أعلن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، عن تعديلات إصلاحية تشريعية في المملكة، فيما تبدو بهدف محاولة امتصاص حالة الغضب الشعبي عن حالة التفرد بالحكم التي ترسخت منذ توليه ولاية العهد.
وأوضح “ابن سلمان” أن تلك التعديلات ستشمل نظام الأحوال الشخصية، ونظام المعاملات المدنية، والنظام الجزائي للعقوبات التعزيرية، ونظام الإثبات.
وأضاف ولي العهد أن موجة الإصلاحات التشريعية الجديدة “ستُسهم في إمكانية التنبؤ بالأحكام ورفع مستوى النزاهة وكفاءة أداء الأجهزة العدلية وزيادة موثوقية الإجراءات وآليات الرقابة، كونها ركيزة أساسية لتحقيق مبادئ العدالة التي تفرض وضوحَ حدود المسؤولية، واستقرار المرجعية النظامية بما يحدّ من الفردية في إصدار الأحكام”.
ومن جانبه، علق وزير العدل السعودي “وليد الصمعاني” على إعلان ولي العهد بالتنويه إلى أن “مشروع الأنظمة الجديدة سيرسخ إرادة المرأة في عقود الزواج”، وفقا لما نقلته قناة العربية.
وأضاف أن “مشروع نظام الأحوال الشخصية الجديد سيعنى بحقوق الطفل ومصالحه”، وأن “مشروع نظام العقوبات الجديد سينص على منع التجريم إلا بنص نظامي، ويحصر نطاق العقوبة في الأفعال المنصوص عليها”.
كما يقضي مشروع الأنظمة الجديدة بحصر دور المحاكم السعودية “في تطبيق النص النظامي”، بحسب “الصنعاني”، مشيرا إلى أن “أنظمة الأحوال الشخصية والمعاملات المدنية والعقوبات والإثبات ستصدر تباعا”.
وكان قاض سعودي، تم إخفاء هويته حفاظًا على حياته، في حوار مع موقع منظمة DAWN، كشف عما يقوم به ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، من تجاوزات في حق منظومة القضاء بالمملكة، وسعيه لتدميرها لضمان ولائها له.
وأكد القاضي، أنه لا توجد ثقة بين النظام ومنظومة القضاء في المملكة، فحتى الآن لم تقبل السياسة السعودية تطبيق دخول لجان قضائية تحاكم البنوك أو الإعلامين وغيرهم تحت القضاء، ولا يزالوا يشككون في تقاطع مصالح القضاء مع مصالحهم الذاتية، ولا يريدون له أن يتجاوز مكانه.
وحول استقلال القضاء، قال القاض: “سأقولها لك بوضوح وكلّي حرقة: استقلال القاضي السعودي كذب”، متابعًا: “لا يرقّى أي قاض في أي مرتبة إلا بعد عرض ملفه على رئاسة أمن الدولة والتحقق من سيرته”.
وتابع بقوله: “قبل سنوات حدث إعفاء بالكامل لأعضاء المحكمة العليا جميعا، بما فيهم الرئيس، وتعيين قضاة جدد، وهذا تصرف سيء جدا طال أعلى محكمة في البلد، وشوه سمعة سيرة استقلال القضاء، وزادها سمعة سيئة في الحقيقة”.
واستطرد القاض قائلاً: “أيضا في أكبر اعتداء على استقلال القضاء جرى سجن مجموعة قضاة عددهم يقارب العشرة عدة شهور بتوجيه من الديوان الملكي من دون توفير أي حصانة لهم، و أهينوا بالسجن والتوقيف، منهم معالي وكيل وزارة العدل ومستشار الوزير وقضاة استئناف. وقد أفرج عنهم وعادوا كلهم للعمل بعدما تبين خطأ القرار بسجنهم، لكنها كانت رسالة واضحة لعموم القضاة بأنهم تحت الطلب في أي لحظة ولا كرامة لهم ولا حصانة وهي أكبر فاجعة مرت على استقلال القضاء في نظري منذ تأسيس الدولة السعودية”.
كذلك أشار القاض في حديثه إلى صدور عدة أوامر ملكية للتأكيد على منع القضاة من أي حضور إعلامي أو حتى في السوشيال ميديا واعتبار ذلك جريمة وفيه إهانة ظاهرة لهم ولحريتهم في التعبير، وخوفا من تكرار ظاهرة خطاب القضاة المائتين قبل عدة سنوات الذين وجهوا خطابا للملك وقتها بضرورة إصلاح القضاء. القضاة الذين كانوا آنذاك مائتين هم الآن ربما بالآلاف.
وحول علاقة السلطة التنفيذية بالقضاء وتوغلها عليه، لفت القاضي إلى أن وزير العدل، العضو في مجلس الوزراء يرأس مجلس القضاء، وهذا عيب جوهري لم تستطع الحكومة السعودية أن تصلحه من عدة أعوام ويهدم استقلال القضاء من رأسه.
كما أنه لا يوجد قانون مدني صريح وواضح في تسبيب الأحكام وهذا يؤثر سلبا على استقلال القضاء وحمايته من هوى القاضي المنحرف أو الموجّه.
وعلق القاض على المحكمة الجزائية وأحكامها بقوله: “محكمة من أسوأ المحاكم وعلى شهرة قضاياها فإن إنجازها من أبطأ المحاكم، وأحكامها ممنوعة من النشر ودخول مبنى رئاسة أمن الدولة أسهل من الدخول إليها” .
وأضاف: “هذه المحكمة عبارة عن إدارة لتخويف الشعب، وإرجافه، وراح ضحيتها عشرات الأبرياء”.
أما عن قضاتها، قال القاض:” تعيين قضاة فيها ممن عليهم قضايا تأديبية ثابتة في ملفاتهم بمجلس القضاء وسيرتهم مهزوزة ليسهل ابتزازهم وهذا شيء غريب ومشهور يحدثك به أي قاض هناك”، مضيفًا:” أحكامها هي الأحكام الأسوأ والأكثر جرأة على الأحكام المخيفة حتى مع عدم ثبوت التهم بمجرد دخولها تحت وصف فضفاض للإرهاب ولذلك تجد أن تسبيب أحكامها ضعيف كما يلاحظ العديد من الزملاء”.