استأجرت السعودية، أكبر مصدر للنفط، أسطولاً من السفن لغمر السوق بكميات إضافية من الخام، لكن شركات التكرير مترددة في قبول الشحنات؛ لكون العملية رفعت تكاليف الشحن لمستويات فلكية.

وذكرت وكالة “رويترز” أن المملكة قد تعجز من جراء ذلك عن تصريف عشرات الملايين من البراميل المحمّلة على متن سفن راسية باهظة التكلفة، في ظل انهيار الطلب على النفط بفعل فيروس كورونا، وفقدان الأسعار العالمية أكثر من نصف قيمتها مقارنة مع بداية العام.

فبعد أن أخفقت في إقناع موسكو بدعم تعميق تخفيضات الإنتاج خلال اجتماع لمنظمة البلدان المصدّرة للبترول وحلفائها، في إطار ما يعرف بمجموعة “أوبك+”، في وقت سابق هذا الشهر، قالت السعودية إنها ستزيد الإنتاج لمستويات قياسية في “حرب” على الحصص السوقية.

ونقلت الوكالة عن مصادر بقطاع الشحن قولهم إن السعودية حجزت عدداً كبيراً من الناقلات العملاقة يصل إلى 25، واستأجرت بشكل مبدئي 15 سفينة أخرى لإرسال النفط إلى عملاء جدد وقدامى بهدف إزاحة روسيا، ويمكن للسفن أن تحمل معاً 80 مليون برميل من النفط، وهو ما يوازي تقريباً يوماً من الطلب العالمي.

وتسببت حمى استئجار السفن في زيادة ضخمة في أسعار الناقلات، ما دفع المملكة إلى إخطار المشترين بتخليها عن سياستها المعتادة بتقديم تعويض عن القفزات في أسعار الشحن، مما قلل من جاذبية الخصومات السعودية الكبيرة.

كما نقلت الوكالة عن أربعة مصادر تجارية قولها إن عدداً من شركات النفط الأوروبية الكبرى وشركات التكرير تخوض محادثات مع “أرامكو” السعودية لمحاولة خفض مشتريات أبريل.

ولم يعرف بعد ما إذا كانت أكبر شركة نفط في العالم قد أخطأت التقدير أم أن لديها استراتيجية للفوز ستحرم عملياً منافسيها من الكثير من السفن.

وتخزن “أرامكو” في العادة الخام بمستودعات أرضية بمراكز عملياتها، مثل “رأس تنورة”، وفي مراكز استهلاك آسيوية وأمريكية وأوروبية لها فيها مساحات تخزين، حيث تدفع القليل نسبياً مقارنة بأسعار الناقلات الحالية.

 

مراهنة غير مضمونة

وتضيف “رويترز”: “لكن حمى الاستئجار لدى الرياض من المستبعد أن تعود عليها بفوائد مثل هذه، بل قد تؤثر سلباً على المضاربين التقليديين الذين يتعين عليهم حتى في أفضل الأحوال الدفع مقابل التخزين والتأمين وتكلفة نقل النفط”.

وأشارت إلى أن الاندفاع على السفن تسبب في ارتفاع أسعار الناقلات لمستويات قياسية تجاوزت 200 ألف دولار يومياً في الأيام العشرة الأخيرة، وما زالت الأسعار فوق 100 ألف دولار في اليوم، مقارنة مع متوسط بنحو 40 ألف دولار يومياً في العام الماضي.

وعادة ما تهيمن على التخزين العائم كبرى شركات النفط ودور التجارة، والتي تستأجر السفن لتخزين الخام الذي تنتجه أو تشتريه بأسعار رخيصة من السوق، مراهنة على إمكانيتها بإعادة بيعه بهامش ربح عند ارتفاع الأسعار.

وتعتمد هذه الاستراتيجية على هيكل للسوق تقل فيه أسعار التسليمات قصيرة الأجل عن أسعار الآجال الأطول، ويمكن لذلك أن يدر أرباحاً بعشرات الملايين من الدولارات، كما كان الحال في 2009، عندما جرى تخزين أكثر من 100 مليون برميل بحراً.

وتخوض السعودية وروسيا معركة على حصص السوق؛ بعد أن انهار هذا الشهر اتفاقهما لكبح الإنتاج الذي دام ثلاث سنوات.

ويضخ البلدان النفط بأقصى طاقة، في وقت يشهد فيه تراجعاً حاداً للطلب العالمي بسبب انتشار فيروس كورونا، ما دفع الأسعار للانخفاض إلى أدنى مستوياتها في نحو 20 عاماً هذا الأسبوع.

ويعتبر الاقتصاد الروسي أكثر تنوعاً من نظيره السعودي وأقل اعتماداً على النفط من اقتصاد المملكة.