قال الكاتب البريطاني ديفيد هيرست، إن الجنرال السابق سعد الجبري والذراع اليمنى لولي العهد السعودي السابق محمد بن نايف، تحول إلى أمر أكثر خطورة على ولي العهد محمد بن سلمان من قضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي.
وأوضح الكاتب بمقال في موقع “ميدل إيست آي” البريطاني: إنه “لا أمل أمام الملك الغلام في تجنب النكبة سوى فوز دونالد ترامب؛ لأنه في حال خسر فإن ما حول ترامب سينهار، وتستعيد السي آي إيه ووزارة الخارجية ما كان لهما من دور في صنع القرارات، وسوف تسري رياح عاصفة عبر قصر بن سلمان في الرياض، حتى لو نصب نفسه ملكاً”.
وأضاف: “لم تضع المعركة التي بدأها محمد بن سلمان بالإطاحة بمحمد بن نايف قبل ثلاثة أعوام أوزارها بعد، لعل محمد بن سلمان يعتقد أنه تمكن من دفن محمد بن نايف داخل المملكة، إلا أنه لم ينجح في قطع علاقاته مع المؤسسة الأمنية في الولايات المتحدة، فها هم المسؤولون فيها يعربون عن انحيازهم للجبري وعائلته ولبن نايف في محبسه”.
وتابع: “سيخوض الجبري حرباً مع بن سلمان حتى النهاية، فحتى الآن، وبعد العديد من المحاولات لإسكاته، ما زال بن سلمان يرسل العملاء إلى تورنتو لإتمام المهمة”.
يعيش الجبري حالياً تحت حراسة مشددة من قبل ضباط مسلحين تابعين لشرطة الخيالة الملكية الكندية، بالإضافة إلى حراس خاصين، كما ذكرت صحيفة “ذي غلوب أند ميل”.
أخطر من قضية خاشقجي
الأكثر خطورة لفرقة النمر من خاشقجي على ولي العهد محمد بن سلمان كان سعد الجبري؛ اليد اليمنى للأمير محمد بن نايف في وزارة الداخلية، فقد كان على علم بكافة أسرار الوزارة المحرجة، بما في ذلك أن الملك سلمان وابنه -كما يزعم- غمسا أيديهما في صندوق مكافحة الإرهاب التابع للوزارة، وكانا يسحبان منه عشرات الملايين من الريالات السعودية كل شهر.
يقول هيرست: “كان جمال خاشقجي قد أبلغني، نقلاً عن مصادر موثوقة، أن راتب الملك الشهري كان 3 مليارات ريال، أو ما قيمته 800 مليون دولار. إنها بلا شك مبالغ مذهلة. ولا عجب إذن أن يكون ميزان المدفوعات السعودية على شفا جرف هارٍ”.
كان الجبري وما يزال رجلاً من داخل المنظومة، أما خاشقجي فلم يزد عن كونه صحفياً لديه اتصالات جيدة عمل لفترة قصيرة مسؤولاً إعلامياً لدى وزير أمن سابق، فلم يكن من أهل الديوان الملكي.
ليس الجبري الوحيد من داخل المنظومة الذي يختلف مع النظام، ولكن ما يميزه عن الآخرين أنه على استعداد لمقارعة النظام وجهاً لوجه.
عندما خرجت “سي آي إيه” لتقول بشكل لا لبس فيه إنها تعتقد أن محمد بن سلمان هو الذي أمر بجريمة قتل خاشقجي وأدارها بنفسه، ما لبثت واشنطن أن استدارت وتراجعت، وظهر الآن أن أحد عناصر حسم “سي آي إيه” لموقفها آنذاك كان الجبري نفسه.
الموقف الأمريكي
الصورة الكلية التي يكشف النقاب عنها الجبري هي كالتالي: إن المعركة على السلطة، التي بدأت قبل ثلاثة أعوام بالإطاحة بمحمد بن نايف من منصبه كولي للعهد، ثم التشهير به، بزعم أنه مدمن على المخدرات، لم تضع أوزارها بعد، وبحسب حيثيات القضية المرفوعة كان بن سلمان قبل أن ينقض على بن نايف قد استشار جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي.
وكان الجبري نفسه قد فصل من منصبه بعد أن تنامى إلى علم محمد بن سلمان أنه اجتمع مع مدير “سي آي إيه” جون برينان، مرتين، وأثار خلال اللقاء موضوع الدعوة التي وجهها محمد بن سلمان إلى بوتين بشأن سوريا.
غادر الجبري البلاد عندما بدأ مديره بن نايف، المخلوع من منصبه، حملة ضغط في واشنطن، وحينها قيل للجبري إنه بات مستهدفاً.
لا تقف مديرة الاستخبارات الأمريكية جينا هاسبيل و”CIA” متفرجين في هذه المعركة المفتوحة بين الجبري وولي العهد، بل يتعمد الجبري في حيثيات الدعوى التي رفعها تأكيد أنه و”CIA” قريبان من بعضهما، وقريبان جداً.
في خطوة غير مألوفة حظي الجبري بمساندة علنية؛ فقد صرح ناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية لموقع “ميدل إيست آي” بما يلي: “كان سعد الجبري شريكاً مقدراً للولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، وما قام به الجبري من أعمال مع الولايات المتحدة ساعد في إنقاذ حياة أمريكيين وسعوديين، وكثير من المسؤولين الحاليين والسابقين في حكومة الولايات المتحدة يعرفون سعد ويحترمونه”.
ما من شك في أن مثل هذه التصريحات التي يدلي بها مسؤولون أمريكيون دعماً لمنشق سعودي بالغة الأهمية. بل باتت أكثر أهمية الآن، كما تشير استطلاعات الرأي، ونحن في الشهور الأخيرة من رئاسة ترامب، خاصة أن خليفته المحتمل، جو بايدن، تعهد في حال انتخابه بمعاقبة القادة السعوديين على جريمة قتل خاشقجي، وبوقف مبيعات السلاح إليهم، وتحويلهم إلى أفراد منبوذين كما يستحقون.
يعيش الجبري حالياً تحت حراسة مشددة من قبل ضباط مسلحين تابعين لشرطة الخيالة الملكية الكندية، بالإضافة إلى حراس خاصين، كما ذكرت صحيفة “ذي غلوب أند ميل”.
ويقول الكاتب: “ماذا يمكن أن يفعل بن سلمان لو تمت دعوة الجبري للشهادة أمام الكونغرس، حتى لو كان ذلك في جلسة مغلقة، وبدأ بالكشف عن الجرائم التي ارتكبها الملك القادم أمام أعضاء الكونغرس؟ ولقد بدأ الشيوخ من الحزبين يحثون ترامب على تأمين الإفراج عن أبناء الجبري”.
وينهي هيرست مقاله بالقول: “يرفض شبح خاشقجي الاختفاء، ويعزم الجبري على منع القاتل من الاستمتاع بغنائم السلطة. وكل هذا يقود إلى الخلاصة التالية: يواجه محمد بن سلمان الآن أكبر تحدٍّ خارجي في سعيه للاستيلاء على العرش”.