وصف باحث أميركي مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي اغتيل في قنصلية بلاده بإسطنبول قبل أكثر من شهرين بأنه ليس سوى جزء صغير من رواية طويلة تعود جذورها لهجمات 11 سبتمبر.
وقال ستيفن أي كوك الباحث في دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا بمجلس العلاقات الخارجية في واشنطن إن مقتل خاشقجي داخل سفارة السعودية في إسطنبول بتركيا صب الزيت على نار الغضب الكامن منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على الولايات المتحدة.
وأضاف في مقال بمجلة فورين بوليسي أن محمد بن سلمان ظل منهمكا في بعض السلوكيات “البغيضة” حتى أن كثيرين في واشنطن لم يعودوا يشعرون بأنهم بحاجة إلى “التستر على تصرفات السعودية السيئة وإبقائها طي الكتمان”.
ووفقا للكاتب، فإن كل النوايا السياسية والدبلوماسية الحسنة التي أبداها المشرعون الأميركيون إبان زيارة بن سلمان مؤخرا للولايات المتحدة ما لبثت أن اختفت في اللحظة التي وطئ فيها خاشقجي بقدميه أرض القنصلية السعودية في إسطنبول يوم الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وقال كوك إنه “بعد كل الأحداث التي وقعت في المنطقة العربية مؤخرا من تدخل عسكري كارثي في اليمن، وقتل بشع لخاشقجي، وزج للإصلاحيين في السجون، وإرغام رئيس وزراء دولة أخرى (اللبناني سعد الحريري) على الاستقالة، وحصار دولة مجاورة (قطر)، والغطرسة العمياء التي جعلت كل تلك التصرفات ممكنة الحدوث، فماذا وراء كل هذا الضجيج المناوئ لمحمد بن سلمان؟”.
طفح الكيل
ويبادر كاتب المقال بالإجابة عن السؤال قائلا إن السبب الأول في كل هذا الضجيج يكمن في السياسة الحزبية بالولايات المتحدة، صحيح أن هناك عددا معقولا من الجمهوريين وجهوا انتقادات إلى محمد بن سلمان ولنهج إدارة الرئيس دونالد ترامب في التعامل مع السعودي، لكن الصحيح أيضا أن كل أعضاء مجلس الشيوخ الذين صوتوا ضد مشروع قرار يقضي بوقف الدعم الأميركي للحملة العسكرية السعودية في اليمن -وعددهم 37- كانوا من الجمهوريين، وكان من الملفت للنظر وقوف الأعضاء الديمقراطيين بالإجماع مع مشروع القرار.
وخارج قاعات الكونغرس زعم محللون أن محاولات الرئيس لحماية محمد بن سلمان في قضية مقتل خاشقجي مرتبطة بعلاقات مؤسسة ترامب التجارية مع المملكة العربية السعودية.
والسبب الثاني -برأي ستيفن كوك- أن الغضب من السعودية على قتل خاشقجي مرده على ما يبدو إلى المساعي التي لم تكتمل فيما يتعلق بالهجمات على نيويورك وواشنطن في سبتمبر/أيلول 2001.
وثمة تشابه بين عدم اكتمال تلك المحاولات والانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون عادة في مصر وتركيا والمجر وروسيا والصين وإيران، لكن أسماءهم وقصصهم تبقى غير معروفة في عمومها إلا لمجموعات صغيرة من النشطاء مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية ولجنة حماية الصحفيين.
والفرق بين هذا وذاك يكمن في إدراك المسؤولين الأميركيين المتأخر تلك الانتهاكات، وتصفية الحسابات مع السعودية فيما يتعلق بمسؤوليتها عن هجمات 11 سبتمبر.
ويبدو أن المسؤولين الأميركيين قرروا أن الكيل قد طفح بعد مقتل خاشقجي بتلك الصورة البشعة.