يتّبع الداعمون لولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الولايات المتحدة طرقا مختلفة للدفاع عنه عقب توجيه أصابع الاتهام نحوه باعتباره مسؤولا رئيسيا عن مقتل الصحفي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول.
ورصدت الجزيرة نت ملامح عدة لطرق مختلفة تتبناها جهات رسمية وغير رسمية داعمة لولي العهد السعودي داخل العاصمة الأميركية.
التجاهل التام
تتبنى هذا النهج بالأساس وسائل الإعلام المحسوبة على السعودية أو الإمارات داخل واشنطن، فعلى سبيل المثال لم يقدم مكتب صحيفة الشرق الأوسط التي تملكها السعودية أي تغطية خبرية لتطورات الموقف السعودي، خاصة فيما يتعلق بتوجيه اتهامات حادة على لسان عدد من أعضاء مجلس الشيوخ.
كذلك لم يذكر مكتب الصحيفة في واشنطن أنباء تسريب وكالة “سي آي أي” تقريرها الذي يدين ولي العهد السعودي، وتبنت الصمت الكامل تجاه قرار مجلس الشيوخ الذي اتخذ بالإجماع بإدانة محمد بن سلمان لمسؤوليته عن مقتل خاشقجي، والمنهج نفسه تبنته محطتا العربية وسكاي نيوز على الرغم من وجود مراسلة دائمة للعربية داخل البيت الأبيض.
غير أن التغطيات لم تركن فقط لتجاهل التطورات الخاصة بالموقف الأميركي، بل اختارت التركيز على إبراز تكرار الرئيس ترامب ووزيري الخارجية مايك بومبيو والدفاع جيمس ماتيس على أهمية العلاقات الإستراتيجية التي تجمع واشنطن بالرياض.
والمنطق نفسه اتبعته صحيفة ذا ناشيونال التي تصدر من دولة الإمارات العربية المتحدة باللغة الإنجليزية، ولم تعرض مراسلة الصحيفة في العاصمة الأميركية إطلاقا تطورات الموقف الأميركي بل ركزت تغطية واشنطن على كل القضايا الأخرى، سواء الداخلية أو الإقليمية مع استثناء تطورات قضية خاشقجي.
تجميل المملكة
فئة أخرى تتمثل فيما يطلق عليه “اللوبي السعودي” ممثلا في اللجنة السعودية الأميركية للعلاقات العامة (سابراك) التي اختارت أن تعرف الرأي العام الأميركي بجمال المملكة السعودية مع تجاهل موقف دوائر واشنطن المختلفة من مقتل خاشقجي.
تجميل السعودية أخذ مسارين، الأول يركز على نشر صور ومقاطع فيديو تبرز الطبيعة التي تتمتع بها بعد المناطق السعودية، كما تم التركيز على فعاليات تبتعد بمحمد بن سلمان عن متاعب تبعات مقتل خاشقجي، وركزت المؤسسة على الفعاليات التي تشير إلى سياسة الانفتاح التي ينتهجها ولي العهد السعودي.
الأسلوب الثاني في عمليات التجميل جاء من خلال إبراز جهود التسامح الديني التي تقود بها السعودية، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الدينية مع الآخر ممثلا في المسيحيين واليهود.
وتم التركيز داخل واشنطن على الترويج لزيارة وفد من كبار قادة المنظمات المسيحية الإنجيلية، والاحتفاء بلقاء بن سلمان بوفد المنظمات المسيحية وإبراز البيان الذي أصدرته المنظمات.
وركزت السفارة السعودية على زيارة الوفد لمؤسسة “اعتدال” المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف، وهو ما يمثل نهجا سعوديا لا يتوقف لإبراز جهودها في مواجهة الإرهاب والتطرف، وتم إبراز جهود رابطة العالم الإسلامي في التواصل مع قادة اليهود بواشنطن.
إيران وقطر والإخوان
أما مؤسسة أرابيا البحثية المعروفة بقربها من ولي العهد السعودي فركزت فعالياتها على التخويف من تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة، ويركز الباحثون في المركز على تمدد النفوذ الإيراني داخل العراق وفي لبنان وسوريا، أما فيما يتعلق باليمن فيتم التركيز بصورة كبيرة على “الدور السعودي الإنساني فيها” مع تجاهل كبير للضحايا المدنيين.
ويظهر رئيس المؤسسة على الشهابي في القنوات الأميركية مدافعا عن محمد بن سلمان، منكرا أي دور لولي العهد في قضية قتل خاشقجي، ويركز على أن الحكومة السعودية تحقق، وأنه عوقب الكثير من المسؤولين عن عملية القتل.
وتجتمع كل الأذرع البحثية والإعلامية المؤيدة لمحمد بن سلمان داخل واشنطن على شيطنة تركيا صاحبة الدور الأكبر في بقاء قضية خاشقجي حية.
كما تتم شيطنة قطر والعمل على تشويه قناة الجزيرة واتهامها بالعمل ضد المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، أما جماعة الإخوان المسلمين فيتم استخدامها وتصويرها كمصدرة “للإرهابيين”، وأن بن سلمان يتصدى لها ولفكرها الخطير.
ولا ينسى كل المدافعين داخل واشنطن التأكيد على جهود ولي العهد السعودي في الحفاظ على “استقرار الشرق الأوسط”، وعلى الدور القيادي المهم للسعودية في استقرار أسواق الطاقة العالمية.
محمد المنشاوي