حذر 3 محللين للشؤون السياسية في معهد كاتو جون هوفمان، وجوردان كوهين، وجوناثان إليس، من تداعيات كارثية، لاحتمال منح الرئيس الأمريكي جو بايدن السعودية اتفاق دفاعي مشترك في مقابل توقيعها على اتفاق تطبيع للعلاقات مع إسرائيل.

وأشار المحللون الثلاثة في مقال مشترك نشرته مجلة ذا هيل الأمريكية، إلى أن الأنباء الواردة تشير أن بايدن يفكر بالفعل في اتخاذ تلك الخطوة التي لم يجرؤ أي رئيس أمريكي سابق على القيام بها.

ووفق المقال فإن الأنباء تفيد أيضا أن مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، جيك سوليفان، وكبير مستشاري بايدن للشرق الأوسط بريت ماكجورك، وكبير المستشارين عاموس هوشستين، موجودين في السعودية لمناقشة تلك الصفقة المحتملة.

واعتبر المحللون أن تلك الخطوة حال تنفيذها ستكون كارثية على المصالح الأمريكية، وستجعل واشنطن في شرك دور الضامن الأمني للرياض على الرغم من الانفصال الأساسي بين المصالح والقيم الأمريكية والسعودية.

كما ستخاطر هذه الاتفاقية بحياة الأمريكيين للدفاع عن دكتاتورية قمعية وتوفير إطار عمل لدكتاتوريين إقليميين آخرين للضغط على الولايات المتحدة لتقديم تنازلات مماثلة.

وأشار المحللون أن إدارة بايدن يبدو أنها تسعى لتحقيق هذه الاتفاقية من جانب واحد، تاركة كلاً من الكونجرس والشعب الأمريكي بدون إطلاع على أي تفاصيل لتلك الخطوة المحتملة.

وذكر المحللون أن لدى الولايات المتحدة بالفعل علاقة أمنية عميقة – لكنها مرفوضة من الناحية الاستراتيجية والأخلاقية – مع السعودية.

 

مصالح غير متوافقة

وأوضح المحللون أنه لا يوجد توافق في الوقت الحالي بين المصالح الأمريكية والسعودية، إذ تمثل الرياض مسؤولية استراتيجية وليست شريكًا استراتيجيًا.

وتابع المحللون أن السعودية تقوض في واقع الأمر المصالح والقيم الأمريكية، كما أن الدعم الأمريكي الثابت يشجع السلوك القمعي والعدواني للسعودية من خلال تقديم ضمانات بأن الولايات المتحدة سوف تساعدهم ولن تحمّلهم المسؤولية.

على الرغم من حالات الانفصال هذه، فإن السياسة الأمريكية لم تعدل مسارها بعد.

 

اتفاقات التطبيع

وذكر المحللون أن سلسلة اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل ومختلف الدول العربية، برزت كإطار جديد للسياسة الخارجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط ومنطق جديد لمضاعفة العلاقات الأمريكية السعودية.

جادلت إدارة بايدن – التي أعطت الأولوية للتوسط بين السعودية وإسرائيل باعتبارها حجر الزاوية في سياستها في الشرق الأوسط – إن للولايات المتحدة “مصلحة أمنية قومية” في التوسط في العلاقات الدبلوماسية الرسمية بينهما.

أشارت سلسلة من التقارير هذا العام إلى أن إدارة بايدن تضغط من أجل التطبيع بين إسرائيل والسعودية بحلول نهاية عام 2023، وركز بايدن زيارته المزدوجة لإسرائيل والسعودية في عام 2022 حول هذه القضية.

في مقابل التطبيع مع إسرائيل، تضغط السعودية على إدارة بايدن من أجل المزيد من الالتزامات الأمنية الرسمية، فضلاً عن المساعدة في تطوير برنامجها النووي المدني.

 

خيار خاطئ

وذكر المحللون أن إدارة بايدن مخطئة في قبولها مثل هذه المقايضة، إذ لا يوجد حافز استراتيجي للولايات المتحدة لمنح تنازلات سياسية أو زيادة الالتزامات الأمنية السعودية لتطبيع العلاقات رسميًا مع إسرائخاط

تأمل السعودية في الضغط على الولايات المتحدة لتقديم تنازلات سياسية وزيادة الالتزامات الأمنية مقابل تطبيع العلاقات رسميًا مع دولة تتوافق معها في الغالب بشكل استراتيجي.

وذكر المحللون أن هذا جزء من استراتيجية متعمدة من قبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لاستغلال المخاوف المتزايدة في واشنطن من أن الولايات المتحدة تفقد نفوذها في الشرق الأوسط، لا سيما مع قيام جهات فاعلة أخرى مثل الصين بتوسيع وجودها الإقليمي.

لكن بدلاً من تعزيز المصالح الأمريكية، فإن الصفقة التي تريدها السعودية من أمريكا ستعمل على تعزيز الدعم الأمريكي للمصادر الأساسية لعدم الاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط، ويجب ألا تدفع واشنطن تكاليف التطبيع والتضحية بمصالحنا في هذه العملية.

ووفق المحللون فإن إدارة بايدن محقة في أمر واحد وهو أنه حان الوقت لإعادة تقييم رسمي للعلاقة الأمريكية السعودية، لكن لسوء الحظ، فإن تلك الإدارة تسير في كل شيء بشكل خاطئ.

من الضروري الاعتراف بالانفصال الأساسي بين المصالح والقيم الأمريكية والسعودية وتجنب تعميق العلاقات مع نظام استبدادي قمعي.

 

دور الكونجرس

وذكر المحللون أنه خارج السلطة التنفيذية، فإن الهيئة الوحيدة التي يمكنها إجراء عملية إعادة التقييم هذه هي الكونجرس.

من خلال المضي قدما في تنفيذ هذا الاتفاق الأمني المتبادل من جانب واحد، فإن بايدن يتجاوز سلطة الكونجرس المحدودة بالفعل على السياسة الخارجية.

والأسوأ من ذلك، إذا تم التوصل إلى اتفاقية أمنية، فإن قدرة الهيئة التشريعية على سحب استثماراتها من هذه المعاهدة، في أحسن الأحوال، غير واضحة، لأنها لم تنجح أبدًا في القيام بذلك.

وبالتالي، إذا أراد الكونجرس إيقاف هذه الاتفاقية الأمنية الرسمية بين السعودية والولايات المتحدة، فسيتعين عليهم التصرف بسرعة على أمل تغيير وجهات نظر إدارة بايدن بشأن اتفاقية مع السعودية.

عندما يتعلق الأمر بسياسة الولايات المتحدة تجاه السعودية، فالقليل مثل الكثير لأن الرياض ليست حليفا.