أمير جديد ينضم إلى قائمة الاعتقالات التي أمر بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، طالت هذه المرة وجهاً ملكياً له حضوره الرفيع عالمياً.
إنه الأمير سلمان بن عبد العزيز بن سلمان بن محمد آل سعود، صديق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الشخصي، إلى جانب عددٍ من قادة العالم والشخصيات الرفيعة عالمياً، والحاصل على أرفع الأوسمة الإيطالية والألمانية والفرنسية.
تقول صحيفة “المونتيرو” الأمريكية، إن “الأمير الوسيم” المعروف بـ”غزالان” اعتقل في يناير الماضي بعد استدعائه إلى القصر الملكي بعد منتصف الليل. وقد تعرض للضرب والاعتقال ثم اختفى ولم يعد أحد يعرف أي شيء عن مصيره.
جاء ذلك بعد اعتقال 11 من الأمراء الشباب من القصر الحاكم في الرياض، تظاهروا بالقصر الملكي اعتراضاً على فواتير الكهرباء والماء، وطالبوا بالتعويض المادي المجزي عن حكم القصاص الذي صدر بحق أحد أبناء عمومتهم” بحسب الإعلان الرسمي الذي أثار استفهامات كثيرة.
لكن “غزالان” لم يكن من بين المتظاهرين حينها بحسب الصحيفة الإماراتية، ولا يعرف على وجه الدقة السبب الذي أدى لاعتقاله.
– غيرة وحسد
صحيفة “واشنطن بوست” كانت قد أشارت إلى “حالة من الغيرة” الشديدة، التي هي جزء من شخصية محمد بن سلمان، قد تكون وراء اعتقال “غزالان”، خاصة أنه شخصية شهيرة دولياً وأكثر حضوراً من ولي العهد السعودي، فهو يتقن ثلاث لغات، ويحمل درجة الدكتوراه في القانون من جامعة السوربون الفرنسية.
وتقول الصحيف: إن “الأمير المختفي يعد وجهاً عالمياً وشاباً وهو أكثر حداثة من بن سلمان”.
كما أنه رجل “مثقف ومتميز” قدم صورة محسنة للثقافة السعودية في جميع أنحاء أوروبا، وكان على اتصال مع أهم النخب السياسية والقادة خاصة فرنسا حيث يتمتع بتقدير كبير.
بالإضافة إلى ذلك فهو مؤسس “نادي موفيرز”، الذي يهدف إلى جمع قادة العالم الشباب في منصة واحدة، لتبادل المعرفة والأفكار والمعلومات، بهدف تعزيز العلاقات المفيدة وتسهيل التبادل الثقافي، كما حصل على ميدالية رفيعة من غرفة التجارة والصناعة بباريس، ووسام الدولة الألماني الرفيع.
هذا التميز للأمير سلمان قل أن يوجد ضمن عائلة آل سعود التي يعيش معظم أبنائها في الظل، الأمر الذي يجعل “غزالان” قائداً مستقبلياً محتملاً ومنافساً لبن سلمان، بحسب ما توقع مراقبون.
ويسعى ماكرون “صديق الأمير” منذ أبريل الماضي لإطلاق سراحه، وقد كلف وزارة الخارجية بمتابعة القضية، وعبرت أسرة الأمير في أكتوبر الماضي عن خشيتها من أن يكون لاقى مصير الصحفي جمال خاشقجي.
واللافت أن “غزالان” وقبيل اعتقاله بشهرين أدى دوراً في ترتيب زيارة صديقه الرئيس الفرنسي للسعودية في نوفمبر 2017، على الرغم من أنه لم يحتل أي منصب رسمي، والتي توسط فيها ماكرون لحل أزمة احتجاز رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في الرياض، وهو ما يُظهر مكانة مهددة لابن سلمان خارجياً.
وحظي الأمير الشاب أيضاً بمحبة وتقدير العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، حيث نقلت شبكة “الجزيرة”، عن أحد أصدقاء الأمير الشاب، أن الملك حين كان ولياً للعهد أرسل لـ”غزالان” رسالة يقول فيها: “إنك فخرنا وفخر هذا الوطن وقد رفعت العلم السعودي عالياً في أوروبا”؛ لكونه قام بجهود ونشاطات ثقافية كثيرة، وهو ما قد يكون سبباً آخر لـ”غيرة” بن سلمان.
محامي الأسرة حاتم إيلي أكد في تصريح صحفي أنه لا يوجد شبهة في الفساد ضد “غزالان” وأبيه، وأنه احتجز لأنه عبر عن آرائه، مضيفاً أنه حدث نوع من الشجار بين الأمير سلمان وولي العهد السعودي بسبب “وجود غيرة” من جانب الأخير.
الأمير عبد العزيز اختفى أيضاً بعد اعتقال نجله منذ السابع من شهر يناير الماضي، وكتب محاميهما رسائل للرئيسين الأمريكي والفرنسي بخصوص القضية، دفعت الأخير إلى التجاوب.
– ليس الأول ولن يكون الأخير
“الأمير الوسيم” ليس أول رجل قوي في العائلة الحاكمة السعودية يتعرض لسهام بن سلمان، فقد سبقه آخرون كانوا أكثر تهديداً لمكانة ولي العهد.
فقد كان إبعاد ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف أبرز شاهد على مخاوف بن سلمان من إزاحته، فطالما اعتبر بن نايف رجل الداخلية الأول في المملكة لعدة سنوات، حتى وصف بـ”محارب القاعدة” في المملكة.
إبعاد بن نايف تبعه أيضاً جمع معظم الأمراء أصحاب النفوذ والسلطة في معتقل “الريتز”، وهو ما أدى لاحقاً لإسكات جماعي يعم الأوساط السياسية في المملكة، ليتصدر الرأي الرسمي المؤيد لولي العهد منفرداً أمام الإجماع الدولي على انتقاده.
وطالما شكل الأمراء السعوديون والمعارضون في الخارج شخصيات مرعبة لسياسات السعودية في عهد بن سلمان، وهو ما دفعها إلى إعداد خطة استدراج لهم، تنتهي بالاعتقال أو القتل.
وكان أبرز من أطلق تصريحات خارج سرب بن سلمان، الأمير أحمد بن عبد العزيز، الذي رفض إلصاق انتهاكات الرياض في اليمن بعائلة “آل سعود”، والتوجه لبن سلمان ووالده الملك، قبل أن يعود للمملكة بضمانة من قبل واشنطن ولندن بعدم تعرض ولي العهد له، وقد برز اسمه مؤخراً كولي عهد بديل لبن سلمان، بعد الانتقادات الدولية التي أعقبت قتل الصحفي جمال خاشقجي بقنصلية بلاده في إسطنبول الشهر الماضي، وارتفاع مطالب معاقبة السعودية على حرب اليمن.
– هل تنجح فرنسا في إطلاق “غزالان”؟
يعوّل المراقبون لـ”سياسة الاحتجاز” السعودية على تجارب فرنسية سابقة أدت لتراجع الرياض عن توقيف سياسيين بارزين.
فبعد نحو أسبوعين من انتهاء أزمة احتجاز السلطات السعودية لرئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري (نوفمبر 2017)، بتدخل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أدت باريس دوراً مماثلاً مع سلطات أبوظبي، بعدما أعلن عن مغادرة رئيس الوزراء المصري الأسبق أحمد شفيق، الذي كان محتجزاً في الإمارات إلى باريس.
وبرز خلال أزمة احتجاز الرجلين تشكيل باريس لرأي عام يؤكد قيام الرياض وأبوظبي باحتجاز السياسيين تعسفياً، وهو ما شكل ضغطاً غير مسبوق أجبر سلطات الدولتين على إطلاق سراحهما.
فقد خرج شفيق آنذاك بمقطع فيديو من داخل مقر إقامته في الإمارات يؤكد فيه احتجازه، وهو ما يرجح تسريبه بمساعدة فرنسية، يتوقع أن تقوم بها مع الأمير السعودي “غزالان”.