سلط الزميل في برنامج الشؤون الدولية في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، آرييل ليفيت، الضوء على صفقة التطبيع المحتمل بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل تستكشف صفقة شاملة تهدف إلى إعادة الرياض إلى فلك الولايات المتحدة مع تطبيع علاقتها مع تل أبيب.
وذكر ليفيت، في تحليل نشره بموقع “ذا هيل” القريب من الكونجرس، وترجمه “الخليج الجديد”، أن إتمام الصفقة لا يزال غير المؤكد ما، ومع ذلك، تجري مفاوضات مكثفة بهدف الوصول إليها بحلول أوائل عام 2024، مع فرض غطاء من السرية على المناقشات الجارية بشأنها.
ومع ذلك، فإن سمات الصفقة الرئيسية آخذة في الظهور بالفعل، بحسب ليفيت، مشيرا إلى أن السعوديين يطالبون بـ 4 شروط للمضي قدمًا في عقد الصفقة، ثلاث منها موجهة إلى الولايات المتحدة، وهي: ضمان أمني صارم (يعادل المادة الخامسة لحلف شمال الأطلسي)، وحزمة أسلحة تضم بعضًا من الأسلحة الأمريكية الأكثر تطوراً، ومساعدات لمشروع الطاقة النووية المدنية، الذي يشمل تخصيب اليورانيوم المحلي على الأراضي السعودية.
أما الشرط السعودي الرابع فموجه لإسرائيل، ويتمثل في بعض الخطوات الملموسة تجاه الفلسطينيين، بحسب ليفيت، مشيرا إلى أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يطمع أيضًا في تحقيق مكاسب أخرى، مثل منحه دورًا في الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس، والتي تتم إدارتها حاليًا بشكل مشترك بين الأردن والفلسطينيين.
ومن جانبها، يرى ليفيت أن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تأمل في الحصول بالمقابل على مكاسب سياسية، أولها استعادة السعودية من احتضان الصين وروسيا وإدخالها في اتفاقات إبراهيم للسلام، وهو الهدف الذي استعصى على إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب.
كما تشمل أهداف بايدن زيادة إنتاج النفط واستقرار أسعاره، وضمان مبيعات أسلحة ضخمة بمليارات الدولارات، واستبدال عمليات الاستحواذ السعودية للتكنولوجية الصينية بأخرى أمريكية في مجال الاتصالات، وتصدير محطات طاقة إلى السعودية، يمكن أن تساعد في إنعاش الصناعة النووية الأمريكية وتعزيز قدرتها التنافسية العالمية.
وفي السياق، يسعى بايدن إلى الحصول على تنازلات ذات مغزى من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لإحياء الآمال في حل الدولتين مع الفلسطينيين.
وتسعى إسرائيل، في المقابل، إلى تعزيز جهود التطبيع مع الدول العربية بما يصاحبها من فوائد أمنية واقتصادية وسياسية.
ومثل بايدن، فإن نتنياهو، يأمل في تحقيق إنجاز التطبيع مع السعودية، الذي يدعم مكتسباته السياسية المتدهورة بسبب أزمة ملف الإصلاح القضائي في إسرائيل، كما يسعى إلى تأمين استعداد الولايات المتحدة لمنح الدولة العبرية أيضًا بعض الضمانات الأمنية الأكثر حزماً.
لكن السعودية ستكون هي الفائز الأكبر من هكذا صفقة، وعلى وجه التحديد بن سلمان، حسبما يرى ليفيت، موضحا أن الصفقة ستضمن لولي العهد إعادة تأهيل دولي نهائي من السحابة التي خيمت على سمعته بعد اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، ما يمهد الطريق لصعوده إلى العرش السعودي بشكل سلس، ويعزز طموحه في تحديث المملكة.
ومع ذلك، يرى ليفيت أن الفحص الدقيق لهكذا صفقة يظهر أن الفوائد المصاحبة لها يمكن أن تكون أقل تأكيدًا، والمخاطر المرتبطة بها كبيرة إلى حد ما، مشيرا إلى أن أحد تلك المخاطر يتمثل في أن كل طرف سيفشل في الوفاء بجانبه من الصفقة.
فقد لا تتمكن الولايات المتحدة من تأمين موافقة الكونجرس الضرورية على عنصر واحد أو أكثر من حزمة الأسلحة المصدرة إلى السعودية، بينما قد لا يتمكن نتنياهو من إقناع ائتلافه اليميني الحاكم بالموافقة على طلب الولايات المتحدة والسعودية بشأن الفلسطينيين.
ولكن ربما يتجسد الخطر الأكبر، إذا تمت هذه الصفقة وفقًا للمعايير التي تسعى إليها السعودية، في صعوبة كبح جماح بن سلمان، وضمان عدم تصرف بتهور بعد استفادته من الضمانات الأمنية الأمريكية، على النحو الذي سبق له القيام به في اليمن.
ومن أسباب صعوبة إبرام الصفقة أيضا، بحسب ليفيت، تقديم الولايات المتحدة التزامًا مفتوحًا بالدفاع عن السعودية، وتوفير تكنولوجيا نووية وعسكرية حساسة لنظام سياسي غير مستقر، مع سجل نووي مشكوك فيه، فضلا عن احتمال مواجهة هكذا مشروع للإرهاب المحلي والتهديدات العسكرية الأجنبية.
وقد يؤدي تقديم تكنولوجيا التخصيب إلى تقويض حظر الانتشار النووي بشكل خطير، وإطلاق العنان لمطالب حلفاء الولايات المتحدة وشركائها بعدم تلقي معاملة أقل، بحسب ليفيت.
كما أن التوسيع الدراماتيكي لاتفاقات إبراهيم يمكن أن يساعد نتنياهو سياسيًا، لكنه لا يكفي لتغيير نهج الحكومة الإسرائيلية الحالية تجاه الفلسطينيين بشكل جذري.
ويخلص ليفيت إلى أن إدارة بايدن ستواجه تحديين رئيسيين، أولهما تخفيف التوقعات السعودية بشأن نسبة قبول مطالبها في إطار صفقة التطبيع المحتملة، مع الاستمرار في تقديم مزايا ملموسة لهم، وإن كانت مصحوبة بضمانات وشروط صارمة بشأن المعايير التي تحكم نشرها واستخدامها.
أما التحدي الثاني فيتمثل في ربط أي منافع لإسرائيل بالتزام حكومتها بمعايير واضحة بشأن القضية الفلسطينية.