يبدو أن السعودية مصممة على صناعة الحدث في عالم الرياضة، ولاسيما على مستوى كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى في العالم، عبر صفقات مالية ضخمة تبرمها أندية في دوري المحترفين “روشن” للتعاقد مع لاعبين نجوم في الدوريات الأوروبية الكبرى.
تلك المرحلة الجديدة دشنها نادي النصر بتعاقده مع النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو في يناير/ كانون الثاني الماضي مقابل 200 مليون دولار سنويا وفقا لتقارير إعلامية، لتتابع بقية الأندية المردود الجيد للصفقة جماهيريا ودعائيا وتسويقيا.
وفي الصيف، انتقل الثنائي الفرنسي كريم بنزيما ونجولو كانتي إلى نادي اتحاد جدة، فيما انضم السنغالي كاليدو كوليبالي والبرتغالي روبن نيفيز إلى الهلال، وتعاقد أهلي جدة مع الحارس السنغالي إدوارد ميندي.
وبالإضافة إلى الصفقات المعلنة، تتواتر يوميا تقارير إعلامية عن عشرات من العروض تقدمها أندية سعودية لكبار نجوم لاعبي الساحرة المستديرة، منها ما اقترب من التنفيذ بالفعل.
برنامج الاستقطاب
ومع كل توقيع للاعب من الكبار تتناثر أسئلة حول مصادر تمويل الصفقات، وذكرت تقارير أن شخصيات داعمة لهذه الأندية هي التي تمولها، إلا أن مصدرا مطلعا على تلك التعاقدات نفي صحة هذا الزعم في تصريح لصحيفة “الشرق الأوسط” السعودية.
المصدر، الذي لم تكشف الصحيفة عن اسمه، أوضح أن “تمويل صفقات الأندية يتم بصورة مباشرة من برنامج الاستقطاب الذي تقوده رابطة دوري المحترفين السعودي”.
وشدد على أنه “لا صحة لما يتم تداوله حول تمويل الأندية لأي صفقة، وكل الصفقات التي تم الإعلان عنها على مدى الأسابيع الماضية جاء تمويلها من قِبل برنامج الاستقطاب”.
وأوضح أن “مفاوضات اللاعبين تتم بالتنسيق بين الرابطة والرؤساء التنفيذيين في الأندية الأربعة”، في إشارة إلى الهلال والنصر والاتحاد والأهلي.
موارد الأندية
ووفقا لخبير التسويق الرياضي مقبل بن جديع، في حديث مع “الخليج الجديد”، فإن “الحكومة السعودية، ممثلة في وزارة الرياضة، لم تكن لتدخل مرحلة جديدة في تطوير كرة القدم بالمملكة دون أن تكون مستعدة بشكل كاف، سواء سياحيا أو ماليا”.
وأضاف أن “تعاقد النصر مع الدون البرتغالي (رونالدو) كان بمثابة ضوء لفت انتباه الدوريات الأوروبية الكبرى إلى أن الأنظار ستتجه نحو الشرق الأوسط وآسيا، وتحديدا إلى دوري روشن السعودي”.
ورجح أنه “ما هي إلا أعوام حتى تضاهي المتعة العربية والآسيوية مثيلتها في أوروبا، وهو ما يتضح من الإصرار السعودي على استكمال خطة التطوير والمنافسة”.
وتحصل أندية دوري “روشن” على المال من خلال مخصصات دورية تمنحها وزارة الرياضة، عبر ذراعها “الهيئة العامة للرياضة”، كمصدر أساسي للتمويل، بما لا يخل بالتوازن بين الأندية.
غير أنه توجد وسائل أخرى تجني بها الأندية مقابلا ماليا قد يبلغ مع الأندية الكبرى أضعاف ما تنفقه الوزارة، منها دعم مالي من الأمراء السعوديين للأندية التي يشجعونها، بالإضافة إلى عقود الرعاية، وأخيرا وبنسبة قليلة مساهمات من أعضاء في الأندية.
العوامل السابقة تجعل كفة أندية مثل النصر والهلال والشباب والاتحاد والأهلي هي الأرجح بتحصيل مبالغ ضخمة سنويا، ما يجعلها الأكثر قدرة على دفع الرواتب وتمويل الصفقات القوية.
صفقة رونالدو
وعلى الرغم من الحديث عن عوائد ضخمة للأندية السعودية إلا أن حجم صفقة رونالد كان خارج أي معدلات تعاقد سابقة، لذا كثُرت مطالبات بإجابة واضحة حول تمويل الصفقة.
الإعلامي السعودي وليد الفراج قال لـ”الخليج الجديد” إن أموال صفقة رونالدو أدارها تحالف شركة “الوسائل” السعودية مع نادي النصر من خلال تسويق عقد اللاعب، بالإضافة إلى عقد مجموعة رعايات وبرامج حكومية متعلقة بالسياحة.
وشركة “الوسائل” مختصة بالدعاية والإعلام، ويرأسها رجل الأعمال محمد الخريجي، واقتحمت مجال الرياضة منذ سنوات خاصة عبر تطوير ملعب “مرسول بارك” التابع لنادي النصر.
بلا ضوابط مالية
وأحد أبرز العوامل التي تخدم الخطة السعودية لاستقطاب كبار لاعبي أوروبا هي عدم وجود قانون للعب المالي النظيف يضع ضوابط وحدود مالية لحجم التعاقدات مثلما يوجد في أوروبا، مما يعني إمكانية رؤية فريق الأحلام في السعودية دون أي قيود مالية أو قانونية.
المخطط السعودي لاقى هجوما أوروبيا، حيث دعا الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) إلى وقف ما أسماه الزحف السعودي على أوروبا وتجريف القارة العجوز من اللاعبين عبر إغرائهم بعقود مالية ضخمة.
وقال الخبير في القانون الرياضي السعودي أحمد الشيخي لـ”الخليج الجديد” إن التحركات السعودية قد تدفع الاتحاد الآسيوي لاحقا إلى سن قانون مماثل لـ”اللعب النظيف”.
واستدرك الشيخي: “لكن حين يتم التفكير في هذه الخطوة ستكون السعودية قد حصلت على مبتغاها وطورت أنديتها واستفادت من خبرات اللاعبين الاحترافية لإبراز براعم ذوي مهارات مميزة يتم من خلالهم تدشين حلم المحترف السعودي”.