خاص: رغم العنف الذي تواجهه المعارضة السعودية سواء داخل المملكة أو خارجها من قبل النظام الغاشم، والذي استعرت مواجهته بعد اعتلاء “محمد بن سلمان” لمقعد ولاية العهد، إلا أنه لا يزال للحق صوت، يستحق أن يُبرز أمام سيل التزييف والاتهامات الملفقة التي يتقن النظام السعودي لصقها بكل من يعارضه.
وسنحاول في هذه الزاوية استعراض أهم وأبرز الأنشطة المناهضة لاستبداد النظام السعودي، والقضايا التي يتبناها النشطاء والأكاديميون والمثقفون السعوديون في مختلف دول العالم، في محاولة لإطلاع القارئ على جهودهم في التصدي لمشروع “ابن سلمان” السلطوي الاستبدادي.
الحكم على الاقتصادي عصام الزامل بالسجن 15 عاما:
جاء إعلان حساب “العهد الجديد” على “تويتر”، والمشهور بمصداقية تسريباته، عن إصدار المحكمة الجزائية المتخصصة بالرياض (محكمة الإرهاب)، حكمًا “قاسيًا” على الاقتصادي المعتقل، عصام الزامل، كخبر مزلزل للأوساط السعودية المعارض، وذلك لأن “الزامل” لم يكن معارضًا بالشكل المعروف، ولكنه كان محايدًا في طرحه العلمي والاقتصادي لقضايا بلده.
وكان “العهد الجديد” ذكر في تغريدة له أن المحكمة الجزائية أصدرت حكمًا على “الزامل” بالسجن لمدة 15 عامًا.
وأوضح الحساب أن الحكم هذا جاء على خلفية عدم نشره للقاء أجراه مع ولي العهد السعودي، الأمير “محمد بن سلمان”، وكان مقررًا بثه عبر حساب “الزامل” على تطبيق “سناب شات”.
ولم يفصح “العهد الجديد” عن تفاصيل اللقاء الذي لم يُذع، ولا أسباب عدم إذاعته.
وعلقت الأكاديمية السعودية المعارضة، حصة الماضي، على ذلك الحكم بقولها: “لو كان عصام الزامل في دولة تقدر الكفاءات؛ لوجدناه في أعلى المناصب، ولكنه للاسف في دولة قمعية تزج بالعقول النادرة في المعتقلات”.
بينما قالت الصحفية اللاجئة بهولندا، ريم سليمان: “لا أعتقد أنني سأتمكن من النوم بعد سماع خبر الحكم على عصام الزامل بالسجن ١٥ سنة، يا وجع قلبي عليك”.
وقالت “ريم” متابعة: “الغريب في قصة عصام الزامل، أن الملك وولي عهده، وجداه طاقة وكفاءة تستحق التقدير والتقديم، وعلى هذا تم تكريمه من قبلهم. ثم ما الذي تغير فيك يا وطني، لتزج خيرة كفاءاتك في السجون، وتقمع صوت الإصلاح في البلد، قلب مكسور”.
وفي مقطع مصور نشره على حسابه بـ”تويتر”، أكد الناشط السعودي المعارض، عمر بن عبد العزيز، أن اعتقال “الزامل” لم يكن لمجرد أنه قام بعمل حوار مع ابن سلمان ولم ينشره فقط، ولكن عصام الزامل هو أول واحد وبكل أدب وبأخلاق أهل عنيزة يعطي كف بأدب لأبن سلمان وهو يبتسم بأسلوبه، على حد قوله.
وأضاف “ابن عبد العزيز” أن “الزامل” قال لأبن سلمان بشكل غير مباشر: “رؤيتك هذه كلام فاضي، والشعب يثق في الزامل ويصدق كلامه، الأمر الثاني أن الزامل بعد لقائه بابن سلمان لم يخرج كما فعل الكثيرون ليقول سعدت قبل قليل، ولم يطبل لابن سلمان”.
في حين علق الأكاديمي السعودي المعارض، عبد الله العودة، على هذا الحكم بقوله: “النبيل الوطني الاقتصادي عصام الزامل يحاكم، ويعتقل، ويؤذى لأنه مواطن زيادة عن اللزوم، لأنه أهم وأكثر حبًا للشعب من ماكينزي وأخواتها، لأنه يحب الناس والشعب ويكره الفساد والاستبداد. عصام، قصة شخص كرّس نفسه وحياته للوطن، سيخلّده الوطن، وسنحتفل بحريته بإذن الله ولوكره الحاقدون”.
لقاء “بندر بن سلطان” وهجومه على الفلسطينيين:
وجه الرئيس السابق للاستخبارات السعودية وسفير الرياض السابق لدى الولايات المتحدة، الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز، انتقادات حادة لقيادة السلطة الفلسطينية، بسبب رفضها قرار دولتين خليجيتين التطبيع مع الكيان الصهيوني.
ووصف الأمير “بندر” في مقابلة مع قناة “العربية” المملوكة للسعودية، انتقادات السلطات الفلسطينية لاتفاقي التطبيع الإماراتي والبحريني مع الكيان الصهيوني، بأنه “تجرُّؤ بالكلام الهجين”، مضيفاً أنه “غير مقبول”.
وادعي أن مشكلة القيادات الفلسطينية، من وجهة نظره، هي أنهم “يراهنون دائماً على الطرف الخاسر”، دون أن يذكر هذا الطرف.
واعتبر “بندر” أن “قضية فلسطين عادلة، لكن محاميها فاشلون والقضية الإسرائيلية قضية غير عادلة لكن محاميها ناجحون. وهذا يختصر الأحداث التي وقعت في الـ75 سنة الماضية”.
من جانبه قال الحقوقي السعودي المعارض، عبد الله الغامدي، تعليقًا على المقابلة: “مجمل ما ذكره بندر بن سلطان هو: أن ابن سعود وإن أظهر نصرته أو وقوفه مع قضايا العرب والمسلمين فهو بدافع تخذيلهم ونشر الفرقة بينهم وجرهم ليكونوا تحت راية المشروع الغربي وخصوصاً أمريكا وبريطانيا.. صورة ابن سعود: كالمشرك الذي يقدم القرابين -العرب والمسلمين- لترضى عنه الآلهة -الغرب-“.
في حين قال المعارض السعودي، فهد الغويدي: “ملخص اللقاء:- نحن قدمنا للفلسطينيين كل شيء، والمشكلة فيهم وليست في الاحتلال. الهدف من اللقاء:- محاولة (من ضمن المحاولات) التي تهدف لتغيير فكر المجتمع لتقبل التطبيع”.
من جانبها، قالت الناشطة السعودية المعارضة، علياء الحويطي: “الليله مع أكبر فاسد رعى أكبر صفقة فساد في هذا القرن ويعترف ويتبجح، وابنته حلت مكانه سفيرة في أمريكا ياسلام! لايهم فساده، فهو طويل العمر، وإن جلد ظهرك وسبى عرضك يمون، المنشار يأمر، العربية تنفذ، المذيع يقدم، والمخرج عايز كدا!!! وطبل يامطبل قال مدخلي قال!”.
كما ذكرت الأكاديمية المعارضة، الدكتورة “حصة الماضي”، أن بندر بن سلطان كان سفيراً ليس بكفائته ورجاحة عقله، بل لأنه من آل سعود، متابعة بقولها: “ولاتنسى أن الصبي المراهق محمد بن سلمان يتلاعب به، وبجميع أفراد عائلته من أكبرهم إلى أصغرهم”.
وحلل الناشط السعودي المعارض، عمر بن عبد العزيز، اللقاء في مقطع مصور نشره عبر حسابه بـ”تويتر”، حيث قال: “من كان يتكلم ليس بندر بن سلطان ولكن سعود القحطاني، نفس لغة الخطاب الاستعلائية التي تسعد بها لغة الهاشتجات في المملكة”.
وتابع بقوله: “اللقاء ما فيه شيء جديد، وبداية فبندر بن سلطان يحاول الذباب إظهاره كمحنك سياسي أو استخباراتي، وهو لا شيء ولم يقدم شيء للمملكة، بل لنا أن نقول أن قانون جاستا الذي ستحلب به الولايات المتحدة أموال المملكة بسبب بندر بن سلطان! فالرجل لم يقدم شيء للمملكة سوى أن يحمي أموال ومصالح العائلة المالكة وأقاربه وأصحاب المصالح”.
وأضاف “ابن عبد العزيز”، قائلاً: “الأمر الثاني أن بندر بن سلطان قال في حديثه الذي وجه فيه إهانة للفلسطينيين أن رغبته في الكلام جاءت بعد أن وجهت رموز فلسطينية انتقادات لاتفاقية التطبيع الثلاثية بين الكيان الصهيوني والإمارات والولايات المتحدة، وللإمارات بالتحديد، فما دخلك أنت، فلا قصف الحوثيين لعمق المملكة جعلك تتكلم، ولا اغتيال خاشقجي أيضًا، ولا سجن أعمامك، وتتكلم الآن لأجل الإمارات!”
بينما علق الصحفي، أحمد بن راشد بن سعيد، على الهدف من لقاء “بندر” وهو “حصر قضية فلسطين في العلاقة بين حماس وفتح، واصفًا ذلك بأنه “تقزيم للقضية، واستغلال الخلاف بين الفصيلين للنأي عنها، والاصطفاف مع الكيان”.
وتابع “ابن سعيد” بأن المستفيد من كل ذلك هم المستغلّين لأن حجّتهم داحضة، مضيفًا أن “فلسطين قضية مقدسة، حتى لو تخلّى أهلها عنها، أو اختلفوا بشأنها، فواجب الأمة نصرتُها، وخيانةٌ أن تدير ظهرها لها”.
ادعاءات الذباب الإلكتروني وجود دعم خارجي للمعارضة السعودية:
فخلال الأسبوع الماضي حاول الذباب الإلكتروني التابع للديوان الملكي السعودي، إلصاق تهمة العمالة للمعارضة السعودية بالخارج، وذلك بعد إطلاق رموزها لحزب سياسي، ومنصة حقوقية لمتابعة الانتهاكات داخل المملكة ضد حقوق الإنسان.
وروج الذباب أن ولي العهد السعودي “ابن سلمان”، أمر سفراءه بالولايات المتحدة، وبريطانيا، بالتحري حول وجود دعم مادي ولوجستي للمعارضة، وهل هناك مسئولون من البلدين وراء تحركات المعارضة السعودية الأخيرة.
وقال يحيى عسيري، الأمين العام لحزب “التجمع الوطني”، لوكالة “فرانس برس”: “نعلن انطلاق هذا الحزب في لحظة حرجة لمحاولة إنقاذ بلادنا.. لتأسيس مستقبل ديمقراطي والاستجابة لتطلعات شعبنا”.
ومن غير المعروف إن كانت هذه التحركات المعارضة تحظى بدعم أو تأييد داخلي أم لا. لكن الأكيد أن حملة تكميم الأفواه التي طالت جميع المعارضين سيكون لها مردودها السلبي في داخل البلاد.
كما أن هذه التحركات تتزامن مع تصاعد قضية المسؤول المخابراتي السعودي السابق سعد الجبري، الذي قلب الطاولة إلى حد ما على الحاكم الفعلي للرياض، بعدما اتهمه بمحاولة قتله مرتين على غرار خاشقجي، وقدم شكوى ضده أمام محكمة أمريكية.
بينما يرى المعارض السعودي، عبد الله الجريوي، أن المعارضة السعودية موجودة في الخارج والداخل منذ قيام الدولة السعودية الثالثة، ولكن تختلف الأسماء والأهداف.
واعتبر أنه “بالنسبة لواشنطن ليس لها علاقة في عمل المعارضة في الموافقة أو الرفض”، في إشارة لغياب التنسيق أو أخذ الضوء الأخضر من الولايات المتحدة على تشكيل الأحزاب المعارضة خارج المملكة.
وأوضح أنه “متفائل جداً بهذا الحزب الذي خرج في لحظة حرجة شعر فيها البعض بالإحباط من مستقبل الوطن، فتشكيل حزب مثل حزب التجمع الوطني الذي يجمع الآن عدداً كبيراً من المعارضين السعوديين في الخارج، ولديه مشروع وطني واضح، مؤشر جيد ومطمئن سواء لشعبنا في الداخل أو لدول العالم، وحتى المعارضين الجدد بوجود تشكيل يجمع الأغلبية تحته ويوحد عملهم ورؤيتهم لمستقبل الوطن وإنقاذه”.
وتابع بالقول: “بالطبع إذا كانت السلطة السعودية تستهدف المعارضين وهم أفراد فكيف في حال توحدهم في مشروع وطني ديمقراطي واضح جامع لجميع فئات المجتمع دون تمييز فئة على أخرى أمام تخبط وتناقض السلطة السعودية نفسها؟ فضلاً عن أنها لا تملك مشروعاً وطنياً حقيقياً”.
انتشار ظاهرة المناشدات للملك وولي عهده:
خلال هذا الأسبوع لفت انتشار ظاهرة المناشدات التي يواجهها مواطنون سعوديون يتعرضون لظلم ما، للملك وولي عهده، نظر العديد من المعارضين السعوديين، واصفين ما يحدث بأمه مهزلة، فالمظلوم يلجأ للظالم من أجل أن يحميه من ظلمه! مطالبين المواطنين بالتجمع حول مطالبهم المشروعة والدفاع عنها بكل ما آوتوا من قوة.
فمن جانبها قالت الناشطة المعارضة، علياء الحويطي : “أنا فخورة بالحويطات عندما أنشأوا وسم #الحويطات_ضد_ترحيل_نيوم ، فلم يقولوا نرجو ولا نناشد، بل (ضد) واضحه وضوح الشمس اثبات الحق ورفض الظلم. وهذه كلمة حق أمام سلطان جائر، ولازال الوسم محارب وتختفي منه التغريدات!!”
في حين قال الناشط السعودي المعارض، ماجد الأسمري، عبر حسابه بـ”تويتر”: “أرجو أن يستبدل شعب بلاد الحرمين ثقافة المناشدة “والشحثة”، بـ “كلمة الحق عند سلطان جائر”، وطلب الشهادة في سبيل الله، والدفاع عن الممتلكات الخاصة، ومكتسبات الأمة”.
كما قال الحقوقي المعارض، عبد الله الغامدي: “تخيل معي: إذا كان أفضل الجهاد قول كلمة عدلٍ عن سلطان جائر، فما هو فضل من سعى لايسقاط الحاكم الفاجر الخائن العميل المحارب والمحرف لدين الله عند الله؟ وإذا كان أجر من قُتل دون ماله أو عرضه أو دينه الشهادة، فما هو أجر من قُتل دون أموال وأعراض ودين الأمة عند الله؟”.