يبدو أن ملابسات مقتل اللواء عبد العزيز الفغم، الحارس الشخصي للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، لم تنتهِ بعد، إذ فجَّر حساب شهير على موقع “تويتر” مفاجأة من العيار الثقيل حول الحادث.
واستيقظ السعوديون، هذا الصباح، على معلومات جديدة تخص مقتل مرافق الملك سلمان، والشخصية التي تحظى باهتمام كبير من قِبلهم، حيث أكد حساب “العهد الجديد”، أن الفغم لم يُقتل بإطلاق نار في مدينة جدة إثر “خلاف شخصي” مع ممدوح آل علي في بيته، كما ذكرت الرواية الرسمية، ولكنه قُتل داخل قصر السلام.
وعرض الحساب رواية جديدة حول مقتل الفغم، وهو إقدامه على محاولة اغتيال بن سلمان، بعد تجاوزه الحاجز الأمني الأول الذي يسبق الوصول إلى ولي العهد، ثم وقوع اشتباك بينه وبين عناصر شركة “بلاك ووتر” الأمنية الأمريكية سيئة السمعة، في الحاجز الثاني.
وبيَّن “الحساب” أن الفغم وممدوح بن مشعل آل علي قُتلا بنيران قوات “بلاك ووتر”، في هجومهما الذي تم تدبيره برفقة 11 ضابطاً آخرين (لاغتيال بن سلمان).
واستطاع مرتزقة “بلاك ووتر” إفشال عملية الاغتيال في اللحظات الأخيرة، بعد أن قتلوا الفغم و”آل علي”، وأصابوا بقية الضباط المشاركين في العملية، حسبما جاء به حساب “العهد الجديد”.
وتساءل “الحساب”: كيف تمّ التنسيق بين الضباط؟ وهل كُشفوا قبل أم في أثناء العملية؟ وإلى أين نُقل الضباط الذين جُرحوا في أثناء العملية؟ وما مصيرهم؟، في إشارة إلى وجود خطة لاغتيال بن سلمان.
وعما جرى مع بن سلمان في أثناء محاولة الفغم اغتياله، قال الحساب: “لم يصَب ولي العهد بشيء، لكن صوت الرصاص كان كفيلاً بإرعابه”.
ووفق مراقبين، زادت المعلومات التي كشفها حساب “العهد الجديد”، الذي يعرّف نفسه بأنه قريب من أصحاب القرار بالمملكة، الشكوك حول عدم دقة الرواية الرسمية لمقتل الفغم.
وإلى جانب ما كشفه حساب “العهد الجديد”، عرض حساب “مجتهد”، الذي دأب على نشر تسريبات من داخل أروقة النظام السعودي، على حسابه بموقع “تويتر”، سلسلة تغريدات في سبتمبر الماضي، أكد فيها أن الفغم كان في القصر وقت الحادث وليس مع صديق.
وأوضح أن بن سلمان يعتبر “الفغم من الحرس القديم الموالي لآل سعود عموماً”، مؤكداً أن الأخير “لا يثق بإخلاصه له شخصياً”.
وكشف أن بن سلمان “ردد أكثر من مرةٍ رغبته في إبعاده عن موقعه الحالي”، في رواية تتفق مع ما ذكره حساب “العهد الجديد”.
الرواية الرسمية
وبالرجوع إلى الرواية الرسمية، صرح المتحدث الإعلامي بشرطة منطقة مكة المكرمة، في تصريح نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس)، بأن الجريمة وقعت مساء السبت (28 سبتمبر الماضي)، عندما كان اللواء بالحرس الملكي عبد العزيز بن بداح الفغم في زيارة لصديقه تركي بن عبد العزيز السبتي، بمنزله في حي الشاطئ بمحافظة جدة.
وأوضح المتحدث الرسمي أن ممدوح بن مشعل آل عليّ، صديق الفغم والسبتي، دخل عليهما المنزل، “وفي أثناء الحديث تطوَّر النقاش بين اللواء (عبد العزيز الفغم) و(ممدوح آل علي)، فخرج الأخير من المنزل، وعاد وبحوزته سلاح ناري وأطلق النار على اللواء عبد العزيز الفغم”.
وذكر أن إطلاق الجاني النار أدى إلى إصابة الفغم واثنين من الموجودين في المنزل، هما شقيق صاحب المنزل، وأحد العاملين من الجنسية الفلبينية، مشيراً إلى أنه “عند مباشرة الجهات الأمنية للموقع الذي تحصَّن بداخله الجاني، بادرها بإطلاق النار، رافضاً الاستسلام، وهو ما اقتضى التعامل معه بما يحيّد خطره”.
وبيَّن أن نتيجة هذه المواجهة أسفرت عن مقتل الجاني على يد قوات الأمن، ومقتل اللواء عبد العزيز الفغم بعد نقله إلى المستشفى إثر إصابته برصاص الجاني، وإصابة تركي بن عبد العزيز السبتي (سعودي الجنسية)، وجيفري دالفينو ساربوز ينغ (فلبيني الجنسية) الموجودَين بالمنزل، فضلاً عن إصابة خمسة من رجال الأمن بسبب إطلاق الجاني النار عشوائياً.
أمراء مشاركون
المعارض السعودي المقيم خارج المملكة، فهد العنزي، يؤكد أن الجهات التي تقف وراء قتل الفغم وأرادت استخدامه لاغتيال بن سلمان، قد تكون قسماً آخر من الأسرة الحاكمة معارضاً لولي العهد، ورغب في قتله.
ويطرح العنزي في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أسماء قد تكون الجهة التي خططت لاغتيال بن سلمان من خلال الفغم، أبرزهم الأمير العائد للمملكة أحمد بن عبد العزيز، ومتعب بن عبد الله رئيس الحرس الوطني السابق، ومحمد بن نايف بن عبد العزيز.
وعن استخدام الأمراء للفغم لتنفيذ عملية الاغتيال، يرى العنزي أن “أهم الأسباب التي تم أخذها بالاعتبار عند اختياره، هو سهولة وصوله إلى بن سلمان داخل القصر، بسبب الصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها، لكونه حارساً للملك سلمان، وتفتح له جميع الأبواب”.
وشكك المعارض السعودي في الرواية الرسمية الصادرة عن الأجهزة الأمنية بعد مقتل الفغم، إذ أكد أنها “كاذبة وغير دقيقة، إضافة إلى وجود ضبابية كبيرة حول ما حدث بالضبط عند إطلاق النار، ومحدودية المصادر”.
وعن الإجراءات التي اتخذها بن سلمان بعد ما حدث في قصر السلام من محاولة اغتياله، أكد العنزي أن “ولي العهد زاد من الإجراءات الأمنية حوله؛ خشية إقدام حارس آخر على إطلاق الرصاص عليه”.
غضب الأسرة الحاكمة
وأدت سياسات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في الداخل والخارج، إلى استياء كبير داخل الأوساط الشعبية، حتى وصل إلى داخل عائلة “آل سعود” المالكة، التي تفضل أن يتسلم الحكم رجل من أبناء الملك المؤسس عبد العزيز، بعد وفاة العاهل الحالي الملك سلمان بن عبد العزيز.
كما يأتي الحديث عن محاولة اغتيال بن سلمان، بعدما كشفت وكالة “رويترز” عن وجود حالة إحباط واستياء لدى عديد من أمراء الأسرة الحاكمة، من إدارة ولي العهد أزمة قصف “أرامكو” التي وقعت في 14 سبتمبر الماضي، وتسببت حينها في إيقاف نصف الإنتاج السعودي من النفط.
ونقلت “رويترز” عن 5 مصادر، بتقرير لها نُشر في (2 أكتوبر الماضي)، أن هجوم الحوثيين على منشآت “أرامكو” أثار قلقاً بين عديد من الفروع البارزة لعائلة آل سعود الحاكمة، والتي يبلغ عدد أفرادها قرابة 10 آلاف، حول قدرة ولي العهد على الدفاع عن أكبر دولة مصدّرة للنفط في العالم وقيادتها.
وقالت المصادر: إن “الهجوم أثار سخطاً بين البعض في دوائر النخبة، الذين يعتقدون أن ولي العهد سعى بشدة للسيطرة على السلطة”.
وقال دبلوماسي غربي للوكالة: إن “هناك صدمة في الأسرة الحاكمة، لأن ولي العهد لم يتمكن من منع الهجمات على أرامكو، على الرغم من إنفاقه مئات المليارات من الدولارات على الدفاع”، معتبرين أن سياساته ومحاولاته السيطرة على الحكم بشكل مطلق “أضرت بالمملكة”.
لم يكن الاستياء من محمد بن سلمان داخل أروقة العائلة الحاكمة جديداً، فهو ممتد منذ صعوده إلى السلطة مع تولي الملك سلمان للحكم عام 2015، فقد تدرج بسرعة كبيرة نحو ولاية العهد؛ فسيطر على القوتين العسكرية والأمنية، ثم ما لبث أن تخلص من أغلب معارضيه في العائلة الحاكمة؛ بالاحتجاز ومنع السفر والتضييق وحجز الأموال والرقابة الشديدة.
الخليج أونلاين