“كش ملك”، بهذه الكلمات احتفَى الإماراتي حمد المزورعي المقرب من ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، باعتقال السلطات السعودية الأميرين أحمد بن عبد العزيز شقيق الملك السعودي، ومحمد بن نايف ولي العهد السابق، وشقيقه الأمير نواف بن نايف.

وتعكس حالة السعادة التي أظهرها المزروعي، ذراع بن زايد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حالة الرضى الإماراتي لاعتقال الأمراء، وخاصة “بن نايف”، الذي عرف بتعامله الحذر مع بن زايد، وحديثه الدائم عن سعي الأخير لإثارة خلافات بين أفراد الأسرة الحاكمة.

ويعود الخلاف بين الرجلين حين أطلق بن نايف، أيام كان ولياً للعهد، تحذيراً من مخاطر “مؤامرة إماراتية” لإثارة الخلافات بين أفراد الأسرة السعودية الحاكمة، وهو ما أحدث خلافاً شديداً بينهما، وفقاً لما كشفت مجلة “نيويوركر” الأمريكية في 2018.

وخلال رسالة وجهها الأمير بن نايف إلى الملك سلمان بن عبد العزيز، حذر فيها من “مؤامرة يقودها ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد لإثارة الخلافات داخل القصر الملكي السعودي”.

وجاء في الرسالة أن “بن زايد يخطط لاستخدام علاقاته مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لتحقيق مآربه ومخططه الرامي إلى التدخل في الشؤون الداخلية السعودية”.

وفي حينها كشفت المجلة في تحقيق استقصائي لها عن تفاصيل جهود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لإزاحة سلفه بن نايف، فضلاً عن تعاونه مع مسؤولين في الإدارة الأمريكية لتحقيق رؤية التغيير، ضمن مساعي تحقيق هذه الرؤية في الشرق الأوسط.

وتطرق تحقيق المجلة إلى دور سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة في حملة الترويج للأمير محمد بن سلمان في الدوائر الأمريكية.

وساعد بن زايد، وفق المجلة، بن سلمان على تحقيق نفوذه لأنه رأى فيه صورة “زعيم شغوف بمحاربة أعدائه”، إضافة إلى خلافه مع بن نايف.

ووقع الملك سلمان شخصياً على أمر اعتقال الأميرين أحمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف، اللذين اتهمتهما السلطات السعودية بـ”الخيانة”، وفق ما كشفت تقارير غربية.

وكانت أبرز التهم التي تم توجيهها إلى الأميرين، وفق ما نقلته وكالة “رويترز” عن مصدر إقليمي، هو قيام بن نايف ونجله بإجراء اتصالات مع القوى الأجنبية، وضمن ذلك الأمريكيون وغيرهم، للقيام بانقلاب.

ونقلت الوكالة أيضاً، في وقت سابق، عن مصادر أن الأمير أحمد كان واحداً من ثلاثة أعضاء فقط في مجلس المبايعة، الذي يتألف من كبار أفراد عائلة آل سعود، من الذين عارضوا تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد في 2017.

من وشى بهم؟

وبعد الاعتقال بدأت تتوارد أحاديث أن بن زايد هو من قدم أخباراً محرفة إلى القيادة السعودية من خلال رصده لاتصالات قام بها المعتقلون مع سفراء دول أوروبية بالسعودية بهدف إزاحتها عن الحكم، وفقاً لما يرى المحلل السياسي محمود رفعت.

وتداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر جلوس بن زايد أمام بن نايف حين كان ولياً للعهد بشكل مهين، في حين ربطوا اعتقاله بسبب هذه المعاملة.

المستشار السابق في الحكومة السعودية والمعارض الحالي محمد القحطاني، كشف في تصريح لـ”الخليج أونلاين”، أن الأسباب التي دفعت ولي العهد، محمد بن سلمان، إلى اعتقال الأمراء هو وصول معلومات إليه تفيد بوجود دعوات نُقلت من داخل المؤسسة العسكرية من قِبل قيادات، إلى الأميرين أحمد وبن نايف بضرورة تنفيذ انقلاب عسكري.

واستبعد القحطاني وجود أي مخطط لدى بن نايف أو الأمير أحمد للإطاحة بالقيادة السعودية الحالية، كما يتم الترويج لها حالياً.

ويرتبط الأميران أحمد وبن نايف بعلاقات قوية مع المؤسستين العسكرية والأمنية بحكم توليهما سابقاً مناصب حكومية، أبرزها وزارة الداخلية، التي تتحكم في مفاصل المملكة كافة.

خلاف قديم.. ومرتزقة كولومبيون لاعتقاله

يرى رئيس المعهد الأوروبي للقانون الدولي والعلاقات الدولية محمود رفعت، أن ولي عهد أبوظبي هو من يقف وراء التنكيل بولي العهد السابق للسعودية محمد بن نايف بسبب خلاف قديم جداً بينهما، مشيراً إلى أن تنفيذ هذا الأمر وقع في الرياض.

وأشار إلى أن بن زايد مرر معلومات خاطئة لابن سلمان، عن تواصل يجري بين بن نايف وأحمد بن عبد العزيز، مع بعض سفراء دول أوروبية، ما دفع ولي العهد السعودي لاعتقالهم.

ويتحدث رفعت، في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، عن إرسال بن زايد مرتزقة كولومبيين إلى الرياض، لتنفيذ عملية اعتقال الأمراء، مشيراً إلى أنهم من نفذوا الاعتقالات بعد ارتدائهم زي الحرس الملكي السعودي.

كما لفت إلى أن عملية التنكيل التي لحقت ببن نايف “بدأت منذ أكثر من 3 سنوات، من خلال انتزاع ولاية العهد منه، وكانت هذه الفكرة لمحمد بن زايد، الذي أقنع بن سلمان ووالده والأمير مقرن بها”.

وأضاف: “كان من مقتضيات الفكرة صعود بن سلمان على حساب محمد بن نايف، ورضى الأخير كانت نتيجته التنكيل به منذ 3 سنوات”.

وأشار إلى أن الأمريكيين تخلوا عن بن نايف منذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مضيفاً: “بن نايف كان طوال عمره معتمداً على صداقتهم، وكان يعتبر أحد أدواتهم الأمنية بالمنطقة وينفذ لهم ما يشاؤون، وهذا هو السبب الذي جعل محمد بن زايد ينكل به أكثر”.

نحو العرش

وسبق أن حصل “الخليج أونلاين”، في وقت سابق، على معلومات من مصادر مختلفة أكدت أن الجو العام الذي يسود عائلة “آل سعود” في المملكة يشير إلى التحضير لأمر كبير خلال الفترة المقبلة، قد يصل إلى الاصطفاف خلف شخصيّة توافقيّة ودعمها للقيام بتحرّك مدروس ضدّ الملك سلمان وابنه.

المصادر أضافت أن “بن سلمان بدأ يشعر بتهديد وجوديّ له أكثر من ذي قبل (في إشارة إلى اعتقالات فندق الريتز كارلتون التي طالت أمراء ومسؤولين)”.

وأشارت إلى أن مقترحات غربية تفيد بأن يكون البديل المحتمل للملك سلمان هو شقيقه الأصغر الأمير أحمد، الذي كان في حينها يقيم في بريطانيا.

وكان أحمد بن عبد العزيز أكد علناً رفضه لسياسة شقيقه الملك وولي عهده؛ حيث عارض ابن شقيقه بن سلمان ورفض تعيينه ولياً للعهد، ولم يبايعه عندما كان أحد أعضاء مجلس البيعة عام 2017.