خلافاً لما كانت عليه التطورات الميدانية في الحرب الدائرة باليمن خلال الأعوام الخمسة السابقة، من تراجع وانكماش لمليشيا الحوثيين، تحولت المعارك مؤخراً إلى مصلحتها على حساب القوات الحكومية المدعومة من السعودية.
بات الوضع مختلفاً، فالحوثيين مؤخراً بدؤوا بالتقدم عسكرياً نحو مأرب والجوف بعد سيطرتهم على جبال ومواقع استراتيجية في مديرية نهم شرق صنعاء، قبل أن تعود المليشيا مجدداً إلى التقدم مرة أخرى، ولكن هذه المرة بسيطرتها على مركز محافظة الجوف، أحد أهم معاقل الشرعية اليمنية، التي تشكل تهديداً مباشراً لمحافظة مأرب، التي تقع فيها مقر قيادة الجيش اليمني.
ويبدو أن الحوثيين استغلوا الأزمة في الجنوب بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي، والتهدئة المفترضة بينهم برعاية السعودية والحديث عن مفاوضات بين الطرفين، للاستفراد من جديد بخصومهم، وفي مقدمتهم حزب الإصلاح، الذي يتواجد بكثافة في الجوف ومأرب شرق صنعاء.
من نهم إلى الجوف
قبل اندلاع المعارك الجارية حشد الحوثيون آلاف المقاتلين شرق صنعاء، إذ كانت أنظارهم تتجه إلى محافظة مأرب النفطية، معقل القوات الحكومية منذ اندلاع الحرب مطلع عام 2015.
في يناير 2020، استعاد الحوثيون مواقع استراتيجية في نهم بصنعاء، وصفها القيادي في الجماعة، محمد علي الحوثي، عضو المجلس السياسي الأعلى (أعلى سلطة حاكمة للحوثيين)، بأنها أهم الجبهات في صنعاء.
واستغل الحوثيون الهدنة المفترضة مع السعودية التي تقود التحالف العربي، إذ ضمنوا الإعداد الكامل للهجوم باتجاه مأرب من ثلاثة محاور، الأول كان من مديرية صرواح جنوب غرب مأرب، والثاني من مديرية نهم غرب مأرب (التابعة إدارياً لمحافظة صنعاء)، والثالث كان في مديرية مجزر شمال غرب مأرب من محافظة الجوف.
وتسببت المعارك في وقف حركة السير على الطريق الوحيد الرابط بين محافظتي مأرب والجوف، مما دفع الأهالي لسلك طرق صحراوية.
ومع استمرار المعارك وردت أنباء حصل عليها “الخليج أونلاين”، مساء الأول من مارس 2020، عن سيطرة الحوثيين على مدينة الحزم، مركز عاصمة الجوف، وكذا مديرية الغيل، التي يمكنهم بعدها التقدم نحو مأرب.
لا جديد في السيطرة
يرى الباحث في العلاقات الدولية، اليمني الدكتور عادل المسني، أن ما حدث في الجوف من انتكاسة للجيش اليمني والحكومة الشرعية “ليس جديداً، خصوصاً أنه ليس في سلوك التحالف ما يؤكد دعم الشرعية”.
ويضيف، في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “كل انتكاسة وراءها التحالف، وهذا يعكس مخاوف التحالف وأولوياته التي لم تتغير، وفي النهاية لن يكون هناك ضحية سوى الحكومة الشرعية”.
ويؤكد أن الرياض “تتآمر وتتخادم مع أجندات إيران على ما يصفونه بجيش الإخوان (في إشارة لحزب الإصلاح باليمن)، وهذا التسطيح لمعسكر الشرعية بدأ بالظهور بعد انهزام الانتقالي في معركة شبوة (أغسطس 2019)، بشكل علني ورسمي عبرت عنه قيادات إماراتية عسكرية وإعلامية واسعة”.
ويضيف: “كان هناك ترتيبات إقليمية وفق تفاهمات دولية مع الحوثي لإسقاط الجوف ومأرب، فيما يسمى بعملية البنيان المرصوص التي أطلقتها مليشيا الحوثي، من أجل الخلاص من معسكر الثورة وهندسة الواقع السياسي بعيداً عن صداع التغيير وقواه الفاعلة”.
لكنه أكد أن هذا المخطط “أفشله ببسالة الجيش الوطني خلال شهر من الصمود وسط خذلان وتآمر من التحالف”، مضيفاً: “معركة الجوف أزاحت الستار عن وجه التحالف القبيح، وكشفت عن حقيقة أهدافه ونواياه”.
مؤامرات واتهام بالخذلان
وكان مدير عام مكتب وزارة الإعلام بمحافظة الجوف اليمنية، يحيى قمع، اتهم التحالف العربي بخذلانه للجيش في الجوف، وتقليل عدد الغارات التي تستهدف المليشيا.
كما اتهم في الوقت ذاته الحكومة الشرعية بتجاهلها لمعركة الجوف، وطالب أكثر من مرة بتخفيف الضغط على “جبهة الجوف من خلال فتح جبهات أخرى”.