مرة أخرى يعود اسم ملك إسبانيا السابق خوان كارلوس للظهور في الساحة الأوروبية والعالمية، حول شبهات فساد تتعلق بتلقيه أموالاً طائلة من السعودية والبحرين، وهو ما قد يزج به في السجن في حالة إثبات تلك المزاعم.
القضية الأولى التي تتعلق بالملك الإسباني السابق هي تسلمه 100 مليون دولار من ملك السعودية الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز كعمولة خلال منح شركات إسبانية عقداً ضخماً لتشييد خط قطار فائق السرعة في السعودية، ثم إيداعها في حساب سري له بسويسرا عام 2008، أي قبل تنازله عن الملك لابنه.
ويوجد العديد من القرائن والوثائق لدى القضاء الإسباني، والادعاء السويسري، التي تثبت تورط الملك، الذي تولى العرش 38 عاماً (1975-2014)، بحصوله على الأموال السعودية من العاهل السعودي، عبر شخصيات قريبة جداً من كارلوس، من خلال اضطلاعهم بدور مهم لإتمام الحسابات البنكية واستلام الأموال، حسب تأكيدات صحيفة (لا تريبيون دي جنيف).
وتتعلق تلك الأموال بمشروع القطار السريع بين مكة والمدينة المنورة بالسعودية، حيث ورد اسم الملك الإسباني السابق في هذه القضية أكثر من مرة، وفق ما توصلت إليه تحقيقات المحكمة العليا في بلاده في (يونيو الماضي).
وثيقة أخرى قد ثبت تورط الملك بتلقي تلك الأموال من السعودية، وهي تسجيلات نسبت إلى عشيقة الملك السابقة كورينا لارسن، وأكدت فيها أنه تلقى عمولة خلال منح شركات إسبانية عقداً ضخماً لتشييد خط قطار فائق السرعة في السعودية.
تحقيق وفساد
شبهة الفساد التي تدور حول الملك الإسباني كانت دائماً الصحف المحلية الإسبانية تتحدث عنها، وهو ما قد يذهب بملكهم السابق، الذي تنحى عن العرش في يونيو 2014 لابنه فيليب السادس، إلى السجن في حال إثبات تلقيه تلك الأموال مقابل رشا.
المحكمة العليا الإسبانية فتحت بالفعل تحقيقاً لتحديد احتمال تحميل مسؤولية للملك السابق كارلوس، لكن فقط عن الأفعال التي ارتكبها بعد تنحيه، إذ فُتح فعلاً تحقيق في (سبتمبر 2018).
ولم تكن شبهة الفساد السعودية الأولى للملك الإسباني السابق، إذ التصقت به العديد من الفضائح؛ أبرزها أن له أبناء غير شرعيين، في حين اتهم زوج ابنته بتهم الفساد والتلاعب بالأموال الحكومية.
وأمام الاتهامات الموجهة للملك سارع إلى مغادرة بلاده؛ دون ذكر البلد الذي سينتقل إليها، مرجعاً الأسباب إلى أنه يهدف بقراره إلى عدم التأثير على ممارسة ابنه لعمله كملك “نظراً للتأثيرات العامة التي سببتها بعض الأحداث الماضية”، والمقصود هنا شبهات الفساد.
وبالتواصل مع السفارة السعودية في إسبانيا للحصول على ردها عن الحديث حول تحويل الملك الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز أموالاً لملك إسبانيا السابق فيما يتعلق بمشروع القطار السريع بين مكة والمدينة المنورة كعمولة، ولكن لم يحصل على أي رد فوري من السفارة.
الحكومة الإسبانية سارعت إلى إصدار توضيح حول الاتهامات الموجهة للملك السابق، حيث اكتفى رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيث، بالقول، خلال مؤتمر صحفي له الأربعاء (8 يوليو الماضي)، إن “هناك مزاعم مقلقة تزعج الجميع، بمن فيهم أنا”.
محامي الملك الإسباني السابق، خابيير سانتشيث خونكو، أكد بعد كل تلك المعلومات التي تم تداولها أن موكله سوف “يبقى تحت تصرف مكتب المدعين” على الرغم من قراره مغادرة البلاد.
رِشا بحرينية
وإلى جانب شبهة الفساد التي تلاحق ملك إسبانيا السابق وتلقيه عمولة من السعودية حول مشروع القطار، ظهرت قضية أخرى؛ وهي تلقيه رشوة من ملك البحرين حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة.
ويدور الحديث هنا، وفق تقرير لصحيفة إلموندو الإسبانية نشرته (الاثنين 3 أغسطس الجاري) عن تحويل ملك البحرين قرابة 1.7 مليون يورو (1.9 مليون دولار) إلى الحساب السويسري الخاص بالملك كارلوس “كهدية”؛ في سبيل محاولة لتلميع صورة البحرين المعروفة بانتهاكها لحقوق الإنسان، كما تؤكد الصحيفة.
ملك البحرين
الصحيفة وضعت لقرائها عدداً من الحقائق تؤكد تلقي الملك السابق تلك الأموال وهو زيارته للبحرين 6 مرات منذ عام 2011، وذلك خلال فترة الاحتجاجات التي شهدتها البحرين، فبعدها بعامين سجل حساب كارلوس زيادة في رصيده بمقدار 1.7 مليون يورو (1.9 مليون دولار)، وهي من الملك البحريني.
وخلال تلك الزيارات، تؤكد الصحيفة، اصطحب الملك السابق معه وفوداً رسمية ووزراء، ورجال أعمال، وحل ضيفاً شخصياً على ملك البحرين في مناسبات عدة، مثل سباق فورمولا 1 (Formula One) الذي أثار الاحتفال به جدلاً في البحرين طوال سنوات.
وخلال تلك الفترة، اشترت الأسرة في البحرين نادي قرطبة عبر شركة إنفينيتي، في حين نقلت صحيفة إلموندو الإسبانية عن نشطاء حقوق الإنسان في الولايات المتحدة أن ولي العهد البحريني ناصر بن خليفة يقف وراء هذه العملية، وهذه الأموال مصدرها الفساد.