قال المغرد السعودي الشهير “مجتهد”، إن اعتقال العلماء والدعاة والضغط على آخرين لإعلان فتاوى ومواقف توافق رؤية ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان”، تأتي ضمن حرب يقودها الأخير على الدين، الذي يعتبره خطرا.
وفي سلسلة تغريدات، لـ”مجتهد”، الثلاثاء، كشف أن حالات التطاول على ثوابت الدين، تتم بتوجيه شخصي من “بن سلمان”، لافتا إلى أن رؤية ولي العهد السعودي توافقت مع ولي عهد أبوظبي “محمد بن زايد”، في هذا الصدد، ما وثق في علاقتهما.
ولفت المغرد السعودي الشهير، إلى أن توجه “بن سلمان”، تولد من والده الملك “سلمان بن عبدالعزيز”، الجاف روحيا تجاه الدين، ومن حاشيته من الكتاب الليبراليين أمثال “عثمان العمير”، و”عبدالرحمن الراشد”، و”تركي الحمد”.
وبدأ “مجتهد” حديثه بالتأكيد أنه “لم يعد أحد من الغيورين على الدين والأخلاق والبلد يشكك أن بن سلمان شرير مفسد”، قبل أن يتساءل: “لكن الكثير يعتقد أن مصدر شره هذا منطلق من كونه شاب مراهق صارت في يده سلطة ومال دون رقيب ولا حسيب، فانطلق بالاستمتاع بها للحد الأقصى، وأنه ليس له موقف ديني ولا أخلاقي، فهل هذه هي الحقيقة؟”.
نفاق الدين
وقال “مجتهد”، إن المعلومات التي ينشرها “ليست استنتاجات أو تحليلات غير مباشرة، بل حقائق مبنية على تسريبات ومشاهدات ومعلومات مباشرة من دائرته الخاصة (بن سلمان)، ودائرة والده الحالية والسابقة (الملك سلمان)”.
وغرد “مجتهد”، قائلا: “لا يملك بن سلمان رصيدا ثقافيا ولا حصيلة معرفية ذي بال، ولو مر باختبار ثقافة عامة في التاريخ والجغرافيا والسياسة والاقتصاد والدين والقانون لما أحرز أكثر من 15%”.
وأضاف: “لكنه تعلم بعض المصطلحات والمعلومات المحدودة التي تصلح لادعاء المعرفة، فظن البعض أنه لديه بعض الفهم في الاقتصاد على الأقل”.
وتابع “مجتهد”: “لكنه رغم سطحية ثقافته وضحالة معرفته، فإن لديه رؤية تفصيلية لما ذكرته أعلاه، تشكلت بسبب عيشه في كنف والده والشخصيات المقربين من والده الذين لهم دور مباشر وغير مباشر في تشكيل شخصية وعقليته، وتحديدا هم عثمان العمير وعبدالرحمن الراشد وتركي الحمد”.
وأشار “مجتهد”، إلى أن والده كان معروفا ببغض “المطاوعة” (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، رغم مجاملتهم في الظاهر، و”كان يردد أن أخطر شيء على حكم آل سعود هو المطاوعة” .
وأضاف: “ومن المفارقات أن فهد وسلطان ونايف، رغم ما عرف عنهم من ظلم وفساد، كان لديهم قبسا من عاطفة روحية وقناعة بحاجة الحكم للدين، أما سلمان فقد كان جافا روحيا رغم نفاقه أمام المشايخ”.
وزاد: “كان سلمان يبشّر في مجالسه الخاصة وعلى مسمع من ابنه هذا، أن المجاملة للمطاوعة، ستنتهي قريبا، ولن يعود للدين هيبة في البلد، وسوف تنتهي تمثيلية تطبيق الشريعة، وتلغى كل المحرمات الاجتماعية”.
وبرر المغرد السعودي، إعجاب “سلمان”، بالملك الراجل “عبدالله”، أكثر من “سلطان” و”نايف”، رغم أنهم أشقاؤه، لـ”أنه أجرأ منهم على الدين”.
ولفت “مجتهد”، إلى أن “سلمان كان يتصنع القرب من العلماء وشيوخ القبائل، بطريقة نفاقية، لأن الظروف كانت تقتضي ذلك، لكن الذين كان يقربهم بثقة وقناعة حقيقية ويعطيهم حق التأثير على أبنائه، هم العمير والراشد والحمد، وغيرهم من المشهورين بعدواتهم للدين وانسلاخهم من الهوية الإسلامية العربية”.
وتابع: “هكذا، عاش بن سلمان في هذا الجو المعادي للدين والأخلاق والقيم، والمبشر بانسلاخ الوطن من عروبته وإسلامه، وتتلمذ على يد ثلة من الزنادقة، فضلا عن بيئة البطر والتفسخ والدلع الذي عامله به والده، حيث كان لا يُسأل عما يفعل، فكانت هذه عوامل جعلت من شخصيته مسخا بامتياز”.
ووفقا لرصد المقربين من “بن سلمان”، حسب “مجتهد”، فإن موقفه من الدين لا يقف عند خوفه من المتدينين، كونهم يعترضون على الفساد والظلم، بل إن مشكلته مع الإسلام نفسه ومع ثوابته الكبرى (الله والرسول والقرآن واليوم الأخر) فهو يستخف بالإسلام، بل تفلت منه عبارات تدل على إلحاد حقيقي والعياذ بالله.
وأضاف: “وهو يصرح في مجالسه الخاصة بأنه لن يهدأ له بال حتى يقضي على كل أنواع الدعوة للدين، وقد بدأ بالمحسوبين على الإسلام السياسي ثم استهدف من يرفض (الإسلام الليبرالي)، ثم ضيق الدائرة على النشاطات الدينية البسيطة، وهو في طريقه لإيقاف كل أشكال الدعوة والتعليم الديني بما في ذلك تحفيظ القرآن”.
وزاد: “طبقا لبعض المتدينين ممن تمكنوا من اختراق دائرته، ولم يكن يعلم بتديّنهم، فقد لاحظوا تضايقه من أي ذكر لله، حتى لو كان بشكل عابر، وأنه حين يكتشف شيئا من العاطفة الدينية عند أحد المحيطين به، يستبعده فورا من الدائرة، فيما عدا استثناءات قليلة لها مبررات خاصة” (لم يكشف عنها).
الإسلام خطر
وتابع: “ومن عمق تشربه (بن سلمان) لنهج العمير والراشد والحمد، فهو يردد في مجالسه الخاصة، أن الإسلام خطر في ذاته، وليس فقط في نشاط الصحوة، كما يقول في العلن”.
واستطرد: “تعلم من أؤلئك الزنادقة، أن نصوص القرآن والسنة كلها خطر، وأنه حتى لو سُحق الإسلام السياسي، فسيبقى وميض تحت الرماد ينطلق يوما فيحرك الناس ضد السلطة”.
ونقل “مجتهد”، عن مقربين من “بن سلمان”، قوله إن “التيار المدخلي -الذي يستخدمه حاليا- لن يكون بمنأى عن بطشه، بعد أن يستغني عنهم، لأن دعاة هذا التيار يتبنون تعظيم الحديث الصحيح، واحترام علماء السلف، وهذا عنده هو (بلا بوك يا عقاب)، حيث لا يصلح للمستقبل عنده، من يعظم الحديث، ويحترم علماء السلف حتى لو كان جاميا”.
وتابع موضحا: “وتأكيدا لكل ما سبق، فإن حالات التطاول على ثوابت الدين والتهكم بأهله والربط بين الدين والتخلف والإرهاب، التي تظهر في مقالات ومقابلات وتغريدات والتي ينفذها أشخاص معروفون، كلها تقريبا تتم بتوجيه شخصي منه، ويزوّد المكلفون بها بحصانة كاملة حتى لو تعرض بعضهم لتمثيلية محاسبة باهتة”.
وأرجع “مجتهد”، اعتقال العلماء والدعاة وفرض الإقامة الجبرية والضغط على بعض الضعفاء من العلماء لإعلان فتاوى ومواقف خيانية، إلى أنها “بهدف تحقيق نفس الهدف، وهو الحرب على الدين نفسه، وحرمان المجتمع تماما من صوت الدعوة، مقابل حملة شرسه في تشويه الدين”.
وزاد قائلا: “حين نقول إنه يوجه شخصيا قضايا التطاول على الدين واعتقال العلماء، فأنا أقصدها حرفيا، فهو يمارس بشكل تفصيلي توجيه الأوامر، وبعض الأحيان لا يكتفي بالتعميد الشفوي للأشخاص المعنيين، بل كثيرا ما يستخدم، من شدة حماسه وغبائه، تطبيقات التواصل (الواتس غالبا) للتوجيه والمتابعة”.
العلاقة مع “بن زايد”
وتطرق “مجتهد”، في تغريداته إلى علاقة “بن سلمان”، بولي عهد أبوظبي الشيخ “محمد بن زايد”، قائلا إنه “خلافا لما يعتقده الكثير، فإن شخصية بن سلمان المعادية للدين، لم يصنعها بن زايد، بل هما شيطانان توافقا قلبا وعقلا وعاطفة وشعورا وحل بينهما انسجام كامل”.
ونقل عن مقربين من “بن سلمان”، أن حالته مع “بن زايد”، يصح عليها قول الشاعر: “أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى.. فصادف قلبا خاليا فتمكنا”.
وأضاف: “لذلك فإن بن زايد ليس بحاجة، كما يدعي البعض، لابتزاز بن سلمان بتسجيلات، ويؤكد القريبون من بن سلمان أنه هو الذي بادر بطلب الخبرة منه في محاربة الإسلام، وتخريب المجتمع والتطبيع ودعم الطغاة، وهو صاحب فكرة اللجان المشتركة في كل الوزارات، وهو الذي تحمس لتوحيد البرامج الأمنية والإعلامية”.
وتابع: “رغم هذا العشق بينهما وحاجة بن سلمان لبن زايد في الخبرة السياسية في حرب الإسلام، يبقى العمير والراشد والحمد أرقى النماذج عنده، والراشد بالذات هو المثل الأعلى”.
وأما على مستوى التنفيذ، حسب “مجتهد”، فلا يعلو أحد على مستشار بن سلمان السابق “سعود القحطاني”، والسبب بسيط وهو “سجله الرائع في محاربة الإسلاميين أيام (رئيس الديوان الملكي السعودي سابقا خالد) التويجري”.
وختم “مجتهد”، تغريداته بالقول: “يؤكد المقربون منه قناعته أن علاقة السلطة بالدين انتهت، ويجب أن يعلن ذلك بصوت مرتفع، ويكرر في مجالسه نيته تجريم الوهابية تحديدا، والبراءة منها علنا”.
قبل أن يكشف أن “بن سلمان”، وجه وسائل الإعلام المختلفة بالتهيئة لذلك، وشن حملة غير رسمية على الوهابية، وعلى ما يسمى “شيوخ الدعوة النجدية”.
وتعهد “مجتهد”، بمواصلة حديثه في الأيام المقبلة عن رؤية ولي العهد السعودي “للأخلاق والقيم والحياة الاجتماعية وتفاصيل كثيرة عن دوره الشخصي في كثير من النشاطات الموجهة لتخريب المجتمع وتطبيع الفساد والشذوذ”.
وتشهد السعودية تغيرات اجتماعية واسعة، منذ تولي الأمير “محمد بن سلمان” ولاية العهد عام 2017، يعتبرها البعض صادمة لطبيعة المجتمع السعودي المحافظ، ومتناقضة مع تراثه الفقهي الذي سعت المملكة لنشره عبر عقود باعتباره يمثل رأي أهل السنة والجماعة بين المسلمين.
ومن بين تلك التغيرات، الاحتفالات الصاخبة التي باتت تنظمها هيئة الترفيه، برئاسة “تركي آل الشيخ” المقرب من “بن سلمان”، فضلا عن بدء المملكة اعتماد التقويم الميلادي في معاملاتها، بما في ذلك مواعيد تسليم رواتب الموظفين الحكوميين الشهرية، بدلا عن التاريخ الهجري.
وتتزامن جرعة الترفيه المكثفة في السعودية، مع حملة “اعتقالات” شملت ناشطين ورجال دين، أغلبهم ممن دعوا في الأساس إلى إصلاحات، بجانب آخرين انتقدوا هيئة الترفيه، وفق تقارير حقوقية.
وبدأت السعودية، في 2017، حملة اعتقالاتها باستهداف شخصيات أكاديمية ودينية بارزة منهم: “سلمان العودة”، “ناصر العمر”، “عوض القرني”، “علي العمري”، إضافة إلى اعتقال شعراء ومفكّرين منذ سنوات، لمخالفتهم رأي السلطة الحاكمة.