استضاف وزير الخارجية الأمريكي الأسبق “جيمس بيكر”، في منزله عام 1991، لقاء إسرائيليا سعوديا مصريا سوريا، لحث جميع الأطراف على التعاون وتطبيع العلاقات.
وكشفت وثيقة إسرائيلية سرية النقاب عن اللقاء، الذي حضره الرئيس المصري “حسني مبارك” ونظيره السوري “حافظ الأسد”، والملك السعودي “فهد بن عبدالعزيز”، ورئيس الموساد آنذاك “شبتاي شافيت”.
ولفتت الوثيقة إلى أن اللقاء استهدف تشجيع الفلسطينيين على التحدث مع إسرائيل، والتنسيق السعودي الإسرائيلي في البحر الأحمر، وتحويل الأموال من السعودية إلى الفلسطينيين بالتنسيق مع إسرائيل، فضلا عن إقامة علاقات رسمية.
وجاء اللقاء السري، لبحث “عرض سعودي قُدم حينها لدولة الاحتلال عبر الإدارة الامريكية زمن الرئيس جورج بوش الأب”.
وحسب الصحفية “هوديا كريش حزوني” الكاتبة في صحيفة مكور ريشون اليمينية العبرية، فإنه “قبل ثلاثين عامًا، وبالتحديد خلال حكومة إسحاق شامير، طمحت السعودية لإقامة سلام كامل مع إسرائيل”.
وتعود الوثيقة المذكورة إلى تاريخ 26 مارس/آذار 1991، وقد نشرت مؤخرا في أرشيف الدولة العبرية، وتحتوي على تصنيف “سري للغاية”.
وورد في الوثيقة نقلا عن مسؤول إسرائيلي يُعتقد أنه “شافيت” نفسه أن “الملك السعودي الراحل فهد أبلغ وزير الخارجية الأمريكي آنذاك جيمس بيكر بأنه يريد إقامة السلام مع إسرائيل، السلام الحقيقي، بما فيه العلاقات التجارية والثقافية الطبيعية، مع ضرورة معالجة القضية الفلسطينية”.
وأشارت الصحفية إلى أن “الوثيقة كشفت أن بيكر طلب من فهد أن يعطيه شيئًا يمكن أن يمنحه لإسرائيل، حيث أرسل الأخير الأمير بندر بن سلطان سفير المملكة في واشنطن إلى سوريا لهذا الغرض، كما أنه اتصل بالرئيس المصري حسني أيضًا للحصول على موافقته لعقد اجتماع رباعي”.
ولفت “شافيت” إلى أن “روس رتب لقاء له مع بندر، وبسبب دخوله المستشفى، لم يتم اللقاء، لكن بندر اتصل من المستشفى، وعبر عن أهمية عملية السلام للسعودية”.
وأوضحت أن “الخطة التي يُزعم مناقشتها في ذلك الوقت تضمنت تشجيع الفلسطينيين على التحدث مع إسرائيل، بجانب التنسيق السعودي الإسرائيلي في البحر الأحمر، وتحويل الأموال من السعودية إلى الفلسطينيين بالتنسيق مع إسرائيل، ولهذا الغرض أراد دينيس أن يلتقي شافيت مع بندر”.
وتستدرك الكاتبة بالقول، إنه “تم حجب سطر واحد من الشروط المقدمة في الاتفاقية لأسباب تتعلق بالرقابة العسكرية، لكن كان مكتوبًا أيضًا أن إسرائيل طلبت من السعودية عبر الولايات المتحدة إلغاء المقاطعة العربية، أو على الأقل عدم الامتثال لها، ورفض قرار الأمم المتحدة بأن الصهيونية حركة عنصرية، وإعلان انتهاء حالة الحرب بين البلدين”.
وأفادت الوثيقة بأنه عقب اتصال هاتفي من بيكر، “عقد المسؤول الإسرائيلي، في منزل بيكر، لقاءات مطولة مع رؤساء مصر مبارك، والسعودية فهد، وسوريا حافظ الأسد، وخرج بقناعة مفادها أنهم مستعدون لأن يكونوا أكثر نشاطا وانخراطًا في العملية السلمية، والابتعاد عن الصور النمطية القديمة، لكنهم لن يتحركوا قبل أن تنسحب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية”.
تجدر الإشارة إلى أن “هذه الوثيقة التي تم الكشف عنها الآن كُتبت قبل عقد من إطلاق السعودية مبادرة السلام العربية التي لم تطالب إسرائيل فقط بالانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية وإخلاء جميع المستوطنات، ولكن أيضا الاعتراف بحق العودة، وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، وذلك مقابل تطبيع علاقاتها مع العرب.
وبعد مرور أكثر من ثلاثة عقود على هذه الوثيقة التاريخية، لا تزال السعودية تتجنب الاعتراف الرسمي بإسرائيل، رغم أنها فتحت مجالها الجوي لرحلاتها الجوية، ووسعت اتصالاتها غير الرسمية معها.
ورغم غياب التطبيع الرسمي بين الرياض وتل أبيب إلى اليوم، تكشف هذه الوثيقة عن الجذور التاريخية لعملية التسوية التي انطلقت رسميا في 1991 من خلال مؤتمر مدريد، رغم أنها تمتد لسنوات طويلة قبلها.