“في أول يوم لي في المدرسة طردوني منها أمام معلماتي وزميلاتي، وأنا من مواليد السعودية”، بهذه الكلمات التي رافقتها الدموع، وثقت الطالبة أنوار النعيزي رفض مدرستها استقبالها، تنفيذاً لقرار إدارة التعليم بمحافظة حفر الباطن بالمنطقة الشرقية، لكونها من أبناء “القبائل النازحة”.
ومع انتشار فيديو الطفلة النعيزي عبر مواقع التواصل الاجتماعي عمت حالة من الغضب في صفوف أبناء “القبائل النازحة” ضد الإجراءات الرسمية السعودية ضدهم، وعدم القبول بدمجهم بالمجتمع، وإعطائهم حقوقهم الأساسية.
ينقسم البدون في المملكة إلى ثلاثة أقسام: الأول “بلوش البريمي”، وهم سكان منطقة البريمي الحدودية بين السعودية وعُمان، والثاني: الجاليات الإسلامية من آسيا التي استوطنت مكة المكرمة والمدينة المنورة والطائف وجدة كالبخارية، والتركستان، والبرماوية والإندونيسية، أما الثالث: فالجاليات العربية والأفريقية التي استوطنت بعد أداء العمرة والحج.
ويعاني البدون من البطالة، وتواجه بناتهن العنوسة ولا خيار أمامهن سوى الزواج العرفي بسبب استحالة الحصول على صك زواج لعدم وجود الرقم الآلي.
ويصل عددهم في السعودية إلى أكثر من 150 ألف شخص، حيث يعيشون أوضاعاً قاسية بسبب المعاملة العنصرية التي يتعرضون لها من قبل السلطات، والرافضة لتجنيسهم، أو السماح لهم بالتنقل، أو إصدار رخص قيادة.
كذلك لا يوجد لهم تأمين صحي، أو جواز سفر، ولا تصدر لهم شهادات ميلاد أو وفاة، ولا شهادات زواج، ولا يحق لهم العمل بشكل رسمي.
ورفع أبناء هذه القبائل على مدار السنوات الماضية آلاف القضايا عبر جمعيات حقوقية للمطالبة بإنصافهم ورفع “الظلم” الواقع عليهم، لكن من دون استجابة جدية من السلطات بالمملكة.
انتقام تاريخي
المعارض السعودي ناصر القحطاني يؤكد أن “القبائل النازحة” تنتمي في الأصل إلى قبائل استوطنت جزيرة العرب منذ مئات السنين، أي قبل قيام دويلات آل سعود الثلاث، وهم ينتمون إلى قبائل عنزة وشمر والظفير وقحطان وغيرها من القبائل.
ويقول القحطاني، في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “تم تسميتهم بالقبائل النازحة افتراء؛ فهم غير نازحين، بل هم من سكان البلاد الأصلية ولهم فيها حق أكثر من غيرهم، وهم أولى بها من آل سعود في الحكم”.
وأضاف القحطاني: “قصتهم ابتدأت حين رفض أجدادهم وأهلهم قبول التابعية السعودية، التي هي وثيقة كان الكل يُجبر على الحصول عليها ليتم سعودته، حيث كان أجداد البدون يهربون للبادية حين يعلمون بقدوم هذه اللجان، وسبب ذلك أنهم يرفضون حكم آل سعود”.
وتابع: “أجداد البدون كانوا يعتلون الأسوار هرباً من هذه اللجان، حيث كان الكل يجبر دون اختيار أن يبصم على هذه الوثائق ويحملها، حتى إن بعضهم كُتب اسمه خطأً وما زال يعاني أحفاده من حملهم اسماً مغلوطاً”.
كما أوضح القحطاني أن “النظام السعودي يرفض منحهم حقوقهم لحقدٍ قديم على أجدادهم، فهو بكل جور وظلم يريد الانتقام من الأجداد في إذلال الأحفاد”.
وأشار المعارض السعودي إلى أن أغلب البدون قد استوفى شروط منح الجنسية، ومنها أن يكون هناك معرف قبلي وشهود لإثبات شخصية معدوم الجنسية، لكن النظام يكابر.
وبين أن النظام السعودي يجنس أشخاصاً لا ينتمون للبلاد لا من قريب أو بعيد، لغايات يرتجيها النظام من تجنيس غير المنتمين للبلد بهدف خلق ولاءات جديدة له.
شهادات مؤلمة
زيد العنزي تداول صوراً لأطفاله في تغريدة نشرها عبر حسابه في موقع “تويتر”، أكد فيها أن أولاده اشتروا من أيام ملابس المدرسة، ولكن إدارتها لم تقبلهم وتطردهم.
#القبايل_النازحه#انوار_خالد_العنزي
هذولا عيالي اشترو اغراض المدرسة ولم يتم قبولهم ولهم يومين الصبح يبون يورحون للمدرسة وانا اقولهم مافي مكان لكم..? pic.twitter.com/kzfwBPaGEj— zaid alenazi (@ZaAlenaze) September 2, 2019
وكتب صاحب حساب محمد، وهو من أبناء “القبائل النازحة”، أن زوجته ولدت بإسعاف بسبب رفض إدارة المستشفى استقبالها، وكذلك إدارة المدرسة رفضت تسجيل أبنائه.