قال تحليل نشره “أتلانتك كاونسل” إن حصر الزيارة الأخيرة للرئيس الصيني “شي جين بينج” إلى السعودية في إطار التنافس الجيوسياسي مع الولايات المتحدة في المنطقة، ينم عن نظرة ضيقة، مؤكدا أن تلك الزيارة تتعلق بأشياء أكبر من ذلك بكثير.
ويوضح التحليل، الذي كتبه “جوناثان فولتون” وترجمه “الخليج الجديد”، إن زيارة “شي” للسعودية كانت جزءا من مسار أطول بكثير لتعميق العلاقات بين الصين والشرق الأوسط ، حيث أصبحت العلاقات مع العديد من الدول الإقليمية أكثر نضجًا.
وتعد هذه هي الزيارة الخامسة لرئيس دولة صيني إلى المملكة، نتج عن كل منها مجموعة واسعة من مجالات التعاون، بدءًا من زيارة “جيانج زي مين” عام 1999 عندما وقع اتفاقية تعاون نفطي استراتيجي، مما جعل الصين في نهاية المطاف أكبر عميل للطاقة في المملكة.
وهناك أيضا الزيارة السابقة، التي تمت في عام 2016 عندما وقع “شي” والملك “سلمان” اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة، رفعت المملكة إلى أعلى مستوى في التسلسل الهرمي الدبلوماسي الصيني.
وبين الرحلتين، نمت العلاقات لتشمل علاقة أكثر تنوعًا عبر التجارة والاستثمار والتمويل والتعاون التكنولوجي والتوعية التعليمية والأمن.
ويقول الكاتب إن السعوديون وجيرانهم في مجلس التعاون الخليجي/ ينظرون إلى الصين كقوة عظمى شريكة لها مقعد دائم في مجلس الأمن، وسوقًا رئيسيًا للطاقة، ومصدرًا للدعم التكنولوجي والاستثمار الذي يمكن أن يساعدهم في بناء اقتصادات متنوعة.
ويضيف: “لذللك العلاقة هي أكثر بكثير من مجرد خدعة لجذب انتباه أمريكا”.
لكن، في نفس الوقت، بحسب التحليل، لا يجب التضخيم من مسألة عقد قمم بين الصين وكل من دول مجلس التعاون الخليجي، ودول عربية، مشيرا إلى أن الأمر لم يخرج عن مسار روتيني للتعاون بين الصين وتلك الدول، حيث يعقد كل عامين منتدى التعاون الصيني العربي (CASCF) منذ 2004 على مستوى الوزراء، بين الصين ودولة عربية مختلفة بالتناوب.
وكان من المقرر أن يشهد عام 2022 اجتماع (CASCF)، ولكن بدلاً من ذلك ، عُقدت هذه القمة، والتي تخدم إلى حد كبير نفس الغرض.
وبالمثل، يبدو أن القمة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي هي إعادة تسمية للحوار الاستراتيجي بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي ، الذي عُقد لأول مرة في عام 2010، بحسب الكاتب.
علاوة على ذلك، كان الحضور بين رؤساء دول جامعة الدول العربية لهذه القمة متواضعا وكان هناك القليل من النتائج الرئيسية.
لكن القمة الصينية السعودية كانت الأكثر إثارة للانتباه، وعكس البيان المشترك الذي صدر في ختامها مدى تعاون البلدين فعليا وطموحاتهما للاستمرار “في جميع المجالات”.
وخلال زيارة عام 2016 ، أنشأ الثنائي اللجنة المشتركة رفيعة المستوى (HLJC)، ومنذ ذلك الحين، يلتقي نائبا الرئيس – ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان” من الجانب السعودي ونائب رئيس الوزراء “تشانج قاولي” من الجانب الصيني – بشكل منتظم، حيث يجلبون الوفود لتوقيع العديد من مذكرات التفاهم، والتي أصبحت عقودًا.
وبعد هذه القمة الأخيرة في ديسمبر/كانون الأول الجاري، أفاد السعوديون بأنه تم توقيع 46 مذكرة تفاهم واتفاقية بقيمة 50 مليار دولار.
واعتبر الكاتب أن القمة الصينية الخليجية شهدت تعليقا صينيا مثيرا للاهتمام على قضية الجزر الثلاثة “طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى”، والتي تسيطر عليها إيران وتقول الإمارات إنها تابعة لها، حيث دعت بكين، خلال البيان الختامي للقمة، إلى التوصل لحل سلمي للقضية، وهو التعليق الذي أقلق إيران ودفعها لاستدعاء السفير الصيني لدى طهران لإبداء الاستياء.
ويعلق الكاتب على الأمر بالقول إنه على الرغم من الإجماع العام على أن الصين وإيران شريكان طبيعيان أكثر من الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، فإن انحياز بكين إلى دول الخليج لا ينبغي أن يكون مفاجئًا أيضًا.
ويضيف أن المصالح الاقتصادية للصين على الجانب العربي من الخليج تفوق بشكل كبير تلك الموجودة في إيران، علاوة على أن سلوك طهران في المنطقة يهدد الاستقرار الذي تقدره بكين.