تقرير خاص
يمكن أن نُطلق على عام 2019 عام “الانتهاكات الحقوقية” بالمملكة العربية السعودية بـ”امتياز”، ففيه استمر القمع والإرهاب المستمر لكل رأي معارض، واستمرت سلسلة التجاوزات بحق معتقلي الرأي، وطالت حتى النساء منهن.
كما تم في 2019 الكشف عن بقايا الوجه القبيح للنظام السعودي، في استمرار هزلية محاكمات قتلى “خاشقجي” لينتهي بأحكام مضحكة، وكذلك تم تسليط الضوء على ما تعرضت لها الناشطات المعتقلات من تعذيب وقمع لم يحدث من قبل في تاريخ المملكة!
وهنا نرصد في محاولة منا أهم الانتهاكات التي وقعت في عام 2019، والتي تثبتت أن النظام السعودية لم ولن يمتلك حتى الآن الإرادة السياسية للإصلاح، وترميم ما أفسده في بنية المجتمع السعودي.
حملات الاعتقال:
شهد عام 2019 أكثر من حملة اعتقالات، استهدفت مواطنين سعوديين، ووافدين من جنسيات أهمها (الفلسطينية، والأردنية، واليمنية)، وقد شهد إبريل 2019 “إبريل الأسود”، أكثر من حملة اعتقال..
1- حملة إبريل 2019:
ففي إبريل 2019؛ شنت السلطات السعودية حملة اعتقالات شملت 11 من الناشطين بينهم امرأة، وشملت الحملة تلك الأسماء التالية؛ والتي لم يتم التعرف على مصيرهم حتى وقت كتابة هذه السطور:
1- أنس المزروع: بطل معرض الكتاب، محاضر في كلية القانون بجامعة الملك سعود، اعتقل بسبب مشاركة له حول الناشطات المعتقلات بمعرض الرياض للكتاب.
2- صلاح الحيدر: نجل الناشطة “عزيزة اليوسف”، كاتب مختص بالقضايا الاجتماعية وناشط حقوقي، ويحمل الجنسية الأميركية.
3- أيمن الدريس: مترجم و ناشط ثقافي، وهو حاصل على بكالوريوس إدارة من أميركا، وزوج الناشطة النسوية “ملاك الشهري”.
4- ثمر المرزوقي: كاتب في عدة صحف محلية وعربية، يختص بالشأن السياسي والاجتماعي، من مواليد التاسع من الشهر الأول لعام 1986، في مدينة الرياض.
5- خديجة الحربي: كاتبة ومعروف عنها دفاعها عن قضايا المرأة والناشطات المعتقلات، وهي زوجة الكاتب المعتقل “ثمر المرزقي”، وتم القبض عليها ليلاً وهي حامل.
6- يزيد الفيفي : صحفي في جريدة الشرق السعودية، وعمل في صحيفة الوطن مدة 10 سنوات قبل، اعتقل بسبب حملة ضد الفساد والإهمال في منطقته.
7- بدر الإبراهيم: طبيب سعودي يعمل في مستشفى الملك خالد الجامعي بالرياض، وكاتب صحفي ويحمل الجنسية الأميركية
8- فهد أبا الخيل: أكاديمي سعودي، عُرف بنشاطه الحقوقي والدفاع خصوصًا عن حقوق المرأة السعودية.
9- عبد الله الدحيلان: كاتب وصحافي، ومقدم برامج – المركاز، صدر له: (السعوديون والربيع العربي)، و(أنا الملك/مجموعة قصصية)، و(في معنى العروبة).
10- مقبل الصقار: كاتب ومهتم بشؤون المرأة السعودية، وهو صاحب رواية “ميم عين” التي تتناول وقائع من حياة ومعاناة المرأة في السعودية.
11- محمد الصادق: كاتب سعودي مختص بالشؤون الاجتماعية، سبق اعتقاله في منتصف العام الماضي، وأعيد اعتقاله أمس ضمن مجموعة من الكُتاب والناشطين.
2- حملة نوفمبر 2019:
حيث قام رجال شرطة يرتدون ملابس مدنية، في نوفمبر 2019، باعتقال مثقفين سعوديين من بيوتهم في العاصمة الرياض ومدينة جدة الساحلية المطلة على البحر الأحمر، ولم يتضح سبب الاعتقالات، وتم الإفراج عنهم عقب ذلك بأسابيع بعد أخذ تعهدات عليهم بعدم الكلام في الشأن العام، ومن الأسماء التي تم رصد اعتقالها ضمن تلك الحملة:
1- الأكاديمي والمفكر “سليمان الناصر”، وذلك على خلفية مواقفه الفكرية.
2- الأكاديمي والمدون “فؤاد فرحان” المؤسس والمدير التنفيذي لمنصة رواق؛ وجاء اعتقاله بسبب نشاطه الثقافي ومواقفه الفكرية.
3- اعتقال الأكاديمي والمدوّن “م. ف” على خلفية تغريداته، ومواقفه الفكرية.
4- الكاتب الصحفي “بدر الراشد”، خلفيات اعتقاله لا تزال مجهولة حتى الآن.
5- الناشط والأكاديمي “وعد المحيا” خلفيات اعتقاله لا تزال مجهولة حتى الآن.
6- الكاتب “عبد المجيد سعود البلوي”، اعتقل بعد مداهمة منزله في المدينة المنورة، وصودر جهازه المحمول وحاسبه الشخصي.
7- المدون الشاب البارز “عبد الرحمن الشهري” بعد مداهمة منزله ومصادرة بعض ممتلكاته، في حين أن أسباب الاعتقال ما زالت مجهولة.
8- الكاتب والمدون الشاب “عبد العزيز الحيص”، خلفيات اعتقاله لا تزال مجهولة حتى الآن.
9- الصحفية والمترجمة “زانة الشهري” الكاتبة في مجلة العصر، ولها عدة مقالات أخرى في صحف محلية.
10- الصحفية المتدربة في صحيفة “الوطن” السعودية “مها الرفيدي” وذلك على خلفية دعمها لمعتقلي الرأي.
3- حملة إبريل التي استهدفت فلسطينيين وأردنيين:
ففي سبتمبر 2019؛ أعلنت حركة “حماس” الفلسطينية المقاومة، عن حملة اعتقالات شنتها السلطات السعودية في إبريل من ذات العام، ضد عدد من كوادرها داخل المملكة، شملت مسؤول إدارة العلاقة مع المملكة محمد الخضري، وابنه “د.هاني”.
كما شملت الحملة اعتقال رجال أعمال فلسطينيين وأردنيين، بحجة جمعهم المساعدات المالية لقطاع غزة، وتعرض المعتقلين للحبس الإنفرادي، والتعذيب المستمر والمنع من الزيارات، وسط ضغوط دولية على السعودية للإفراج عنهم.
كما ذكر مصدر داخل حركة المقاومة الفلسطينية “حماس” تأكيده قيام المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، بالوساطة بين الحركة والنظام السعودي في قضية ممثلها المعتقل في الرياض، إلى جانب العديد من كوادرها، بحسب موقع “الخليج أونلاين”.
كما قام أهالي المعتقلين الأردنيين في تلك الحملة، بتنظيم تظاهرات احتجاجية أمام السفارة السعودية بعمان، للضغط على النظام السعودي للإفراج عن ذويهم، ومطالبة الحكومة الأردنية بالتدخل لإطلاق سراحهم.
وأسفرت تلك الضغوط عن بدء الإفراج عن معتقلين منهم، حيث تم حتى الآن الإفراج عن اثنين من المعتقلين الفلسطينيين؛ هما المهندس الفلسطيني المقيم “بشار أنيس”، والمهندس الفلسطيني “عبدالله عوض عودة”، وسط أنباء عن نقل معتقلين آخرين من السجون لمراكز الاحتجاز تمهيدًا لإطلاق سراحهم وترحيلهم.
4- حملة ضد يمنيين مقيمين:
فقد كشف الناشط والأكاديمي السعودي المعارض، سعيد بن ناصر الغامدي، إبريل الماضي، قيام السلطات السعودية بشن حملة اعتقالات جديدة ضد ناشطين يمنيين مقيمين بالمملكة بتهمة “دعم الإرهاب”.
وأوضح الناشط المعارض “الغامدي” في تغريدة بحسابه على “تويتر” أن تلك الحملة من الاعتقالات طالت أعدادًا من اليمنيين المقيمين في المملكة، بتهمة “دعم الإرهاب”، على حد وصفه.
وأرجع “الغامدي” سبب تلك الحملة من الاعتقالات إلى تعاطف بعض اليمنيين المعتقلين مع الفلسطينيين ومساعدتهم، وكذلك تحويل أموال إلى تركيا لمساعدة أقاربهم ومعارفهم الذين شردتهم الحرب، بالإضافة إلى إجراءات الضرائب على عائلات المقيمين في المملكة.
إعدامات
في أبريل 2019؛ نفذت السلطات السعودية إعدامًا جماعيًا بحقّ 37 مدنيًا مسجونًا كانوا قد أدينوا بتهم مختلفة تتعلقُ بالإرهاب والتحريض على قلبِ نظام الحُكم فيما ترى المؤسسات الحقوقيّة السعودية – العاملة خارِج المملكة – والعالميّة، أن السلطات السعودية قد حصلت على اعترافات من المُتهَمين تحت وطأة التعذيب.
14 شخصًا من المُعدمين كانوا قد شاركوا في الاحتجاجات السعودية 2011-2013 في القطيف، ونُفذ فيهم حُكم الإعدام من خِلال قطع الرأس، فيما تمّ صلبُ جثتين. حسبَ وزارة الداخلية السعودية فإن جميع المدانين هم سعوديون، كما أنّ اثنين وثلاثين منهم ينتمون إلى الأقلية الشيعية في البلاد.
كان من بين الذين أعدموا شابٌ شيعي أُدين بجريمة كانت قد وقعت حينما كان قاصرًا كما أُدين بجرائم أخرى من بينها المُشاركة في احتجاجات مناهضة للحكومة. وفقًا لميشال باشليت مديرة قسم حقوق الإنسان بالأمم المتحدة “فإن ثلاثة على الأقل من المعدومين كانوا قاصرين وقت صدور الحكم”، وهو ما يعد انتهاكًا للقانون الدولي الذي يحظر تنفيذ عقوبة الإعدام ضد أي شخص دون سن الـ 18 عامًا.
كما حصلت كل من المنظمة السعودية الأوروبية لحقوق الإنسان، وشبكة سي إن إن الأمريكية الإخبارية، على العديد من سجلات المحكمة التي أصدرت أحكام الإعدام تلك، وذكرت الأخيرة أن لديها مئات الوثائق التي تتعلقُ بـ 25 شابًا منَ المُعدمين كمَا وصفت سي إن إن “قضية القطيف 24″، بأنها تنطوي على تهم تتعلق باحتجاجات 2011 التي تزامنت معَ الربيع العربي.
وأضافت الشبكة أنّ الأشخاص الأربعة عشر الذين تم إعدامهم فيما يتعلق بقضية القطيف 24 قد وُجهت إليهم تهمة “الانضمام إلى خلية إرهابية”، لكنهم نفوا جميعًا التهمة.
من جانبها؛ أدانت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقيّة عملية الإعدام الجَماعي فيما قالَ آدم كوغل باحث المُنظمة في منطقة الشرق الأوسط: “إن الإعدام الجماعي اليوم للمواطنين الشيعة هو يومٌ كنّا نخشاه منذ عدة سنوات”.
وأدانت منظمة العفو الدولية عمليات الإعدام أيضًا ووصفتها بأنها “مَظَاهِرَ مُروّعة لتجاهل السلطات للحياة الإنسانية”، فيمَا وصفت لين معلوف مديرة المنظمة في منطقة الشرق الأوسط عمليات الإعدام هذه بأنها أداة سياسية لقمع المعارضين الشيعة في المملكة وقالت “إنها أيضًا إشارة أخرى مروعة لكيفية استخدام عقوبة الإعدام كأداة سياسية لسحقِ المعارضة داخل الأقلية الشيعية في البلاد”.
أمّا “فيليب ناصيف” الباحث في نفسِ المنظمة أيضًا فقد قال “إن عمليات الإعدام الجماعي وانتهاكات حقوق الإنسان قد زادت خلال قيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان … في سياق السياسة الخارجية الأمريكية السلبية تجاه إيران؛ تُبرّر السلطات السعودية هجماتها المحلية والدولية على المجتمع الشيعي من خلال الادعاء بأنها تُحاول كبحَ النفوذ الإيراني”.