بعد نفي المكتب الإعلامي لحكومة الفجيرة صحة التقارير التي أشارت إلى وقوع انفجارات في ميناء الفجيرة، اعترفت الخارجية الإماراتية، في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية “وام”، بتعرض” أربع سفن شحن تجارية مدنية من عدة جنسيات صباح اليوم لعمليات تخريبية في المياه الاقتصادية لدولة الإمارات”، قرب إمارة الفجيرة على بعد حوالي أكثر من 100 كيلو مترًا من إيران.
وأوضحت الخارجية الإماراتية بأن “العمليات التخريبية لم تنتج عنها أي أضرار بشرية أو إصابات، كما لا يوجد أي تسرب لأي مواد ضارة أو وقود من هذه السفن”، لافتة إلى أنه يجري التحقيق “حول ظروف الحادث بالتعاون مع الجهات المحلية والدولية”.
ولم تشر الخارجية، في بيانها، إلى الجهة التي استهدفت سفنها، واكتفت بالإشارة إلى أن “تعريض السفن التجارية لأعمال تخريبية وتهديد حياة طواقمها يعتبر تطورا خطيرا”، مطالبة المجتمع الدولي إلى القيام بمسؤولياته، لمنع “أي أطراف تحاول المساس بأمن وسلامة حركة الملاحة البحرية”، مؤكدة أن هذا “يعتبر تهديدًا للأمن والسلامة الدولية”.
وكان المكتب الإعلامي لحكومة الفجيرة، قد نفى، قبل بيان الخارجية الإماراتية، صحة التقارير الإعلامية التي تتحدث عن انفجارات قوية في ميناء الفجيرة، مؤكدًا أن حركة العمل في الميناء تجري وفق المعتاد، داعيًا وسائل الإعلام إلى تحري الدقة والاعتماد على المصادر الرسمية.
وأتى نفي المكتب الإعلامي لحكومة الفجيرة، بعد أن نقلت قناة “الميادين” اللبنانية، عن مصادر خليجية قولها بوقوع انفجارات قوية هزت ميناء الفجيرة الإماراتي، فجر اليوم، لافتة إلى أنه لم تتضح طبيعة الانفجارات. وأضافت مصادر القناة أن شهود عيان شاهدوا طائرات عسكرية أميركية وفرنسية حلقت فوق الميناء، وفي سماء المنطقة كلها.
كما تم فرض تطويق كامل للمنطقة التي وقعت فيها الانفجارات، وفقًا للقناة، موضحة بأن النيران اشتعلت في عدد من ناقلات النفط التي كانت راسية في الميناء وعددها بين 7 و 10. وذكرت مصادر القناة أرقام وأسماء عدد من هذه الناقلات المتضررة، وهي من طراز SuperTanker وهي ناقلة النفط “المرزوقة” وناقلة النفط “الميراج” و “المجد” وناقلة النفط “الأميجال” وناقلة النفط “خمسا 10”.
وتأتي هذه التطورات، في الوقت الذي يشهد فيه الخليج العربي توترًا كبيرًا بين الولايات المتحدة وإيران، خاصة بعد إعلان وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون”، أنها أرسلت سفينة “يو إس إس أرلينغتون” الحربية البرمائية، وبطارية واحدة من صواريخ “باتريوت” إلى الشرق الأوسط، إثر التوتر المتصاعد مع إيران.
وذكر بيان للبنتاغون، أمس، أن وزير الدفاع بالوكالة، باتريك شاناهان، وافق على إرسال البطارية والسفينة استجابة لطلب من قيادة القوات المركزية، مطلع الأسبوع الحالي، لدعمها بقوة عسكرية إضافية.
وأشار البيان إلى أن البطارية والسفينة ستنضمان إلى مجموعة سفن هجومية تقودها حاملة الطائرات “أبراهام لينكولن” وقاذفات استراتيجية، أرسلتها واشنطن إلى المنطقة مطلع الأسبوع الحالي.
وتأتي تصريحات شاناهان، غداة إعلان واشنطن وصول أربع قاذفات استراتيجية من طراز “بي 52 إتش” إلى الشرق الأوسط، إثر ورود “مؤشرات على وجود خطر حقيقي من قبل قوات النظام الإيراني”.
من جهتها، أعلنت إيران، الأربعاء الماضي، عن تعليق بعض تعهداتها بموجب الاتفاق النووي، وهددت بإجراءات إضافية، خلال 60 يوماً، في حال لم تطبق الدول الأخرى التزاماتها.
وعن تفجيرات الفجيرة، قالت المتحدثة باسم البنتاغون لشؤون العلاقات العامة، كولونيل كارلا غليسون، لـ قناة “الحرة”، إن القيادة الوسطى الأميركية تقوم بـتقصي المعلومات حيال الحادث، وأن هناك متابعة مع السلطات الاماراتية في هذه الشأن منذ ساعات الصباح الأولى.
ورفضت الإفصاح عن مزيد من المعلومات، مشيرة إلى أن البنتاغون يتابع التحقيقات الإماراتية بشكل متواصل وسيعلن موقفه في وقت لاحق.
وعلق رئيس لجنة الأمن القومي الإيراني على الحادثة بقوله إن: “تفجيرات الفجيرة في الإمارات تثبت هشاشة الأمن جنوب المياه الخليجية”، في إشارة منه إلى أن الوضع في حال نشوب حرب، فإنه في صالحهم.
وعن الجهة التي تقف خلف هذه التفجيرات، اعتبر الباحث السياسي الكويتي، مشعل النامي، أن “عدم إعلان الإمارات عن الاعتداءات كشف إيران وأنها هي من يقف خلف هذه الاعتداءات حيث نشر الإعلام التابع لها الأخبار وتداولها بكثافة بقصد إيصال الرسالة بأن إيران تستطيع منع دول الخليج من تصدير النفط بتاتًا”، وفق قوله.
وأشار النامي إلى أن التفجيرات التي حدثت قرب الفجيرة صباح اليوم تعد تطورًا ملفتًا”، مبينًا أنها “رسالة من قبل إيران مفادها بأنه “حتى الميناء النفطي المطل على خليج عمان والذي يقع بعد مضيق هرمز.. نستطيع أن نعطل تصدير النفط منه أيضًا مع إغلاقنا للمضيق”، مضيفًا “يبدو أن الحرب باتت وشيكة”.
في السياق ذاته، استبعد المستشار السابق في مركز أبحاث الكونغرس، كينيث كوتزمان أن تكون إيران هي المسؤولة عن عمليات الفجيرة، لأنها تحاول التخفيف من التصعيد في المنطقة، بينما تسعى أميركا للمزيد من التوتر في المنطقة.
وقال كوتزمان، في تصريحات له، اليوم، في برنامج “ما وراء الخبر” على قناة الجزيرة، إن من مصلحة الإمارات العربية المتحدة تهويل الحادثة والمبالغة فيها، لتبرر أية تدخلات عسكرية مستقبلية.
وأشار إلى أن “واشنطن لها هذه القدرة على عدم الانزلاق في حروب بالمنطقة، خاصة أن الرئيس دونالد ترامب اعتمد في حملته الانتخابية على وعود بعدم الانخراط في حرب بالشرق الأوسط وانسحاب جنوده من العراق وأفغانستان، وعدم الانخراط في الحرب بسوريا، مؤكدا بذلك عدم الانخراط في صراع جديد بالمنطقة”، حد تعبيره.
وعلى نقيض ما ذكره المستشار الأمريكي السابق، اعتبر عبدالله الشايحي، المستشار السياسي السابق بمجلس الأمة الكويتي، أنه لا يمكن فصل عمليات الفجيرة عن التوتر الحاصل في المنطقة”، لافتًا إلى أن إيران بارعة فيما أسماها الحروب غير المتناظرة أو المتماثلة التي من شأنها التأثير على من تستهدفهم طهران.
من جهته، علق عبدالباري عطوان، رئيس تحرير صحيفة “رأي اليوم” اللندنية، في افتتاحيتها اليوم، على الحادثة، معتبرًا أن التوقيت ينطوي على كبيرة من الأهمية، لافتًا إلى أن الإدارة الأمريكية للملاحة البحرية من أن إيران قد تستهدف سفنًا تجارية أمريكية بما يشمل ناقلات النفط”، ناقلاً قول نائب الإميرال جيم مالوي، قائد الأسطول الأمريكي الخامس المتمركز في البحرين: إن القوات الأمريكية رفعت حالة التأهب.
وأضاف عطوان: “السلطات الإيرانية تعيش هذه الأيام حالة من التحدي غير مسبوقة ويبدو أنها غير عابئة بالتهديدات الأمريكية الاستفزازية من بينها إرسال حاملة الطائرات العملاقة “أبراهام لينكولن” إلى مياه الخليج إلى جانب عدد من طائرات بي 52 القاذفة العملاقة”.
ولفت عطوان إلى أنه لا يمكن الجزم عن الجهة التي تقف خلف هذه التفجيرات، مشيرًا إلى أنها قد تكون “يمنية، تتبع لحركة “أنصار الله” الحوثية، التي هددت قيادتها أكثر من مرة بقصف أبو ظبي ودبي كرد على تدخل الإمارات في حرب اليمن”.
وكان زعيم جماعة “أنصار الله”، عبدالملك الحوثي، قد هدد، في حوار تلفزيوني أجرته معه قناة المسيرة اليمنية في أبريل/نيسان الماضي، بقصف مواقع حيوية في السعودية والإمارات، وقال إن على السعودية التخلي عن “طموحها غير المشروع” إذا كانت تريد الاطمئنان، كما اعتبر أن اقتصاد الإمارات معرض للخطر إذا واصلت قصف اليمن”.
وقال الحوثي أيضًا “لدينا أهداف استراتيجية وحيوية وحساسة ومؤثرة يمكن استهدافها في حال القيام بأي تصعيد في الحديدة.. صواريخنا قادرة على الوصول إلى الرياض وما بعد الرياض، إلى دبي وأبو ظبي وأهداف حيوية وحساسة لدى قوى العدوان”، حد تعبيره.
كما اعتبر أن “الإماراتي يحشر نفسه في المشكلة في اليمن” مما يشكل مخاطر حقيقية على الاقتصاد الإماراتي، مضيفًا “إذا استمر العدوان فإن الاقتصاد الإماراتي والاستثمار هناك سيكون معرضًا لمخاطر حقيقية”.
يذكر أن قناة المسيرة، كانت قد أعلنت في 3 ديسمبر/ كانون الأول 2017 بأن القوة الصاروخية اليمنية أطلقت صاروخ مجنح من نوع “كروز” على مفاعل “براكة النووي” في أبوظبي”، ونقلت عن مصدر في “القوة الصاروخية” تأكيده “إصابة الصاروخ هدفه بدقة في أبوظبي”.
وفي أواخر يوليو/تموز الماضي، أعلنت الجماعة أن قواتها استهدفت مطار أبو ظبي الدولي في الإمارات بواسطة طائرة صماد 3 المسيرة وشنت عدة غارات على المطار، فيما نفى الجانب الإماراتي وقوع الهجوم.
بعدها بشهرين من إعلان استهداف مطار أبو ظبي، أعلنت الجماعة مجددًا، عن استهدافها مطار دبي بطائرة مسيرة من نفس النوع الذي استهدفت به مطار أبو ظبي، ومن جهتها نفت الإمارات مجددًا ذلك.