أو أخفت أفراد عائلاتهم، قال 4 إنهم تعرضوا للتتبع أثناء وجودهم في الولايات المتحدة، وأفاد 5 بتلقي مكالمات هاتفية أو رسائل تهديد.
ونقل التقرير عن عبدالله العودة مدير “مبادرة الحرية”، وهو سعودي يعيش في الولايات المتحدة، إنه يتلقى بانتظام تهديدات لحياته على وسائل التواصل الاجتماعي من مستخدمين يشتبه في أنهم يتصرفون بأمر من الحكومة السعودية.
وفي أحد التعليقات على “تويتر” هذا الأسبوع، لقطة شاشة شاركها العودة مع “واشنطن بوست”، غرد مستخدم تم تعليق حسابه منذ ذلك الحين: “أتمنى أن تعود إلى السعودية، وسيكون الشعب السعودي في انتظارك، وسيتم شنقك على أعمدة الإنارة في المطار، وهو الحكم الذي يستحقه كل خائن”.
يقول العودة: “لا أعتقد أنهم يمزحون على الإطلاق”، خاصة بعد أن “أفلتوا من العقوبة على القتل” في قضية (الصحفي جمال) خاشقجي.
وأثار القتل المروع وتقطيع أوصال المعارض السعودي وكاتب العمود في صحيفة واشنطن بوست جمال خاشقجي على يد مجموعة من القتلة داخل القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018، غضبا عالميا، إلى جانب الاهتمام بالهجمات على المعارضين خارج البلدان التي ينتقدونها.
وخلصت وكالة المخابرات المركزية بعد الاغتيال إلى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمر بها، في عهد الرئيس دونالد ترامب، فرضت وزارة الخزانة عقوبات على 17 شخصا قالت إنهم متورطون.
كما أعلنت وزارة الخارجية عن قرار حظر خاشقجي، وهو إجراء لفرض قيود على التأشيرات على الأفراد الذين يقومون، نيابة عن حكومة أجنبية، بأعمال قمع عابرة للحدود تستهدف الصحفيين أو النشطاء أو غيرهم من المعارضين.
وفي العام الماضي، أنشأ مكتب التحقيقات الفيدرالي “مركز اندماج” لتنسيق جهود الوكالة بهذا الشأن.
وتعلق الصحيفة بالقول إن هذه التكتيكات تجعل المعارضين المصريين والسعوديين يشعرون بعدم الأمان، بغض النظر عن المكان الذي يعيشون فيه في العالم.
وأفاد العديد ممن شملهم الاستطلاع أنهم عانوا من مشاعر العزلة أو الكوابيس المتكررة، أو قالوا إنهم غيروا خطط عملهم أو دراستهم.
وتتابع: “لم تغير الولايات المتحدة سياساتها تجاه مصر أو السعودية بشكل جذري ردا على قمعهما للمعارضين في الداخل والخارج، وحافظ (الرئيس السابق دونالد) ترامب على علاقات وثيقة مع السيسي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، حتى بعد مقتل خاشقجي.”.
وخلال الحملة الانتخابية، وعد الرئيس جو بايدن بمحاسبة القاهرة والرياض على انتهاكات حقوق الإنسان، وتعهد بعدم تقديم ”شيكات على بياض” للسيسي وجعل السعودية “منبوذة” ردا على اغتيال خاشقجي.
لكن التقرير يقول إن إدارة بايدن والمشرعين الأمريكيين لم يبذلوا جهودا كبيرة للحد من القمع العابر للحدود من قبل الحلفاء (مصر والسعودية على وجه الخصوص) على الأراضي الأمريكية أو ضد المواطنين الأمريكيين.
وتدعو الصحيفة إلى تصنيف القمع العابر للحدود الممارس من السعودية باعتباره جريمة بموجب قانون الولايات المتحدة.
والشهر الماضي، قدمت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين بقيادة السيناتور جيف ميركلي (ديمقراطي) والسناتور ماركو روبيو (جمهوري من فلوريدا) مشروع قانون لتحقيق هذه الغاية.