منذ تطبيع إيران والسعودية العلاقات بينهما في مارس/ آذار 2023، والتحليلات تتوالى حول أسباب هذا الاتفاق، ودوافع كلا الطرفين للإقدام على هذه الخطوة، وآثار التوافق بينهما على المنطقة.
وأرجع موقع “خبر آنلاين” الإيراني، تفضيل ولي العهد السعودي تطبيع علاقاته مع إيران على إسرائيل، إلى خوفه من حدوث خلافات داخلية تهدد نظامه حال اتفاقه مع الأخيرة، إلى جانب عاملي خلافاته مع الإدارة الأميركية وممارسات الحكومة الصهيونية اليمينية الراهنة.
مفترق طرق
وكانت طهران والرياض قد أعلنتا في 10 مارس عن اتفاق دبلوماسي برعاية صينية، يقضي بإعادة فتح السفارات وتبادل السفراء مرة أخرى، بعد سنوات من القطيعة والتوتر.
ورأى الموقع الإيراني أن المصالحة بين إيران والسعودية أربكت الجميع، وأثارت الجدل حول الأسباب التي دفعت البلدين إلى توقيع الاتفاق بوساطة صينية، وفي ظل غياب تام لواشنطن، الحليف التقليدي للرياض.
وذكر أن البعض قد ألقى باللوم على الرئيس الأميركي جو بايدن، في استبعاد الولايات المتحدة من هذا الاتفاق.
وقارنوا بينه وبين الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي كان حريصا خلال فترة رئاسته على إذابة الجليد في العلاقات بين الرياض وتل أبيب، وقالوا إن إدارة بايدن هي السبب في هذا الاتفاق.
في حين قلل البعض من أهمية المبادرة السعودية الإيرانية، خاصة البيت الأبيض، بحجة أن السعوديين سوف يستمرون في إبعاد أنفسهم عن إيران، وأن الأمر يشبه السلام البارد.
وذكر الموقع أن المشكلة تكمن في أن الرياض اتخذت أيضا خطوات لإعادة قبول نظام بشار الأسد في الدول العربية، وهو النظام المدعوم من جانب إيران، وأن باقي دول الخليج تحذو حذو السعودية.
ورأى أن التطبيع مع إيران، والقبول النشط لأقرب حليف لإيران، وهو سوريا، لا يبدو حيادا سلبيا من جانب السعودية.
وأضاف أن إسرائيل وحكومة بنيامين نتنياهو الجديدة هما العامل الرئيس في هذه المعادلة، وذلك لأن إسرائيل كانت الخاسر الأكبر في المناورة السعودية.
وتساءل عما وصفه بخيانة السعوديين لحليفهم الجديد، وهو إسرائيل، بعد أن أهدروا الكثير من التعاطف العربي تجاه الدولة اليهودية؟
ويقصد بهذا التعاطف التقدم الذي أحرزته إسرائيل بالتعاون مع الولايات المتحدة في مسار التطبيع، بعد أن وقعت تل أبيب اتفاقيات إبراهام مع عواصم عربية، مثل أبو ظبي والمنامة.
وهي الاتفاقيات التي أثارت التكهنات بقرب التطبيع مع عواصم أخرى، على رأسها الرياض.
وأكد على ضرورة الأخذ في الحسبان توقيت قرار السعودية بشأن إعادة العلاقات مع إيران، وذلك لمجيء هذا القرار بعد فترة وجيزة من تشكيل نتنياهو ائتلافا مع الأحزاب الإسرائيلية المتشددة.
وكانت الرياض قد أكدت أن التطبيع الكامل مع الدولة اليهودية سيعتمد على معاملة تل أبيب للفلسطينيين، بالإضافة إلى الضمانات الأمنية الأميركية، وهو ما تزامن مع توقيع اتفاق المصالحة مع إيرن في بكين.
خلافات داخلية
وأشار الموقع الإيراني إلى أن البعض يفسر تمهل السعودية في التطبيع إلى خوف محمد بن سلمان من استكمال السير في هذا الطريق، بسبب ما سوف يحدثه من خلافات وانتقادات.
ثم ربط بين التوافق بين إيران والسعودية والتطبيع مع إسرائيل، وقال إن العائلة المالكة في السعودية كانت دائما مهتمة بشرعيتها واستقرارها وسيطرتها على هذا البلد منذ أن سلم البريطانيون هذه الأرض إليهم في عام 1927.
ولطالما كانت الخلافات الداخلية والقبلية والدينية تهدد النظام الملكي داخل السعودية.
وقد تظهر هذه الخلافات إذا قام محمد بن سلمان بإبرام صفقة تاريخية مع إسرائيل، يُطبّع من خلالها العلاقات.
وهو ما بدأه السعوديون في عهد ترامب، ولكن على حساب تعريض أنفسهم لانتقادات شديدة كلما تدهورت العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية، كما حدث أخيرا في عهد نتنياهو.
وأضاف أن إيران أيضا تعد نفسها داعمة لحقوق الفلسطينيين، وأنها كانت دائما عدوا لإسرائيل. وبناء عليه، فإن عودة الفلسطينيين إلى الانتفاضة من جديد يصب في مصلحة المواقف الإيرانية، ويهدد دور السعودية كداعم حقيقي للمسلمين.
ولقد بدأ محمد بن سلمان خطة تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ولكن احتمالية هذا الطرح ضعفت بسبب غضب العرب.
وخلص إلى أنه يمكن للمرء أن يتخيل أن أبناء العمومة المتآمرين والأصوليين المتطرفين والمنافسين القبليّين يشحذون سكاكينهم من أجل انقلاب، لأن محمد بن سلمان أصبح غير محبوب بشكل متزايد بين المسلمين.
كما نظر أيضا في بعض التوازنات الجيوسياسية المعقدة والمتداخلة في قرار السعودية، وقال إنه على المدى الطويل، تسعى أميركا إلى زيادة إنتاج النفط، وبالتالي حماية الحلفاء من الدول النفطية في المناطق المضطربة.
لكن واشنطن ليست مهتمة جدا بتوفير الأمن أو الضمانات الإستراتيجية للدول التي تستخدم الوقود الأحفوري.
لذا ينظر السعوديون حولهم، والمفارقة هي أنهم يرون أن خصومهم مثل إيران وروسيا مهتمون بالنفط، وكذا الحال في الصين. ولهذا فإن الأهم من كل شيء هو أنهم في ناحية واحدة، يختم الموقع الإيراني.