يعاني مشروع مدينة نيوم من موجات متوالية من الاستقالات، مع تفشي اليأس بين مدراءه وكبار موظفيه من إمكانية تحقيق المدينة الحلم التي أعلن عنها ولي العهد محمد بن سلمان قبل ثلاث سنوات
وصرحت شخصيات ساهمت المشروع لصحيفة “وول ستريت جورنال” بأن عشرات كبار الموظفين غادروا المشروع في موجات استقالة متوالية رغم العروض السخية بأجور تبلغ المليون دولار سنويًّا.
فقد وجد المهندسون صعوبات كبيرة في تفجير حفرة طوالها نصف ميل على جانب أحد الجبال، لتحتوي فنادق ومجمّعًا سكنيًّا، وبناء 10 قصور ضخمة من المخطط أن تعرض في السوق بما يصل إلى 1.5 مليار ريال سعودي (400 مليون دولار)، ما دفع الطاقم المشرف عليها للتساؤل حول ما إذا كان أحدٌ سيشتريها.
وفي لقاء جمع عددًا من المخططين الحضريين بمحمد بن سلمان ديسمبر الماضي، عرضوا عليه فيها خططًا أكثر واقعيةً لبناء مدينة خالية من التلوث، فتجاهل مخاوفهم وطلب منهم الامتثال لرؤيته، وقال: “أريد أن أبني أهرامًا لي”، حسب ما نقلت الصحيفة.
وصرح موظفون بأن بن سلمان يتدخل في كافة تفاصيل المشروع الكبير منها والصغير، فعندما عرض عليه المخططون ثلاث مقترحات لمشروع جبل نيوم، قام بن سلمان بانتقاء عناصر من كل مقترح ووضع خطته الخاصة.
وقالت شخصيات مطلعة على المشروع أن بن سلمان يستخدم الإعلانات الضخمة لجذب المستثمرين، وفي الاجتماعات الخاصة يقول لهم بأنه سيكون راضيًا لو تحقق نصف ما استهدفه، ولكن هذا الأسلوب فشل في جذب الاهتمام الدولي بالاستثمار في المشروع، حيث الاستثمار الدولي في السعودية انخفض خلال العقد الماضي بمقدار يتجاوز النصف.
ويستثنى من العزوف الدولي هذا شركة كيماويات أمريكية تعاقدت مع السلطات السعودية لتأسيس أكبر منشأة لإنتاج “الهيدروجين الأخضر” في العالم، ومشروعها لا يستلزم قيام “نيوم”.
وقد عبر بعض المدراء المستقيلين عن سخطهم من أسلوب الرئيس التنفيذي للمشروع نظمي النصر في الإدارة، فوصف المدير السابق لتطوير المنتج الجبلي أسلوب النصر بأنه “مهين”، وأنهم تعرضوا لانفجاراته الغاضبة وإهاناته بشكل روتيني.
وأخبرت الصحيفة موظفة في قسم تطوير قطاع الأطعمة بأن بيئة العمل تحدث نوعًا من غسيل الأدمغة للموظفين، فالنصر يصرح لهم بأن القيام بالمشروع يستلزم الإيمان بالرؤية والتضحية لأجلها، ولا أحد تجرّأ على التشكيك في إمكانية تحقيق الخطط على أرض الواقع.
وتشمل الاستقالات الرئيسية الأخرى الرئيس التنفيذي لمنتجع خليج نيوم، وصندوق استثمارات المشروع، وفريقه القانوني، وقسمه السياحي، ورئيسان لقسم تكنولوجيا المعلومات، ورئيسان من قسم التسويق، ورئيسان لقسم الاتصالات.
وقد اشتملت عملية التخطيط للمشروع عددًا من الانتهاكات، منها ما جرى من إزالة الخريبة في محافظة تبوك حيث من المفترض أن تقام المدينة، وما تضمنه ذلك من قتل عبدالرحيم الحويطي الذي رفض تسليم منزله مع أغلبية أعضاء قبيلة الحويطات، واعتقلت السلطات عددًا منهم بمن فيهم الأطفال، ودفعت السلطات عددًا آخر بالإكراه والرشاوى للبراءة من عبدالرحيم و”تجديد البيعة”، وذلك حسب ما أفادت منظمة القسط لحقوق الإنسان.
وقد وجهت عدد من المنظمات غير الحكومية دعوة علنية للشركات المساهمة في مشروع “نيوم” لإعادة النظر في مشاركتها “وفق المبادئ التوجيهية للأعمال التجارية وحقوق الإنسان والتزاماتها الداخلية المعنية بهذا الموضوع”، و”استشارة الجماعات المتأثرة وغيرها من الأطراف المعنية لأجل قياس الآثار الضارة القائمة أو المحتملة بحقوق الإنسان”.
حيث قالت المنظمات في دعوتها إنّ “هذه الانتهاكات تحصل في إطار حملة قمعية أوسع على الحقوق المدنية وحرية المعارضة السلمية في السعودية”.