إذا ما تم تنفيذ الحكم يكون الأمير فهد أول من أريق دمه بمحاكمة عسكرية من أبناء عمومة الملك
قبل سنوات قليلة، كان الأمير فهد بن تركي بن عبد العزيز يقود الجيش السعودي في غمار عمليات التحالف داخل الأراضي اليمنية، وكذلك كان يقود القوات البرية السعودية، كأمير حرب رأى الملك سلمان بن عبد العزيز أن يوليه ثقته لتلك المهام العصيبة في وقت حرج.
وفي 28 يونيو/ حزيران 2021، كشفت تقارير غربية، أن الأمير تركي يواجه الإعدام تحت مقصلة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي وجه إليه تهمة محاولة الانقلاب على نظام الحكم، وإسقاط الملك سلمان بن عبد العزيز، ونجله ولي عهده.
ومنذ صعود ابن سلمان إلى منصب ولاية العهد في 21 يونيو/ حزيران 2017، مقصيا الرجل القوي وولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف، وهو يحكم المملكة منفردا وبقبضة حديدية.
إذ لا يتحمل الأمير الشاب وجود خصوم في محيطه، وهو ما ظهر عندما شن حملة شرسة على الأمراء وحول فندق ريتز كارلتون إلى سجن كبير، تمكن فيه من القضاء سياسيا واقتصاديا على خصومه ومنافسيه.
منذ تلك اللحظة بدأ ولي العهد يحكم بدون منازع وبشكل مركزي متزايد ليبسط رقابته على الاقتصاد السعودي، وسائر مناحي الحياة الاجتماعية والسياسية.
واليوم بوجود احتمالية لسحق بقية الأمراء على رأسهم فهد بن تركي، الذي يواجه خطر الإعدام، تكون المملكة قد دخلت إلى مرحلة جديدة، لا يأمن فيها أي من أفراد العائلة المالكة مهما بلغت قوته أو منصبه من الفتك به.
مسيرته الشخصية
الأمير فهد بن تركي بن عبد العزيز، ينتمي إلى الجيل الثالث في العائلة الملكية السعودية، فهو حفيد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، من ابنه الحادي والعشرين تركي الثاني، ووالدته هي الأميرة نورة بنت عبد الله بن عبد الرحمن آل سعود.
ولد الأمير فهد في أغسطس/ آب 1959 بالرياض عاصمة المملكة، وأتم تعليمه في مدرسة المدفعية الميدانية التابعة للجيش الأميركي عام 1984. بعدها حصل على الماجستير في إدارة الأعمال الدولية من الجامعة الدولية في الولايات المتحدة.
تزوج فهد من الأميرة عبير بنت عبد الله، ابنة الملك السابق الراحل عبد الله بن عبد العزيز، وهي رئيسة جمعية أصايل التعاونية التي تساعد العائلات في أنشطتها المتعلقة بالإنتاج، ولديه منها أربعة أبناء، ولد وثلاث بنات. وابنهما الوحيد هو الأمير عبد العزيز.
عين عام 2017 نائب محافظ الجوف، ثم أقيل من منصبه في 31 يونيو/ حزيران 2020 بعد إقالة والده.
وبحسب تقارير إعلامية فإن الأميرة عبير ابنة الملك عبد الله، كانت في أسكتلندا قبل اعتقال زوجها الأمير فهد بن تركي بن عبد العزيز وابنها نهاية عام 2020، وتوصف بأنها تسيطر على مليارات الدولارات في شكل ممتلكات متنوعة حول العالم.
وفي هذا السياق لم تعد إلى بلادها أبدا، خاصة وأن جميع أبناء وبنات الملك عبد الله بن عبد العزيز قد اعتقلوا بعد وفاته، وجرت مصادرة ثرواتهم، في حملة للحكومة السعودية أطلقها ابن سلمان تحت شعار “ضد الفساد”.
ويذكر أيضا أن الأمير فهد بن تركي يمتلك منزلا فاخرا في مقاطعة “ويلز اتش واي”، في كاليفورنيا بالولايات المتحدة منذ أواخر السبعينيات، وهو المنزل الذي ذكرته وسائل الإعلام الرسمية، ضمن حصر ممتلكاته هو وزوجته، بذريعة الفساد.
صعوده العسكري
بدأت مسيرة الأمير فهد بن تركي العسكرية، مع انضمامه إلى صفوف القوات الملكية السعودية عام 1983، حيث كان في البداية قائدا لسلاح المظلات ثم ضابطا في سلاح القوات الخاصة.
ولاحقا أصبح نائبا لقائد القوات البرية، ثم قائدا للعمليات الخاصة المشتركة، ومنها عمليتا “عاصفة الحزم” و”إعادة الأمل”، حتى وفاة ولي العهد سلطان بن عبد العزيز الذي كان وزيرا للدفاع، والذي كان الأمير فهد متحالفا معه ومن المقربين إليه.
وبحسب الموقع الرسمي لوزارة الدفاع السعودية، حصل الأمير فهد على عدد من الأوسمة العسكرية الرفيعة، أهمها: “نوط الأمم المتحدة (مشاركة الصومال) – نوط فرنسي (جوقة الشرف) – ميدالية تحرير الكويت – نوط الذكرى المئوية للجيش السعودي – وسام الملك فيصل – وسام الملك فهد من الدرجة الثالثة”.
وارتبط اسم الأمير فهد بن تركي بالحرب الطاحنة في اليمن، حيث أشرف على العمليات العسكرية التي نفذها التحالف بقيادة السعودية ضد الحوثيين.
وفي فبراير/ شباط 2018 قيادة العمليات المشتركة لقوات التحالف، بعدما تمت ترقيته بأمر ملكي من الملك سلمان بن عبد العزيز إلى درجة فريق ركن بالجيش السعودي.
جرى التركيز إعلاميا عقب ذلك على صعود الأمير خاصة فيما يخص نشاطاته الميدانية. وكثيرا ما انتشرت صوره أثناء تفقده العمليات العسكرية في اليمن وعلى الحدود السعودية، حتى ترددت في مناسبات عدة شائعات عن مقتله خلال العمليات.
سقوط الأمير
انقلبت حياة الأمير فهد بن تركي رأسا على عقب في الأول سبتمبر/ أيلول 2020، مع إصدار الملك سلمان بن عبد العزيز، أمرا ملكيا في ساعة متأخرة، قضى بإنهاء خدماته وإحالته إلى التقاعد والتحقيق.
الأمر الملكي قضى أيضا بإعفاء نجله، الأمير عبد العزيز بن فهد، من منصب نائب أمير منطقة الجوف، وإحالته أيضا للتحقيق.
وذكر أمر الملك أن إقالة الأمير فهد ونجله تمت بناء على ما تم رصده من تعاملات مالية مشبوهة في وزارة الدفاع، ووجود فساد مالي في الوزارة.
ونفى بعض المغردين والمحللين المتابعين للشأن السعودي أن يكون الوازع الحقيقي من الإقالة هي تهمة الفساد، بل أبعد من ذلك.
وهو ما فسره الحساب السعودي الشهير باسم “مجتهد” بالقول إن الإقالة جاءت بسبب تخوف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من انقلاب الأمير فهد.
وأكد: “اعتقال فهد بن تركي قائد القوات المشتركة بعد أن فسر ابن سلمان بعض تصرفاته أنها مقدمة لانقلاب عليه من خلال القوات التي تخضع له، ويؤيد ذلك اعتقال ابنه نائب أمير الجوف معه ومجموعة من كبار الضباط”.
وأضاف: “لن تكون هذه الأخيرة، ومن المتوقع اعتقالات جديدة في صفوف آل سعود والعسكريين”.
أما الذي عضد من صحة ودقة التفسير الأخير، ما كشفه معهد واشنطن لدراسات الخليج، في 28 يونيو/ حزيران 2021، من أن “محكمة عسكرية سعودية قضت بإعدام الأمير فهد بن تركي بن عبد العزيز، ابن شقيق الملك سلمان، والقائد السابق للقوات السعودية في اليمن، بتهمة الخيانة العظمى”.
وقال المعهد إن “أحد أقارب الأمير السعودي، تحدث إليه، شريطة عدم الكشف عن هويته، وأبلغه بأن لجنة عسكرية سعودية حكمت على القائد السابق للقوات السعودية في حرب اليمن، الأمير فهد بن تركي بن عبد العزيز، بالإعدام بتهمة الخيانة ومحاولة الانقلاب لعزل الملك سلمان ونجله محمد الذي يشغل منصب وزير الدفاع والحاكم الفعلي للبلاد”.
وذكر المعهد الأميركي أن “الولايات المتحدة تساعد وزارة الدفاع السعودية في تحديث هياكلها بما في ذلك المحاكمات العسكرية”.
تلك التي وقف أمامها الأمير فهد ليحكم عليه بالإعدام، وإذا ما تم تنفيذ الحكم يكون الأمير أول من أريق دمه بمحاكمة عسكرية وليس عن طريق التصفية من أبناء عمومة الملك، خلال حكم ولي العهد محمد بن سلمان.