اعتبرت صحيفة “آي” البريطانية أن “المعركة من أجل ضمان العرش السعودي مشتعلة، وإن طغت عليها أخبار وباء فيروس كورونا المستجد، هذه الجائحة التي قد تغير المشهد السياسي، وتهدد سلطة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” وبالتالي حلفائه مثل ولي العهد السعودي، الأمير “محمد بن سلمان”.
وقالت الصحيفة في مقال نشرته بقلم “باترك كوبرن” بعنوان “ولي العهد السعودي يقع في سوء تقدير كارثي مرة أخرى” إن “فيروس كورونا أثار حالة من الخوف، مماثلة لما تسببه حرب خطيرة، فالجميع الآن على خط الجبهة، وكلهم ضحايا محتملون”، لافتة إلى أن “العواقب السياسية لوباء كورونا، هائلة بالفعل”.
وأضاف المقال أنه رغم انشغال الإعلام العالمي بأخباره وأخطاره، فإن الأحداث السياسية لم تتوقف بالتأكيد، والأزمات الكبيرة مستمرة، حتى وإن جرى تجاهلها بسبب الانشغال بصراع البقاء مع الفيروس. والكثير من هذه الأزمات الكبيرة تحدث في الشرق الأوسط، فهو ساحة الصراع التقليدية للقوى العظمى، ولكن يخوضها وكلاؤها المحليون بالنيابة عنها.
وتابع: “يأتي على رأس قائمة الصراعات التي طغت عليها أخبار الوباء، معركة العرش في السعودية: فولي العهد محمد بن سلمان، الذي يصفه البعض بأنه زئبقي، قام هذا الشهر بما يشبه انقلاباً صغيراً، واعتقل عمه الأمير أحمد بن عبدالعزيز، وابن عمه الأمير محمد بن نايف الذي أزيح عن منصبه كولي للعهد عام 2017”.
ورأى الكاتب أن “بن سلمان يحاول تمهيد الأجواء لوصول سلس للعرش في حال وفاة والده الملك سلمان، وهذه الحاجة أصبحت أكثر إلحاحاً في الأسابيع القليلة الماضية بسبب ما قد تحمله الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني، التي قد يفقد ولي العهد بنتيجتها حليفاً أساسياً بالنسبة له: دونالد ترامب، الذي تتراجع مصداقيته بشكل مضطرد، بسبب سوء قراراته في التعامل مع انتشار فيروس كورونا، ما يعني تصاعد احتمال فوز منافسه جو بايدن كمرشح ديمقراطي محتمل للرئاسة”.
واعتبر أن “ترامب داعم حيوي للأمير السعودي الشاب رغم كل أخطائه بدءا من دوره في حرب اليمن، وتورطه المحتمل في قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الأمر الذي نفاه بإصرار”، معتبرا أن “لدى ولي العهد سجلا طويلا من سوء التقدير، من الحرب الكارثية التي لا نهاية لها في اليمن، إلى تصعيد المواجهة مع إيران، والتي بلغت ذروتها في هجوم طهران بطائرات بدون طيار على منشآت نفط سعودية في سبتمبر/أيلول الماضي”.
أما “أحدث مقامرة” يقوم بها ولي العهد السعودي كما يقول الكاتب، فهي “القطيعة مع روسيا وإغراق السوق بالنفط السعودي الخام، في وقت يشهد فيه الطلب العالمي تراجعاً شديداً بسبب التأثير الاقتصادي لتفشي وباء كورونا”.
وأضاف الكاتب: “في الذاكرة الحية للشرق الأوسط لم يقم أحد سوى صدام حسين بتصرف مماثل يجمع بين الغطرسة والتصرف غير المحسوب ما أدى إلى قرارات كارثية مثل الحرب مع إيران عام 1980 وغزو الكويت عام 1990″، موضحا أنه “حين يتعلق الأمر بحرب أسعار النفط، فإن الاحتياطي المالي الروسي مرتفع، واعتماد روسيا على الواردات هو اليوم أقل منه قبل 5 سنوات”.
وشدد على أن “النتيجة ستكون هي عدم الاستقرار بالنسبة لكافة الدول المصدرة للنفط في الشرق الأوسط، والعراق مثلاً نموذج رئيسي خصوصاً بسبب اعتماه المعقد على عوائد النفط، وكذلك إيران التي تواجه أكبر حالة لتفشي الفيروس، إضافة إلى معاناتها بسبب العقوبات الأمريكية”.
وفي الوقت المناسب، شدد “كوبرن” على أنه “سيقوم الروس بإحكام قبضتهم على المنطقة، وهم حالياً يحصدون نتائج جيدة في سوريا”، مضيفا: “يبدو أن وباء كورونا يغير بالفعل الحسابات السياسية في الشرق الأوسط وبقية العالم: فترة ولاية ثانية لترامب تبدو اليوم أقل احتمالا مما كانت عليه في فبراير/شباط ورغم أن فوز بايدن، قد لا يغير الأمور كثيراً للأفضل، لكنه سيعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي إلى حد ما”.