دعا رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” في الخارج “خالد مشعل” السعودية مؤخرا لاستئناف العلاقات مع حركته، وأشاد بدور الرياض التاريخي في دعم الفلسطينيين، كما دعا المملكة لاستضافة قيادة “حماس” على أراضيها.
وفي مقابلة في 4 يوليو/تموز مع قناة “العربية” التاب للسعودية، أكد “مشعل” أن “حماس” لم ولن تكون جزءا من محور بعينه في المنطقة، لأنها حركة مقاومة تحتاج إلى دعم الجميع، مشيرا إلى أن “حماس” كانت منفتحة منذ انطلاقتها على جميع البلدان. وأضاف أن شكر إيران على دعم “حماس” بالأسلحة لا يعني أن الحركة توافق على سياساتها الإقليمية أو الدولية.
وتعليقا على مطالبة “حماس” بقطع العلاقات مع إيران، قال “مشعل” إن “حركته لن تقطع أي علاقات تخدم مصالح الشعب الفلسطيني. وشدد في الوقت ذاته على رفض “حماس” لأي عدوان ضد أي دولة عربية وإسلامية، في إشارة إلى هجمات الحوثيين على السعودية.
كواليس المقابلة المفاجئة
كان ظهور “مشعل” على قناة تلفزيونية سعودية مفاجأة بعد الجفوة التي استمرت 10 سنوات، حيث تدهورت العلاقات السعودية مع “حماس” في السنوات الأخيرة بسبب تقارب “حماس” مع إيران وانحيازها لجماعة “الإخوان المسلمين” التي خرجت منتصرة في انتخابات ما بعد الربيع العربي في المنطقة.
وأغضبت تحركات “حماس” الرياض، التي اعتقلت في أبريل/نيسان 2019 عشرات من أنصار “حماس” الذين ما زالوا خلف القضبان في المملكة.
وعلم موقع “المونيتور” من مصادر في “حماس” و”العربية” أن القناة التلفزيونية تواصلت مع “مشعل” لترتيب مقابلة في أواخر يونيو/حزيران، وأن الأخير تشاور مع “إسماعيل هنية” قائد “حماس” في هذه المسألة.
وأوصل “مشعل” لمسؤولي القناة رغبته في التحدث بحرية دون أي قيود بغض النظر عن الموضوع، ورغبته في بث المقابلة بشكل مباشر، وفيما وافقت القناة التلفزيونية على طلبه الأول، رفضت طلبه الثاني لأسباب فنية، وفقا للمصادر.
منعطف مهم
وقال “باسم نعيم”، وزير الصحة الفلسطيني السابق وعضو مكتب العلاقات الدولية لحركة “حماس”، لموقع “مونيتور”: “ظهور مشعل على تلفزيون العربية هو نقطة تحول مهمة في علاقات الحركة مع السعودية، والتي شابتها التوترات وسوء الفهم نتيجة للتطورات الإقليمية المتعددة التي لا علاقة لحماس بها”.
وأضاف أن الحركة تسعى إلى تسهيل المصالحات الإقليمية، مشيرا إلى أن هذه المقابلة قد تقدم فرصة لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين “حماس” والسعودية.
وقال الكاتب السياسي الفلسطيني “أحمد الحيلة”، لموقع “مونيتور”: “ظهور مشعل في العربية هو تأكيد من حماس بأن الأضرار التي لحقت علاقاتها مع الرياض مؤقتة فقط، على أمل أن يعودوا كما كانوا”.
وحذفت القناة التلفزيونية مقطعًا دعا فيه “مشعل” السعودية إلى الإفراج عن عشرات الفلسطينيين الذين احتجزوا في المملكة منذ أبريل/نيسان 2019، ولم تعلق الحركة على هذا الحذف، ربما لتجنب التوتر مع السعودية.
وصرح “مصطفى الصواف”، وهو محلل سياسي مقرب من “حماس” ورئيس التحرير السابق لصحيفة “فلسطين” المحلية، لموقع “مونيتور” قائلًا: “موقف حماس من سياسة قناة العربية تجاه الحركة لم يمنع مشعل من الظهور على القناة السعودية لإلقاء الضوء على العلاقات الإقليمية للحركة، خاصة مع إيران وتركيا اللتان ليستا على وفاق مع السعودية”،
ورأي “الصواف” أن الظهور ساعد في دحض الادعاءات بأن “حماس” خاضعة لطهران وأنقرة.
التوترات مع الإمارات
وبغض النظر عن الدوافع وراء طلب “العربية” مقابلة “مشعل”، فقد تزامنت المقابلة مع التوتر المتزايد في العلاقات السعودية الإماراتية بشأن الحرب في اليمن والقضايا المتعلقة بالنفط.
ولا تخفي الإمارات عداءها لـ”حماس”، وبالتالي فإن منح “مشعل” 30 دقيقة في مقابلة مع “العربية” ربما يكون رسالة أو تحديا من الرياض لأبوظبي.
وبالرغم أنه لا يزال من السابق لأوانه التحدث عن طفرة في علاقة السعودية بـ”حماس”، فإن المقابلة أذابت الجليد بين الجانبين، فيما قد يعود جزئيا لتحسن علاقات السعودية مع قطر التي يقيم فيها “مشعل” وقادة “حماس”.