ربما يكون المشروع الحضري الأكثر جرأة في العالم، هو المشروع المقترح، والذي بدأ تنفيذه جزئيًا، والمسمى “ذا لاين” في منطقة نيوم السعودية، والذي يواجه الكثير من الانتقادات، سواء على مستوى التصميم أو طبيعة المكان، فضلا عمن يقود عملية البناء.

المدينة التي لا تزال قيد الإنشاء، ستكون خالية من الشوارع والسيارات، بحيث تختفي وسائل النقل الفائقة السرعة في أنفاق تحت الأرض، ويمكن لأي شخص أن يحصل على ما يحتاجه بالمشي مسافة قصيرة مدة 5 دقائق كحد أقصى.

وتتضمن الخطة تشكيل مجتمعات إدراكية من أكثر من مليون شخص من جميع أنحاء العالم، ليشكلوا منصة للابتكار والأعمال التجارية المزدهرة، وفقا لموقع نيوم.

ومشروع “ذا لاين”، (The line) يقع في نيوم شمال غرب السعودية، عند طرف خليج العقبة على البحر الأحمر، وهو مفترق طرق العالم، وستكون مركزا عالميا للابتكار، حيث يستطيع 40% من سكان العالم الوصول إلى نيوم في أقل من 4 ساعات.

وجاءت تصاميم مدينة “ذا لاين” انعكاساً لما ستكون عليه المجتمعات الحضرية مستقبلاً في بيئة خالية من الشوارع والسيارات والانبعاثات، وتسهم في المحافظة على 95% من أراضي نيوم للطبيعة.

كما أنها تعتمد على الطاقة المتجددة بنسبة 100%، لجعل صحة الإنسان ورفاهيته أولوية مطلقة بدلاً من أولوية النقل والبنية التحتية كما في المدن التقليدية.

من أهم مواصفات مدينة “ذا لاين”، أن عرضها يبلغ 200 متر فقط على امتداد 170 كيلومتراً ، وارتفاعٍ يبلغ 500 متر فوق سطح البحر.

ستُبنى المدينة، التي تقدر تكلفت بنائها نحو تريليون دولار، على مساحة لا تتجاوز 34 كيلومتراً مربعاً، وستتسع لنحو 9 ملايين نسمة، وهو أمر غير مسبوق تماماً في مدن بهذا الحجم، وفق وكالة الأنباء السعودية.

وتتيح “ذا لاين” لجميع السكان إمكانية الوصول إلى جميع المرافق والخدمات في غضون 5 دقائق، إضافة إلى وجود قطار فائق السرعة يصل بين طرفي المدينة خلال 20 دقيقة.

ووفق تقرير لموقع “فوربس”، فقد شهد هذا التصميم الكثير من الانتقادات والكثير منه صالح ومحق، مضيفا: “كما لا يمكن أن يحدث في ظل حاكم مطلق اليدين مثل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، المثير للجدل”.

ويتساءل التقرير: “هل من المنطقي بناء مدينة كخط؟”، قبل أن يجيب: “جميع المدن الأخرى بالطبع ثنائية الأبعاد على الأرض، حتى المدن المخططة، وتنمو عضويًا لتناسب تضاريسها في أشكال مستطيلة أو دائرية تقريبًا”.

تقول “نيوم”، إن هذا التصميم تم اختياره لأنه يسمح بخطة النقل الخاصة بهم، بما في ذلك القطارات التي تسير تحت المدينة، مع قطار خاص عالي السرعة يجتاز 170 كيلومترًا بالكامل في 20 دقيقة فقط، مما يجعله أسرع قطار في العالم.

وللقيام بذلك، سيكون لديه 4 توقفات فقط، كما أنه سيتم أيضًا تشغيل خدمات أخرى منخفضة السرعة، بما في ذلك منصات النقل التي تعمل على ارتفاعات عالية بحيث لا يضطر الأشخاص إلى النزول إلى مستوى الأرض للوصول إلى وسائل النقل، كما يفعلون في مدن ناطحات السحاب الأخرى.

ويعلق التقرير: “المدينة التي تبلغ مدتها 5 دقائق هي هدف جريء، ولكن السكك الحديدية عالية السرعة لديها أسوأ ما في الأمر”.

ويزيد: “مع التكنولوجيا الحديثة، من الممكن استخدام مركبات أصغر بكثير للنقل، بدلاً من قطار عملاق”.

ويستطرد: “من خلال القيادة الآلية، والقدرة المهمة على الانعطاف حسب الرغبة، وتمرير المركبات الأخرى على طول المسار، فإن تقسيم القطار إلى سيارات فردية بحجم الشاحنة، يسمح بتجميع الأشخاص الذين يذهبون إلى نفس المكان في نفس الشاحنة”.

ويضيف: “على هذا النحو، فإن مركبتهم لن تتوقف، كما تفعل السيارة الخاصة، وإذا لم يكن هناك عدد كافٍ من الأشخاص الذين يقومون بهذه الرحلة لملء شاحنة، فيمكنك الجمع بين الطرق بتكلفة إضافة محطة إضافية أو ربما التفاف بسيط، لكنها تظل أفضل بكثير من بديل القطار الكبير”.

وتشير إلى أن هذا الرأي يتضمن الجمع بين الركاب في توفير مركبة جماعية، مع راحة السفر المباشر التي توفرها السيارات.

ويلفت التقرير إلى أنه “كلما زاد عدد الأشخاص الذين تقوم بتجميعهم في مركبة، زادت فعاليتك، ولكن كلما جمعت المزيد من الأشخاص، فإنك تزيد من الإزعاج للمجموعة، حيث يتعين عليهم جميعًا التنازل عن طريقهم المباشر المثالي لمساعدة الركاب الآخرين”.

وبدلاً من ذلك، حسب “فوربس” يمكن لمدينة “نيوم” أن توفر النقل باستخدام شاحنات آلية، مع الاستمرار في الاستفادة من حق المرور المحجوز أسفل المدينة، وتوفير خدمة التوقف والتوقف المباشر في أي مكان في المدينة بمسافات أصغر، وأوقات سفر أقل، وطاقة أقل، وتجربة أفضل للمقيمين.

ويتابع: “يمكن أن يوفر أيضًا النقل خارج المدينة برحلة قصيرة مدتها 5 دقائق من أي مكان في المدينة، لأولئك الذين يرغبون في الوصول إلى الصحراء”.

في الشأن ذاته، تدرس “نيوم” أيضًا النقل عبر التاكسي الطائر ، مثل الهيلوكوبتر.

ويلفت التقرير إلى أن قدرة هذه المركبات على السفر “كما يطير الغراب” تجعل التصميم الخطي أسوأ، فأوقات السفر بين النقاط، ستكون أفضل بكثير في مدينة ثلاثية الأبعاد.

ويتشاءل التقرير: “هل يستحق (ذا لاين) تكلفة أعلى للطاقة وأوقات سفر أطول من أجل المناظر فقط؟”.

ويضيف: “حتى أن أولئك الذين يستطيعون شراء جدار خارجي سيحصلون على المناظر، على الرغم من أنه سيكون هناك بالتأكيد الكثير من المكاتب والشقق المطلة على الصحراء مقارنة بالتخطيط ثنائي الأبعاد”.

ويختتم التقرير بالقول: “مدينة (ذا لاين) ممكنة فقط في مكان لم يكن ملوثًا في السابق إلى الحد الذي تتوفر فيه مساحة بطول 170 كيلومترًا من الأرض بدون أي شيء مجاور، قد يكون ذلك فقط في مكان مثل الصحراء القاسية في السعودية مع نظام ملكي يمكنه إعلان أو تنفيذ أي شيء بمجرد إصدار أمر”.