نشر موقع “ناشونال إنترست” الأمريكي تقريرا يبرز فيه تعاظم المخاوف من القرصنة والاختراق جراء الاستثمار السعودي في منصة تويتر.
وأشار الموقع إلى دعوة السيناتور الديمقراطي كريس مورفي الموجهة إلى لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة (لجنة حكومية مشتركة بين الوكالات تقودها وزارة الخزانة) للتحقيق في تداعيات الأمن القومي لاستحواذ الملياردير الأمريكي إيلون ماسك على منصة «تويتر» مقابل 44 مليار دولار.
وأوضح مالي أن مخاوف مورفي تنبع من حقيقة أن السعودية، من خلال شركة قابضة، ستسيطر على حصة كبيرة من منصة التواصل الاجتماعي.
وقال الأمير الوليد بن طلال، رئيس مجلس إدارة تلك الشركة القابضة، إنها ستحتفظ بملكيتها لأسهم «تويتر»، التي تقدر قيمتها حاليًّا بنحو 1.89 مليار دولار. وبعد اكتمال شراء ماسك، أصبحت شركة المملكة القابضة ثاني أكبر مستثمر على «تويتر».
وكشف مورفي لمجلة «بوليتيكو» لاحقًا أنه إذا لم ترغب اللجنة الحكومية المشتركة في إجراء مثل هذا التحقيق، فسيدعو إلى إجراء تحقيق داخل الكونجرس بدلًا من ذلك.
ويشعر الليبراليون بالقلق بشأن هذه الصفقة لسببين؛ أولًا، بسبب العلاقة المضطربة بشكل متزايد بين الولايات المتحدة والمملكة في أعقاب قرار منظمة أوبك بلس الأخير بخفض إنتاج النفط. وثانيًا، بسبب المخاوف بشأن ما تعنيه ملكية ماسك لمستقبل «تويتر».
وبعد إعلان منظمة أوبك بلس التي تقودها السعودية خفض إنتاج النفط في أكتوبر (تشرين الأول) بما يتعارض مع رغبات الرئيس الأمريكي جو بايدن ويشكل مساعدة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشكل غير مباشر في غزو أوكرانيا.
أشار بعض المحللين إلى أن إحدى القوى الدافعة وراء القرار كانت الرغبة في إضعاف الرئيس الأمريكي وتعزيز فرص انتخاب كونجرس أكثر تأييدًا للسعودية هذا الأسبوع، مع الهدف النهائي المتمثل في تسهيل طريق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
ويعتقد مالي أن هذا ربما كان جزءًا مما ألهم ادعاء مورفي الأخير بأن لدى السعوديين مصلحة واضحة في التأثير في السياسة الأمريكية.
يضع السيناتور التأثير السعودي المحتمل في تويتر جزءًا من اتجاه خطير على الأمن القومي حيث ستكون اثنتان من منصات التواصل الاجتماعي الأكثر استخدامًا من قبل الأمريكيين، وهما «تيك توك» و«تويتر»، مملوكتين جزئيًّا على الأقل للصين والسعودية.
ويضيف مالي أنَّ الديمقراطيين مثل ميرفي محقون في قلقهم بشأن ما قد تنطوي عليه السيطرة السعودية المحتملة على منصة التواصل الاجتماعي.
فالنظام السعودي هو أحد أكثر الأنظمة قمعًا في العالم، وكما يشير مورفي في رسالته إلى يلين، والمملكة على استعداد حتى لفرض مقاربتها التقييدية تجاه المعارضة خارج حدود المملكة، وهو الأمر الأكثر مأساوية بسبب مقتل صحافي «واشنطن بوست» جمال خاشقجي.
وفي أكتوبر من هذا العام، حكمت السعودية على مواطن أمريكي بالسجن ستة عشر عامًا لنشره تغريدات تنتقد الحكومة السعودية.
ربما يكون السبب وراء دفع مورفي لهذه المراجعة القلق اليساري الليبرالي الأوسع بشأن سيطرة ماسك على «تويتر».
عند استحواذه على المنصة، تعهد ماسك، الذي يصف نفسه بأنه مؤيد شرس لحرية التعبير، باستعادة التزام «تويتر» بحرية التعبير.
تعامل العديد من المحافظين على تويتر مع ماسك كليبرالي. لكن بالنسبة للآخرين، يمكن أن تؤدي ملكية ماسك إلى زيادة في خطاب الكراهية والانتشار المحتمل لنظريات المؤامرة المتعلقة بفيروس كورونا أو نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020. واقترح البعض مغادرة المنصة بالكامل والانضمام إلى منصات بديلة، مثل «موستادون».
ويؤكد مالي أن الدلائل المبكرة من حقبة ماسك تشير إلى نهج غير منتظم للقيادة، والتزام غير متسق بحرية التعبير.
فبعد ساعات قليلة من توليه المنصب، طرد ما يقرب نصف موظفي الشركة، على الرغم من أنه يبدو الآن أنه يريد إعادة بعضهم للعمل.
وكان التغيير الأكثر دراماتيكية الذي طرحه ماسك هو ما يسمى بـ«Twitter-blue»، وهو حساب مميز بقيمة ثمانية دولارات شهريًّا يحتوي على امتيازات معينة ويحل محل حالة التحقق التي يتمتع بها العديد من الصحافيين والسياسيين والمشاهير حاليًّا.
وبعد أن بدأ المستخدمون تغيير صور صفحاتهم إلى صور المالك الجديد للسخرية منه، أعلن ماسك أنه من الآن فصاعدًا، ستُغلق أي حسابات تشارك في انتحال الهوية.
ولتعزيز المخاوف بشأن ما قد تعنيه ملكيته سياسيًّا، دخل ماسك أيضًا في معركة انتخابات التجديد النصفي يوم الاثنين، وحث متابعيه على التصويت للجمهوريين، ظاهريًّا لمنع الديمقراطيين من السيطرة على كل من البيت الأبيض والكونجرس وكبح التجاوزات التي تأتي مع هذه السلطة.
ويختم مالي بأنَّه ليس من الواضح ما إذا كان بإمكان السعودية ممارسة التأثير في عمليات «تويتر» لإسكات منتقدي الحكومة أو غيرهم من الناشطين، أو لنشر حملات معلومات مضللة، كما يخشى مورفي. ومع ذلك، لن تُسكَت المخاوف بشأن الأجندات السياسية لأكبر اثنين من حملة أسهم «تويتر» بسهولة.