خاص: رغم العنف الذي تواجهه المعارضة السعودية سواء داخل المملكة أو خارجها من قبل النظام الغاشم، والذي استعرت مواجهته بعد اعتلاء “محمد بن سلمان” لمقعد ولاية العهد، إلا أنه لا يزال للحق صوت، يستحق أن يُبرز أمام سيل التزييف والاتهامات الملفقة التي يتقن النظام السعودي لصقها بكل من يعارضه.

وسنحاول في هذه الزاوية استعراض أهم وأبرز الأنشطة المناهضة لاستبداد النظام السعودي، والقضايا التي يتبناها النشطاء والأكاديميون والمثقفون السعوديون في مختلف دول العالم، في محاولة لإطلاع القارئ على جهودهم في التصدي لمشروع “ابن سلمان” السلطوي الاستبدادي.

استمرار مسلسل مقاطعة المنتجات التركية :

تصاعدت شكاوى المصدرين الأتراك من أن منتجاتهم واجهت تأخيرات طويلة في الجمارك السعودية، خلال الشهر الماضي، ما كبدهم خسائر كبيرة.

في وقت برر فيه مسؤول إماراتي (رفض الكشف عن هويته) هذه المقاطعة، التي وصفها بـ”غير الرسمية”، وقال إن جائحة فيروس “كورونا” توفر غطاء لهذه الخطوة.

وتنظر هذه الشركات إلى المشاكل على أنها محاولة من جانب الرياض وحليفتها الوثيقة الإمارات، لمعاقبة أنقرة على ما يعتبرونه تدخلات مزعزعة للاستقرار في العالم العربي.

في المقابل، تؤكد الحكومة السعودية أنها لم “تفرض أي قيود على البضائع التركية”، مضيفة أن التجارة بين البلدين “لم تشهد أي تراجع ملحوظ، باستثناء الأثر العام لتداعيات جائحة (كوفيد-19)”.

لكن رئيس الغرفة التجاري في الرياض “عجلان العجلان”، دعا هذا الشهر، إلى مقاطعة “كل ما هو تركي”، ردا على “العداء المستمر للحكومة التركية ضد قيادتنا وبلدنا ومواطنينا”، حسب قوله.

من ناحيته، قال الصحفي السعودي المعارض بالخارج، تركي الشلهوب، عبر حسابه بـ”تويتر”: “حسابات موثقة وتردد سياسات الحكومة وتعليمات سعود القحطاني وتقول قاطعوا المنتجات التركية، الشعب أكثر وعيًا من أن يتأثر بهذا الكلام الذي يربط أمن البلد بعدم الذهاب للمطاعم التركية”.

كما أكد “الشلهوب” في تغريدة آخرى، على أن مقاطعة المنتجات التركية ليس خيار الشعب، بل خيار “ابن سلمان” الذي يريد فرضه على الشعب، مضيفًا أن هذا التحريض المكثف ضد تركيا لن يأتي بخير على المملكة وعلاقاتها الدبلوماسية، وليس من مصلحة الرياض في هذه المرحلة أن تزيد من عزلتها.

ووصف الصحفي السعودي المعارض ما يحدث مع تركيا بأنه الطيش في اتخاذ القرارات، وتحوير كل شيء لما يخدم سياسة أصحاب القرار، ولو كان الثمن من جيب المواطن.

بينما قال الصحفي أحمد بن راشد بن سعيد: “وبينما تتدفق البضائع الإسرائيلية إلى الإمارات، وبينا تغزو بضائع الصين أسواقنا وهي تحشر ملايين المسلمين في معسكرات اعتقال لردّهم عن دينهم، ينتفض البعض مطالباً بمقاطعة المنتجات التركية، مشيرًا إلى اقتصاد بلد مسلم باقتصاد أردوغان؛ في محاولة لتجميل قبحه وإخفاء كراهيته للمسلمين”.

في حين غرد الناشط السعودي المعارض بكندا، عمر بن عبد العزيز، على حسابه بـ”تويتر” قائلاً: “قبل يومين كنت أقول أن هذا الخبر سيؤثر على سمعة الاستثمار ببلادنا، هاهو الإعلام الغربي اليوم ينقل أخبار البلطجة وإجبار التجار بالسعودية على إلغاء تعاقداتهم مع تركيا! من المسؤول عن تشويه صورة بلادنا؟”

بينما ذكر المحامي والحقوقي السعودي المعارض، عبد الله الغامدي، أنه “الآن دخلنا مرحلة الحرب الإقتصادية مع تركيا، وقبلها حرب إعلامية ودعم للإنقلاب الفاشل”، مضيفًا: “يرى البعض أن سبب كل هذه المعارك: لأن تركيا بدأت تناصر بعض قضايا الشعوب المسلمة والعربية على ما فيها من خلل ونقص، ولأنها تريد إجابة على سؤال واحد من أمر بقتل خاشقجي؟”

تداعيات حديث بندر بن سلطان:

تولت وسائل الإعلام السعودية، ورهط كتّاب ولي العهد أنفسهم، الترويج للاتفاق الإماراتي والبحريني ـ الإسرائيلي ولكن بمنأى عن موقف صريح لمسؤول سعودي رسمي.

ويبدو أن هذه الإشارات لم تكن كافية أو أنها لم تنل الرضا لدى البيت الأبيض ومجموعات الضغط التي تعمل لصالح دولة الاحتلال في الولايات المتحدة.

وتوجب بالتالي أن تصل رسالة أخرى غير رسمية دائماً ولكنها في الآن ذاته على مستوى أرفع من داخل بيت آل سعود. كما توجب ألا تنطوي على تأييد الاتفاقيتين الإماراتية والبحرينية فحسب، بل أن تشن أيضاً هجوماً كاسحاً على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني.

ومن هو الأجدر بهذه المهمة سوى بندر بن سلطان، أو «بندر بوش» كما يحلو للصحافة الأمريكية تسميته نظراً لما واظب عليه من تقديم آيات الطاعة للرئيسين جورج بوش الأب والابن خلال 22 سنة من عمله سفيراً للمملكة في واشنطن؟

وعلقت الناشطة السعودية المعارضة، نورة الحربي، على أحاديث “بندر” بقولها: “بندر بن سلطان بحكم عمله الدبلوماسي في واشنطن، يحاول أن ينال الرضا لبلاده من أمريكا من خلال التطبيع مع إسرائيل”

بينما أكد المعارض السعودي البارز، سعد الفقيه، أن الرغبة في الشهرة والعودة للأضواء جعلت بندر بن سلطان عبدًا عند ابن سلمان ينفذ ما يمليه عليه وما يقوله، وأن هجوم القيادات السعودية على القضية الفلسطينية ليس بجديدًا، فكانوا دائمًا يهاجمون حماس والمخلصين من فتح.

رفض انضمام السعودية لمجلس حقوق الإنسان:

أخفقت السعودية، الثلاثاء، في الفوز بمقعد في مجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمم المتحدة، وكانت المملكة قد رشحت نفسها لعضوية المجلس عن مجموعة دول آسيا والمحيط الهادي، وأجريت الانتخابات في قاعة الجمعية العامة للمنظمة الدولية.

وحصلت السعودية على 90 صوتا فقط، فيما حصدت أوزبكستان 179 صوتا، وباكستان 169، ونيبال 150، والصين 139 صوتا.

ويتطلب الفوز بعضوية المجلس الحصول على ثلثي أصوات أعضاء الجمعية العامة (193 دولة).

وقال الصحفي السعودي المعارض، تركي الشلهوب، معلقًا على ذلك الرفض العالمي: “المملكة تحصل على 90 صوتاً فقط في انتخابات مجلس حقوق الإنسان في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما أدى لاستبعادها تماماً من عضوية المجلس مدة 3 سنوات اعتباراً من مطلع 2021، بأي وجه يتجرأ ابن سلمان لمشاركة بلاده في هذه الانتخابات بعد كل سجله الحقوقي المتدهور”

وسرد “الشلهوب” سجل جرائم إنسانية ارتكبتها المملكة في عهد ابن سلمان، ومنها: (في اليمن لا يقل عن إجرام الحوثي، في الداخل بقمع المعارضين والمفكرين، في السجون بتعذيب النساء والتحرش بهن، في القنصليات بقتل صحفي واحتجاز سيدة”.

وتابع الصحفي المعارض بقوله: “عندما كانت المملكة عضوًا في مجلس حقوق الإنسان، كان ابن سلمان يستخدم ذلك لأجل حملاته الإعلانية في العالم، مروّجًا بأنه يحفظ حقوق الإنسان وأنه يقمع التطرف والإرهاب فقط.. لنرى الآن أين سيقوم بغسل جرائمه وتبييض صفحته أمام الرأي العام!”

في حين قالت الأكاديمية السعودية المعارضة، الدكتورة “حصة الماضي”: “السلطة السعودية ظنت أنها تشتري الأصوات بالأموال والوعود الكاذبة بتحسين الوضع الحقوقي  لذلك حاولت الدخول من جديد لمجلس حقوق الإنسان، وتقدمت بالترشح لكن ملفاتها السيئة في حقوق الإنسان  حالت دون ذلك”.

ووصف الحقوقي السعودي، علي الدبيسي، تلك الخسارة بقوله: “صفعة محدودة مقابل سجلها المروع في قطع رؤوس الأطفال والأبرياء، وتعذيب وتحرش جنسي بالنساء، وتقطيع خاشقجي، والاعتقالات المجنونة، وأطفال اليمن ونسائها وعذاباتها، ودماء وتهجير السكان الأصليين”.

في حين قال الحقوقي المعارض، يحي عسيري: “السعودية تخسر في التصويت في مجلس حقوق الإنسان، ترشحت وظنت أن المال كل شيء، فحصلت على أقل وأضعف تصويت، بسبب ملفها السيئة في حقوق الإنسان”.

من جانبها، قالت الناشطة السعودية المعارضة، نورة الحربي: “السعودية تفشل في الانضمام لمجلس حقوق الانسان!.. خسارة فادحة على المستوى الدولي، لـ ابن سلمان الذي أراد إخفاء جرائمه بحق المواطنين وحقوق الإنسان”.

وقف الدعاة عن ممارسة الأنشطة الدعوية وإقالة الخطباء:

ذكرت مصادر إعلامية سعودية، أن السلطات السعودية، أوقفت داعيتين سعوديين، عن إلقاء المحاضرات والدروس والأنشطة الدعوية.

وأفاد حساب “معتقلي الرأي” عبر “تويتر” بأن السلطات السعودية أوقفت الشيخين د.خالد المشيقح، ود. عبدالرحمن العقل، عن الدروس والمحاضرات وجميع الأنشطة الدعوية.

وتتبع السلطات السعودية سياسة المنع مع كل من يخالفها الرأي في شتى المجالات، فقد تم منع الدكتور عبد العزيز الفوزان من السفر ومن الكتابة والتغريد، قبل اعتقاله في يوليو 2018.

وكذلك تم منع الداعية الشيخ، إبراهيم الدويش، في مارس/ آذار 2019، من الخطابة الإمامة، قبل اعتقاله في منتصف العام الجاري.

وشنت كذلك السلطات السعودية حملة فصل تعسفي بحق عدد من المشايخ في المنطقة الشرقية، كما شمل القرار المنع من النشاط الدعوي، في أوائل 2019 أيضًا.

وعلق الصحفي السعودي المعارض، تركي الشلهوب، على تلك الأنباء المتداولة، بقوله: “تم إيقاف الشيخين الدكتور “خالد المشيقح”، والدكتور “عبدالرحمن العقل”، عن جميع الأنشطة الدعوية والدروس العلمية، بأوامر ابن سلمان، أصبح علماء المملكة المخلصين إما في السجون أو ممنوعين من الدعوة والظهور الإعلامي. أي ظلم أكبر من هذا؟!”.

من جانبه قال الناشط والأمين العام لحزب التجمع الوطني يحيى عسيري: إن هناك حملة إقالات واسعة تشنها السلطات السعودية بحق خطباء المساجد.

وأكد عسيري أن هناك عددا كبيرا من الخطباء والأئمة تم إيقافهم عن عملهم بسبب عدم التزامهم بنص الخطبة التي تأتيه من وزارة الأوقاف وبالتعليمات الواردة إليهم.

وأشار إلى أن حالات كثيرة كان الفصل فيها تعسفيا، حيث يتم إرسال رسالة بالتعليمات للخطيب عبر الجوال قبل موعد الخطبة بدقائق قليلة ولا يتمكن من قراءتها بسبب ضيق الوقت، فتتم محاسبته على عدم الالتزام بما فيها.

وأردف أن هذه الحملة تهدف منها السلطات إقصاء كل من لا يسير على نهج الدولة الجامي  أو لا يسير مع التيار المحابي للدولة. وأضاف ان الدولة تمارس محاكم تفتيش بحق الخطباء في السعودية.