يتعمد ولي العهد محمد بن سلمان وفريقه الحاكم الاحتيال في لعبة الأرقام للترويج لإنجازات مزعومة يتم استعراضها داخليا وخارجيا لحجب ما تشهده المملكة من إخفاقات شاملة.
وبشكل شبه يومي يروج الإعلام الرسمي السعودي وأذرعه إلى أرقام وتصنيفات في شتى المجالات تتعلق بالمملكة سرعان ما يتضح كذب بعضها واستخدام الاحتيال لتحقيق البعض الأخر.
من ذلك شراء النظام السعودي مكانة الجامعات السعودية في مدرج التصنيفات العالمية حيث تدار منذ أكثر من عقد لعبة الانتساب لمؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي للوصول بجامعات المملكة للتصنيفات العالمية.
وتتعدد أنواع التصنيفات العالمية لجودة التعليم، أبرزها “تصنيف كيو اس، وموقع شنغهاي، وتايمز هاير إديوكيشن”.
ولكل من تلك التصنيفات آلية عمل مختلفة عن الآخر، منها ما يمنح أعلى درجاته للشهرة الأكاديمية، ومنها ما يخصصها لجودة الأساتذة.ومنها من يعطيها للاقتباسات البحثية والمنظور الدولي للجامعة، بينما تخصص الدرجات الدنيا إلى جودة التعليم والبحث الأكاديمي.
وبحسب صحيفة “صوت الناس” المعارضة، ينظر للتصنيفات العالمية على أنها مجرد خدعة تستخدمها المؤسسات التعليمية لتحقيق شهرة واسعة وجذب الطلبة والأساتذة وتلميع صورتها محليا وعالميا وفي الوسط الأكاديمي، وخداع الشعوب.
بالإضافة إلى أنها تفتقر لتقييم حقيقي يقيس جودة التعليم العالي والأوراق البحثية من الناحية العلمية، وهو ما سبق وأكده أحد وزراء التعليم العالي في المملكة في العهد السابق.
وبالرغم من ذلك، يسعى محمد بن سلمان لتتبوأ الجامعات السعودية موقعًا متقدمًا بين الجامعات العالمية، رغم افتقارها للكثير من المؤهلات التنافسية التي تجعلها في صدارة تصنيف الجامعات عالميا، مستخدمًا طرق ملتوية يغلب عليها الطابع المادي والإغراء بالأموال كما هي عادته دائمًا.
ويوما بعد يوم يثبت محمد بن سلمان، أنه مصاب بهوس التصنيفات العالمية، إذ أصدر في 25 يوليو/تموز 2023، قراراً يقضي بتحويل جامعة الملك سعود بالرياض، إلى مؤسسة أكاديمية مستقلة غير هادفة للربح، تحت مظلة الهيئة الملكية لمدينة الرياض.
وذلك بدعوى تحقيق “المستهدفات الطموحة” بأن تكون في مصاف الجامعات الرائدة في العالم بحلول عام 2030.
وكان بن سلمان أعلن في أبرز لقاءاته الإعلامية في أبريل/نيسان 2021، أنه يعمل على جعل جامعة الملك سعود ضمن أفضل 10 جامعات في العالم، متباهيا بأن هناك 5 جامعات في المملكة مصنفة من بين أهم 500 جامعة في العالم.
وعلى مدار شهري أبريل/نيسان، ومايو/أيار 2023، فتحت وسائل إعلام غربية ملف عن دور الأموال السعودية في دفع الباحثين بالجامعات الأوروبية لتغيير انتماءاتهم الأكاديمية لصالح جامعات سعودية.
وذلك بهدف رفع تصنيف مؤسسات التعليم العالي السعودي في جداول التصنيف العالمية للجامعات التي تأخذ في الاعتبار تأثيرات الاقتباس لباحثي المؤسسة
وسلطت صحيفة “إلبايس” الإسبانية الضوء على ما اعتبرتها “ممارسة احتيالية” تقوم بها المملكة لرفع التصنيف العالمي لجامعاتها، بما يكسبها مزيدا من النفوذ العلمي، ومن ثم السياسي، مشيرة إلى بعض العلماء المشهورين في الصين وإسبانيا هم طريق السعودية لتحقيق هذا النفوذ.
وأوضحت أن إدراج هؤلاء العلماء في قائمة الانتماء الأساسي لجامعات دولة ما يمكن أن يضخم مكانة تلك الدولة في تصنيف شنغهاي بشكل مصطنع، وهو ما مارسته السعودية التي قدمت لباحثين من الصين وإسبانيا أموالًا لتغيير انتماءاتهم الأكاديمية.
ثم كشفت مجلة “نيتشر” العلمية البريطانية عن تلاعب المؤسسات البحثية في السعودية بالتصنيفات الجامعية العالمية؛ من خلال تشجيع كبار الباحثين على تغيير انتماءاتهم الرئيسية من أجل تحسين تصنيف جامعاتها.
وأشارت إلى إغراء السلطات السعودية الباحثين البارزين، أحيانا عبر المال وغالبا بعرض التزامات ضئيلة عليهم، مقابل تغيير انتماءاتهم الرئيسية لجامعات سعودية.
وقالت إن باحثين بارزين من جميع أنحاء العالم أفادوا منذ أوائل 2010، بأن جامعات سعودية تواصلت معهم، وقدمت لهم عروضا نقدية مقابل تحويل انتماءاتهم.
وتُقابل ممارسات السلطات السعودية، برفض وتنديد سعودي، سواء في الداخل أو الخارج، يستخدم البعض في انتقاده النبرة الهادئة المائلة إلى التقليل من قيمة التصنيفات العالمية والرافضة لركض السلطة المبالغ فيه للحاق بركب الجامعات المصنفة عالمياً دون إصلاحات داخلية تجعلها بالصدارة، وبعضهم يلجأ للنقد اللاذع المستنكر لمسلسل الفضائح العالمية.