نشرت صحيفة “لاكروا” الفرنسية تقريرا سلطت فيه الضوء على اللهجة الشديدة التي باتت تميز الخطاب بين واشنطن والرياض، خاصة بعد الرد السعودي على القرارين الصادرين عن مجلس الشيوخ مؤخرا.
وقالت الصحيفة في تقرير للصحيفة مالو تريسكا، ترجمته “عربي21″، إن “تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي في 13 كانون الأول/ ديسمبر، على تبني قرارين مناهضين للسعودية في قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي والحرب في اليمن، قد أثار غضب الرياض، التي اتهمت بدورها واشنطن “بالتدخل” في شؤونها الداخلية”.
وقد كان الرد السعودي على واشنطن قاسيا، حيث ورد فيه أن “المملكة تستنكر الموقف الأخير لمجلس الشيوخ الأمريكي، الذي استند إلى مزاعم كاذبة، وتؤكد رفضها التام لأي تدخل في شؤونها”. وفي بيان نُشر يوم الاثنين الماضي، على وكالة الأنباء السعودية، أدانت وزارة الخارجية السعودية، وبشدة، تبني قرارين صوّت عليهما برلمانيون أمريكيون ومعادون للنظام الحاكم في المملكة قبل خمسة أيام.
وبينت الصحيفة أن القرار الأول يطالب بوقف الدعم الذي تقدمه واشنطن للرياض في الحرب التي تخوضها في اليمن، داعيا بشكل خاص إلى “سحب القوات المسلحة الأمريكية”، باستثناء تلك المشاركة في عمليات تستهدف تنظيم القاعدة أو الفصائل التابعة له. أما القرار الثاني فيتعلق بمسؤولية ولي العهد محمد بن سلمان في قضية خاشقجي، الصحفي السعودي الذي قُتل بوحشية في شهر تشرين الأول/ أكتوبر في قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية.
كما جاء في بيان وزارة الخارجية السعودية أنه “في الوقت الذي تؤكد فيه السعودية التزامها بمواصلة توطيد علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية، فهي تعرب عن قلقها إزاء المواقف التي عبّر عنها أعضاء هيئة تشريعية تابعة لدولة حليفة وصديقة. ومن شأن هذه المواقف أن تؤثر على الدور الذي تضطلع به المملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي”.
وذكرت الصحيفة أن قرارات الكونغرس كانت بمثابة إهانة لدبلوماسية دونالد ترامب، المعروف بقربه من السلطة السعودية. من ناحية أخرى، من الممكن ألا تتم مناقشة هذين النصين في مجلس النواب، قبل تنصيب برلمانيين جدد في شهر كانون الثاني / يناير، على الأقل. إضافة إلى ذلك، يمكن للرئيس الأمريكي تجاهلهما.
ونقلت “لاكروا” عن الصحفية المتخصصة في الشؤون السعودية، كلارنس رودريغيز، قولها إن “تصويت أعضاء من مجلس الشيوخ المنتمين إلى الشقين الديمقراطي والجمهوري على هذه النصوص يكشف مناخ الرفض العام لسياسة دونالد ترامب التي ينتهجها فيما يتعلق بالعلاقات الأمريكية السعودية. وقد دفعته هذه السياسة إلى التشكيك في تصريحات وكالة المخابرات المركزية بخصوص إدانة محمد بن سلمان في ملف مقتل خاشقجي”.
تجدر الإشارة إلى أن الرياض تواصل التأكيد على أن جريمة القتل قد ارتُكبت دون موافقة قياداتها العليا. وأضافت رودريغيز أنه “بعد أن أصبحت محاصرة على الساحة الدولية، خاصة بعد أن دعت الأمم المتحدة أيضا إلى إجراء تحقيق شفاف في هذا الملف، اتبعت السعودية إستراتيجية هجومية للدفاع عن نفسها”.
من جهتها، صرحت الرياض بلهجة مهددة أن “المملكة تأمل ألا تتورط في النقاشات السياسية الوطنية في الولايات المتحدة، لتجنب أي تداعيات يمكن أن تؤثر بشكل كبير على هذه العلاقة الإستراتيجية المهمة بين البلدين”.
وتساءلت الصحيفة عن تأثير حدة الخطاب هذه على العلاقات بين الحليفين، على المدى البعيد. وفي السياق ذاته، أوضحت رودريغيز أن “هذه التوترات الأخيرة تضعف بشكل ملحوظ اتفاق كوينسي، الذي وقع عليه كل من الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت والملك عبد العزيز آل سعود في سنة 1945، وذلك دون التشكيك فيه. وبمقتضى هذا الاتفاق، تلتزم الولايات المتحدة بحماية المملكة مقابل الحصول على نفطها”.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أنه تم تجديد هذا الاتفاق في سنة 2005 في عهد جورج بوش الابن. خلافا لذلك، ووفقا لرودريغيز “يمكن للجو المشحون الذي يسود على العلاقات الثنائية بين الطرفين اليوم أن يؤثر على هذا الاتفاق في المستقبل”.