قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، إنه بعد فوز المنتخب السعودي على نظيره الأرجنتيني في كأس العالم نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، سيطرت عبارة واحدة على مواقع التواصل الاجتماعي بالمملكة وهي “صقورنا فخرنا”.
ووفق الصحيفة، فقد تضخمت هذه الحماسة الوطنية في المملكة، إذ أشادت مقالات افتتاحية في الصحف السعودية بالفوز باعتباره “دليلا على أن حقبة جديدة قد بدأت”.
وفي هذا السياق، قال الكاتب “نجيب اليماني” في مقال بصحيفة “عكاظ”، إنه “تاريخ جديد تكتبه المملكة في كل المناحي، وإنجاز تمحو به كل الصور النمطية القديمة، وواقع يفرض على الجميع بلا استثناء أن يعيدوا ترتيب أوراقهم”.
الفخر الوطني يغزو المملكة
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن مظاهر الفخر الوطني برزت في بلاد كانت تغلب فيها الهوية الإسلامية على حساب الهوية الوطنية، أما الآن فالفخر السعودي يقع في طليعة التحول الاجتماعي والاقتصادي الذي يقوده ولي العهد “محمد بن سلمان”، الزعيم الفعلي الشاب للمملكة، والذي ترتكز خططه الكبرى للبلاد على تعبير أكثر وضوحًا عن القومية السعودية.
وذكرت “واشنطن بوست” أن قطاع الترفيه المزدهر بات يعمل على حشد الشباب من أجل القضية الوطنية، فيما تشجع الدولة مواطنيها على استكشاف البلاد، حيث تروج للمواقع التراثية وتؤكد على تاريخها قبل الإسلام. وفي غضون ذلك أصبح العلم السعودي أكثر وضوحا في العاصمة الرياض من أي وقت مضى.
ونقلت الصحيفة عن “محمد اليحيى” وهو زميل في معهد هدسون وزميل في مركز هارفارد بيلفر: “فكرة أننا فخورون بأننا سعوديون أصبحت شيئا يتم تشجيعه، وليس فقط التغاضي عنه في المجال العام”.
وتعطي هذه القومية الجديدة دفعة نحو مزيد من الاكتفاء الذاتي، وهي تهدف إلى تغيير التصورات عن السعودية في المنطقة، من مجتمع قبلي يعتمد على عائدات النفط إلى آخر قائم على قوة عاملة احترافية من المواطنين.
وتركز الرياض على خلق فرص عمل للسكان الشباب، ولا يزال نطاق “السعودة” يتوسع لضمان توظيف شركات القطاع الخاص للمواطنين السعوديين، وبعد عام 2023، تقول السعودية إنها لن توقع عقودا مع شركات أجنبية إلا إذا كان لها مقر في البلاد.
وتأمل الحكومة أن تعالج هذه الخطوات مجتمعة ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، وتقليص القطاع العام المتضخم، ودعم خزائن الدولة.
انفتاح مشروط
وعلق “اليحيى” إن هذه القرارات تمكّن الكثير من الشباب السعودي، وخاصة النساء اللواتي يدخلن سوق العمل.
وأضاف: هذا النوع من الفخر الذي يحدث الآن هو في الغالب بين الشابات السعوديات.
بالطبع تغيرت حياة الشبان كثيرا خلال السنوات الخمس الماضية، أو عشر سنوات تقريبا، لكن الشابات السعوديات هن اللواتي يعيشن حياة مختلفة تماما”.
وعلى الرغم من أن المجتمع السعودي قد يكون منفتحا، إلا أن الحكومة لم تكن منفتحة على المعارضة. إذ أعطى قانون مكافحة الإرهاب المحدث في 2017 السلطات أدوات جديدة لقمع الانتقادات العامة.
ويسمح تطبيق هاتفي يسمى “كلنا أمن”، للمواطنين بالإبلاغ عن أولئك الذين ينتقدون الدولة.
وخلال السنوات الست التي قضاها في السلطة، أكد ولي العهد على سعوديته، وميز نفسه عن أقاربه في الطبقة الحاكمة الذين درسوا وقضوا إجازاتهم في الخارج وتمتعوا بعلاقات قوية مع الحكومات الأجنبية.
وأطلق بن سلمان مبادرة “صنع في السعودية”، وأصبح نهج السعودية أولا مهيمنا على قرارات السياسية الخارجية، وإلى جانب ذلك تحولت المناهج الدراسية في عهده، إذ مجدت مناهج 2019 الحياة قبل الإسلام في شبه الجزيرة العربية، والتي كانت تُقدم سابقًا على أنها فترة مظلمة وجهلة.