كشفت مصادر سياسية رفيعة المستوى عن وضع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، زيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة ضمن جدول أعمال جولته الخارجية الأولى التي يُنفذها بعد قضية مقتل الصحفي جمال الخاشقجي، وشملت عدداً من دول العربية.
وأكدت المصادر في تصريحات خاصة لـ”الخليج أونلاين”، أن قرار زيارة ولي العهد السعودي للأراضي الفلسطينية قد جاء في اللحظة الأخيرة، لتُضاف إلى باقي الدول التي زارها سابقاً أو سيزورها في وقت لاحق وعلى رأسها “الإمارات ومصر وتونس والجزائر والمغرب والأردن”.
وأضافت أن اتصالات “أولية ومبدئية” بدأت تجري بين المسؤولين السعوديين وشخصيات فلسطينية رفيعة المستوى في السلطة وحركة “فتح”، على درجة عالية من السرية، لمعرفة مدى توفر الأجواء لتنفيذ هذه الزيارة التاريخية، التي ستكون الأولى لبن سلمان منذ وصوله سدة الحكم وتوليه منصب ولاية العهد.
أسباب الزيارة المفاجئة
وذكرت المصادر التي فضلت عدم ذكر اسمها، أنه لم يحدد حتى اللحظة موعد رسمي لزيارة ولي العهد السعودي، مستدركة بالقول: “لكن هناك جهود تجري على أعلى مستويات وبدرجة عالية من السرية للتجهيز للزيارة، وفحص إن كانت الأوضاع الداخلية تسمح بتنفيذها خلال الأيام القليلة المقبلة”.
وعن تفاصيل الزيارة، كشفت أن بن سلمان سيزور مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة، بطائرة عسكرية تقله من الأردن، وسيلتقي في “العاصمة السياسية” بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، وسيبحث معه العديد من الملفات السياسية على رأسها “المصالحة، وعملية السلام المتوقفة والعلاقات الثانية”.
وبسؤال “الخليج أونلاين” عن أسباب الزيارة “المفاجئة” لولي العهد السعودي، قالت المصادر ذاتها: “لن تكون هناك أي مفاجآت منه للرئيس محمود عباس، ولا يحمل معه أي مبادرات سياسية أو حتى مساعادت مالية كبيرة يقدمها للسلطة أو الفلسطينيين”.
وأضافت: “الزيارة في طابعها ستكون إعلامية لا أكثر من ذلك، ومحاولة من الرياض للتنفيس عن حالة الضغط الكبيرة التي تُحيط بولي العهد محمد بن سلمان من كل جانب، على خلفية القضايا الساخنة التي يتورط فيها من بينها جريمة مقتل الصحفي جمال الخاشقجي بالقنصلية السعودية بتركيا، وما يجري من حرب طاحنة ودامية في اليمن والتقارب مع “إسرائيل””.
خطوة نحو “تل أبيب”
المصادر لفتت إلى أنه في حال تم التوافق رسمياً على زيارة بن سلمان لرام الله، فإن السعودية تكون قد تقدمت بخطوة كبيرة نحو “إسرائيل”، مشيرةً إلى أن الزيارة قد تكون مفتاح باب العلاقات العلنية والمباشرة المغلق مع دولة الاحتلال.
وأشارت إلى أن السعودية “تريد علاقات قوية ووطيدة مع “إسرائيل” عبر بوابة السلطة الفلسطينية، وسعت خلال فترة تولي بن سلمان ولاية العهد إلى تقديم كل الخطوات والتنازلات التي تدفع إلى فتح باب لتطبيع السياسي والاقتصادي والعسكري، وحتى الرياضي والفني مع دولة الاحتلال”.
ولم تستبعد المصادر في ختام تصريحاتها لـ”الخليج أونلاين”، أن يزور ولي العهد السعودي “تل أبيب” في الفترة المقبلة، مؤكدةً أن هذا الأمر “لن يكون غريباً على بن سلمان في ظل حرصه الكبير والمفرط على تحسين علاقاته مع “إسرائيل”، التي تبادله نفس الرغبة في تطوير وتحسين العلاقات الثنائية، لتشمل مجالات أكبر وأكثر حساسية في المنطقة”.
تغطية على الجرائم
وتعقيباً على انفراد “الخليج أونلاين” بزيارة بن سلمان لرام الله، أكد من الضفة الغربية المحتلة، البروفيسور المحلل السياسي عبد الستار قاسم، أن بن سلمان “يريد أن يُغطي على جرائمه من خلال القضية الفلسطينية، وبهذه الزيارة التي سيُجريها لرام الله”.
وفي تصريحات خاصة لـ”الخليج أونلاين”، أوضح أن بن سلمان “يسعى بكل الطرق إلى أن يخفف الضغط الشعبي والرسمي الذي يحيط به من كل جانب؛ نظراً لارتباط اسمه بالعديد من القضايا الشائكة والخطيرة في المنطقة، وأنه قد يستغل الزيارة في محاولة لتحسين صورته وتعديل بعض التصريحات التي صدرت عنه سابقاً واعترف بها بحق اليهود في أرض فلسطين”.
البروفيسور قاسم طالب الرئيس عباس برفض استقبال بن سلمان، لكنه في نفس الوقت أكد أن “لغة المال ستغلب على المبدأ في السلطة الفلسطينية، وقد يسمح له بزيارة رام الله واستقباله كأي زعيم يشتري بماله القضية الفلسطينية”.
وتمر العلاقات السعودية-الإسرائيلية في أحسن أوقاتها عبر التاريخ خلال فترة حكم بن سلمان، وشهدت تطورات جذرية وهامة تجلت خلال لقاءات سرية متبادلة بين الجانبين، حتى وصلت بـوزير الاستخبارات الإسرائيلي يسرائيل كاتس إلى توجيه دعوة رسمية إلى بن سلمان لزيارة “تل أبيب”، بحسب ما ذكرته صحيفة “هآرتس” العبرية قبل أشهر.