“فتاوى على المقاس تشرعن قرارات ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان”.. هكذا وصفت وكالة أنباء “الأناضول” التركية (رسمية)، أوضاع العلماء في السعودية، التي قالت إن مصداقيتهم تآكلت تدريجيا حتى اضمحلت بفعل الخنوع والخضوع للبلاط الملكي.
التقرير الذي حمل عنوان “علماء في عهد بن سلمان.. مصداقية ضائعة”، قال إن دور العلماء السعوديين تقلص، ليتلخص في مجرد منصات لشرعنة الفساد والجرائم بطرق مختلفة، ومخادعة للمجتمع.
وأضاف التقرير أن “طبقة العلماء الرسمية في السعودية لم تفقد مصداقيتها في يوم من الأيام عبر تاريخ المملكة كما هو الحال اليوم”.
ولفت التقرير إلى أن طبقة العلماء، التي تمثل إحدى الركيزتين الرئيسيتين للنظام المؤسس في السعودية، شكلت دورًا حاسمًا في معارك العرش بالبلاد، وإن لم يكن بشكل مباشر.
وتابع: “استخدام لفظ (شكّلت) يأتي لأن طبقة العلماء تحولت إلى (بيدق علني) بأيدي النظام، مع صعود بن سلمان إلى ولاية العهد في يونيو/حزيران 2017”.
وزاد التقرير: “لم يتردد ولي العهد الشاب في استخدام العديد من العلماء بيادق في مشاريعه الخاصة، وعلى هذا النحو، تحول دور العلماء إلى منصات لشرعنة الفساد، وشرعنة الجرائم بطرق مختلفة ومخادعة للمجتمع”.
وعلى الضفة المقابلة، حسب التقرير، جرى تجريد العلماء الذين لا يدعمون مشاريع وقرارات “بن سلمان” من وظائفهم، وزج بهم في السجون، في الوقت الذي دأب فيه ولي العهد على التشاور مع الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” وولي عهد أبوظبي الشيخ “محمد بن زايد”، في القضايا الحيوية لبلاده والمنطقة، في حين لم يتم إطلاق سراح نحو 400 عالم، مثل “سلمان العودة” و”عوض القرني”، ممن زج بهم في السجون دون تهم.
وفي الواقع، سعى “بن سلمان” الذي وجه رسائل دافئة حول “الانفتاح والإسلام المعتدل” إلى الغرب، وأظهر التزامه بهذا النهج من خلال خطوات اتخذها على صعيد حقوق المرأة، إلى إبعاد العلماء الذين ينتهجون الخط السلفي والوهابي، حسب الوكالة.
ومع ذلك، ومن أجل إظهار شرعية سلطته، وفق التقرير، نظم “بن سلمان” حملة دعم كبيرة داخل وخارج البلاد، مستخدمًا جنوده الذين يلبسون ملابس رجال الدين وعماماتهم، من أجل تلميع صورته، بعد أن جرى نشرهم في مختلف الميادين.
وضرب مثالا بذلك، حول رجال الدين الذين ساروا في هذا الركب “عائض القرني”، الذي أعرب عن ندمه على تبنيه الأفكار القديمة، وأعلن دعمه لـ”السياسات الخارجية المعتدلة” لـ”بن سلمان”، مستخدمًا كل قدراته في التشهير وكيل الافتراءات للمخالفين للمملكة.
كما أن “إمام الكعبة” في بلاد الحرمين الشيخ “عبدالرحمن السديس”، ذو السمعة الطيبة والكبيرة في جميع أرجاء العالم الإسلامي، سار في ذات طريق “بن سلمان”.
وألقى “السديس” خطبة بعد اغتيال الصحفي السعودي “جمال خاشقجي” (2 أكتوبر/تشرين الأول 2018)، دافع خلالها عن ولي العهد، من على منبر الحرم المكي، واصفًا إياه بـ”القائد الملهم”.
بينما يأتي “عادل الكلباني” أحد أئمة الكعبة، من المدافعين عن “بن سلمان”، خاصة بعدما لفت الانتباه من خلال مشاركته في بطولة لورق اللعب، أقيمت في مركز مؤتمرات بالمملكة، ليضفي الشرعية على هيئة الترفيه، التي تعتبر من الأدوات التي يستخدمها “بن سلمان” في السياسة.
وخلال مشاركته في برنامج تلفزيوني، زعم “الكلباني” أن النبي “محمد صلى الله عليه وسلم”، كان يستضيف المطربين في منزله، في محاولة لإضفاء الشرعية على مشروعات الترفيه.
وتشهد المملكة فاعليات لهيئة الترفيه، تمثل تحولًا كبيرًا يتعارض مع قيم المؤسسة الرسمية والدينية.
ويقسم هذا التغيير السريع فئة العلماء إلى قسمين، الأول معارض يتم كتم صوته بإرساله إلى أقبية السجون والمعتقلات، فيما يضع الثاني نفسه بخدمة السلطة السياسية.
أما “صالح المغماسي”، فأشاد عبر حساباته بمواقع التواصل والمحطات التلفزيونية، بـ”فضائل وآداب” ولي العهد، زاعما وجود “سر” بين الشاب والله، وقال إنه “بن سلمان” يقدم مساعدات سرّية للفقراء.
إلا أن “المغامسي” نفسه، وهو إمام وخطيب “مسجد قباء” بالمدينة المنورة سابقا، عندما طالب العفو عن سجناء في تغريدة عبر “تويتر”، كان عليه دفع فاتورة دعوته باهظا.
ورغم أنه حذف التغريدة لاحقا واعتذر عنها بالقول إنها “غير مناسبة”، إلا أنه لم يفلت من عاقبته المحتومة في النهاية، حيث جرى فصله من إمامة وخطابة المسجد.
وبذلك تحول “المغامسي”، الذي كان أحد المدافعين عن مشاريع ولي العهد، إلى ضحية تم التخلي عن خدماتها، بسبب تغريدة.
ومن حين لآخر، تشن وسائل إعلام السعودية وتركيا الرسمية أو المقربة منها، هجوما على السلطات في البلد الأخر.
وبدأ تدهور العلاقات السعودية التركية، منذ مقتل الكاتب “جمال خاشقجي” في قنصلية المملكة بإسطنبول التركية عام 2018.
وتزايدت العلاقات سوءا بعد إعلان السعودية، العام الماضي، “دعمها الكامل” لسيادة قبرص الرومية على أراضيها.