خاص: تزخر السياسة المعاصرة بالكثير من تجارب المعارضة السياسية لأنظمة الحكم القائمة، والأصل في الأنظمة الديمقراطية أنها تستوعب الحركات المعارضة، بل وتكفل لها عدداً من الحقوق التي تمكنها من ممارسة دورها المكمل لأداء الحكومات.
وفي المسيرة التاريخية لتلك التجارب المعارضة تولدت الكثير من الأعراف النابعة من الخلفية الثقافية لتلك المجتمعات؛ ما يؤكد أن مبدأ المعارضة لا يعني بالضرورة (شق عصا الطاعة) أو (الإخلال بنظام الدولة) أو غيرها من الممارسات التي قد تخطر لذهن البعيد عن تلك المجتمعات.
تلك المقدمة لا تعني بالطبع الصواب المطلق لتجارب المعارضة الشرقية أو الغربية في عالمنا، كما لا تعني كذلك تأييد ما قد يوجد فيها من ممارسات مخالفة للدين الإسلامي من المعارضين المسلمين لحكوماتهم، إلا أنها تأكيد على أن المعارضة – بفكرتها الرئيسة التي نعيشها اليوم – مهمة رئيسة لانتظام سير المجتمعات الإنسانية، فضلاً عن كونها حاجة تفتقر إليها الحكومات لتسديد مواقفها وتصحيح أخطائها.
وقد سجل تاريخنا الإسلامي ما لا يحصى من مواقف علماء الإسلام ودعاته المعارضة لتصرفات الحكام، والتي كان قيامهم بها منطلقاً من تحملهم لمسؤوليات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبيان الحق وعدم كتمانه.
ولئن كان مصطلح المعارضة والممارسات الدائرة فيه مشحونة بحمولة فكرية تتضمن مخالفة لبعض أحكام الإسلام التي يُهم دراستها من قبل أهل الاختصاص، إلا أن الرواج العالمي للمصطلح، والتحول الذي يشهده العالم في بنية الأنظمة السياسة تجعلان من المهم تقديم ممارسة صحيحة للمعارضة نابعة من الخلفية الثقافية لهوية هذه البلاد. فاللهم قيض لذلك الصالح من عبادك في بلادنا.