بقلم/ حازم عياد – كاتب صحفي أردني

لم يكد يخلو يوم من ايام شهر اذار مارس الحالي دون ان تدوي صفارات الانذار في السعودية معلنة التصدي لهجمات صاروخية وطائرات موجهة بدون طيار تستهدف المدن السعودية والمنشآت النفطية.

هجماتٌ لم تحرك ساكنا في البيت الابيض وواشنطن المنشغلة بجهود إحياء الاتفاق النووي الايراني، وإتمام الانسحاب من افغانستان.

فواشنطن اكتفت بإدانة الهجمات على استحياء أكثر من مرة حيث قالت الخارجية الامريكية في بيان في الاول من آذار مارس الحالي: “على الحوثيين إنهاء هذه الهجمات الفظيعة، والانخراط بشكل بناء مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة والمبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن؛ بهدف تحقيق السلام والازدهار، والأمن للشعب اليمني”.

فالدعوة الى الحوار والجلوس على طاولة المفاوضات لإنهاء الحرب في اليمن هي اللغة السائدة في واشنطن للتعامل مع ملف الحوثيين الذي جعلتها سببًا في وقف مبيعات الأسلحة إلى الرياض.

فالإدارة الجديدة اكتف حتى اللحظة بتعيين مبعوثها الخاصة الى اليمن، ليتبعه تصعيد غير مسبوق من الحوثيين؛ لتحسين أوراقهم التفاوضية على الارض، وتوسيع مناطق نفوذهم لتمتد الى مأرب.

النشاط العسكري الوحيد للولايات المتحدة بعد سحب حاملة الطائرات العملاقة “نيمِتز” من الخليج العربي نحو بحر الصين كان بقصف مواقع تابعة لميليشيا الموالية لإيران قرب الحسكة والحدود العراقية.

تبعه إرسال قاذفة القنابل “بي 52” عقب تعرض قاعدة عين الأسد الامريكية شمال العراق لهجوم صاروخي أشد عنفًا من الهجوم على القواعد الإيرانية في سوريا.

فالهجمات الحوثية كشفت وأكدت اتساع مساحة المناورات، وتعدد ساحات وأوراق التفاوض بين الادارة الامريكية وإيران؛ فطهران وواشنطن تقاتلان وتناوران على الاراضي العراقية والسورية، وفي المياه الخليجية والأجواء السعودية، وتتفاوضان في الكواليس الاوروبية.

في حين تقف الرياض منتظرة بترقب نتائج المناورات والمفاوضات الامريكية الايرانية التي تصر طهران على إبعاد الرياض عنها.

لا شك في ان السعودية وأمام حالة البرود واللامبالاة الامريكية باتت منزعجة إلى حد دفعها لتنشيط دبلوماسيتها العربية تجاه قطر التي تلقى أميرها حمد آل ثاني رسالة شفوية من الملك سلمان اليوم الاثنين في أعقاب الهجمات الحوثية الواسعة.

كما استضافت الرياض الملك عبد الله الثاني لتدعيم جبهتها العربية، وفتح الأبواب نحو واشنطن، وتوسيع الآفاق نحو عمقها الإسلامي.

فهجمات الحوثيين يُتوقع ان تدفع الرياض بعيدا نحو السعي الحثيث لإحياء الشراكة الإستراتيجية مع تركيا وباكستان؛ فالهجمات الحوثية المتواصلة والصمت الامريكي لم يُبق امام الرياض سوى الانفتاح على الحلفاء العرب والأتراك بعد تلاشي ضباب الحقبة الترامبية، وخذلان الإدارة الامريكية الجديدة للرياض، ومصالحها المباشرة في البحر الاحمر والخليج العربي.