وصف عبد الله العودة، الزميل الأقدم في مركز التفاهم بين المسلمين والمسيحيين في جامعة “جورج تاون” الأمريكية، التحقيق السعودي في قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول، بـ”المهزلة الكبرى”.
وأضاف العودة، نجل الداعية سلمان العودة المعتقل في السجون السعودية منذ أكثر من عام، في مقال له بصحيفة “واشنطن بوست”، أنه في أعقاب العملية المروعة لقتل جمال خاشقجي لا يزال هناك سؤال جوهري؛ من الذي أمر بذلك؟
يقول العودة: “لقد أعلن تركي الفيصل، الرئيس السابق للمخابرات السعودية، أن قضية خاشقجي قيد التحقيق السعودي، وأن النظام القضائي السعودي سليم وأنه على ما يرام والعدالة سوف تأخذ مجراها، غير أنه تجاهل الانتهاكات المتواصلة للسلطة القضائية في السعودية من قبل ولي العهد محمد بن سلمان وفريقه”.
وتابع العودة: “لم يكن مفاجئاً أن يبرئ الادعاء العام السعودي في بيانه ولي العهد من جريمة قتل خاشقجي، بعد أيام قليلة من تصريحات الفيصل، وبعد أيام من تصريحات لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير، حيث قال للصحفيين: إذا كنت تعتقد أن تحقيقنا هو تحقيق ميكي ماوس، حسناً، انتقدنا، ولكن انتظر حتى يتم الانتهاء من التحقيق”.
“حسناً، أنا أكاديمي سعودي تخرج من كلية سعودية ودرس القانون السعودي لفترة طويلة، وكان يراقب قضية مقتل خاشقجي وكذلك دور النائب العام، ويمكن القول إن التحقيق السعودي في قضية مقتل خاشقجي هو تحقيق ميكي ماوس”، يضيف العودة.
ويتابع: “بالعودة إلى فبراير كتبت عن المدعي العام السعودي، وأشرت إلى المرسوم الملكي الصادر بتاريخ 17 يوليو الذي حول مكتب التحقيق والادعاء إلى مكتب النائب العام، وأشار إلى وعد باستقلاله تماماً، وعلى الرغم من افتقار سعود المعجب لأي خبرة في التحقيق الجنائي فقد تم تعيينه مدعياً عاماً بعد بضعة أيام فقط من تحويل مكتب الادعاء العام لسلطة ولي العهد”.
ويرى العودة أن اختيار المعجب جاء على الأرجح لكونه أثبت خلال فترة عمله كعضو في مجلس القضاء الأعلى ولاءه، “المدعي العام الذي يحقق في قضية خاشقجي هو نفسه الذي يسعى لفرض عقوبة الإعدام على والدي وغيره”.
ووفقاً لما قاله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فإن المسؤولين السعوديين قالوا له إن خاشقجي كان “عدواً للدولة وعضواً في جماعة الإخوان المسلمين”، حيث حاولت سلطات المملكة خطف خاشقجي ونقله للسعودية داخل تلك المحاكم ، ومن قبل مدعٍ عام يأمر بالإعدام ويسيطر بشكل تام على القضاء حيث قام بتهديد القضاة وتخويفهم، والقضاة الذين من المحتمل أنهم يشرفون على قضية خاشقجي يتعرضون لضغوط هائلة من قبل ولي العهد.
ويشير العودة إلى إطلاق سراح اثنين من القضاة بعد بضعة أشهر من احتجازهما خارج نطاق القضاء لرفضهما الوقوف للنشيد الملكي، في حين هناك ستة قضاة آخرين يفترض أنهم يحققون في قضية خاشقجي، هم أنفسهم كانوا محتجزين بشكل تعسفي لعدة أشهر.
ويختم العودة مقاله بتأكيد أن “ثقافة الخوف” تطارد المؤسسات الحكومية في السعودية، وخاصة القضاء، والسعودية اليوم تتحرك مبتعدة بشكل أكبر عن أي مظهر من مظاهر سيادة القانون ومراعاته.