بقلم/ عبد الله الحامد
إن الأصل في المحاكمات الشرعية “العلانية”، ولا تعتبر المحاكمة شرعية ولا عادلة إذا لم تكن علنية، وكل محاكمة سرية هي ظلم وعدوان، ونصت جميع القواعد القضائية في الدول العادلة على علانية المحاكمة وقد أخذت بها الدولة بهذا الإجراء في المادة 155 من نظام الإجراءات الجزائية.
للأسف قولنا هذا ومما شاهدناه في إجراءات الدولة اتجاه المعتقلين لا تسمح للقضاء أن يتأكد من أن اعترافات المتهمين صحيحة قانونيًا، ولا تتيح للقضاء أن يمارس دوره في التأكد من طبيعة التوقيف ووظيفته، ولا تتيح له الأنظمة والإجراءات العملية أن يرفض اعترافات المعتقلين التي تنتزع بالإكراه والتعذيب.
ولا تسمح للقضاء أن يمارس دوره في الأمر بالإفراج عن الموقوفين أشهرًا بل سنين من دون محاكمة، وعديد من الذين سجنوا في قضايا الرأي والإصلاح، قبعوا في السجون مددًا طويلة، ولم يستطع القضاء أن يقول في قضية سجين رأي: “أخرجوه أو قدموه للمحاكمة”.
لن يستطيع القضاة سد مسارب التدخل، ولا إثبات حيادهم ونزاهتهم إلا بمحاكمة علانية أمام الناس الذين هم شهود الله في أرضه، إن عدالة القضاء النابعة من إستقلال أي دولة، هي أن يستطيع القضاة إصدار أحكام على الدولة، وأن يستطيعوا أن يبرؤا من جرمتهم الدولة، وأن يحفظوا حقوق الأفراد العزل من إنتهاك الدولة، وأن يحموا المضطهدين، وأن يخرجوا المسجونين ظلمًا.
إن لم يفعل القضاء ذلك فإن ذلك لا يعبر عن ضعف القضاء فحسب، بل يعبر عن ضعف النظام السياسي أيضًا.
من يحاول تعويق خط الإصلاح، ومحاربة كل فرد يعبر عن رأيه، أو تجريم كل جماعة تطالب بالحقوق المدنية السياسية، ويعرقل كل الجهود التي تدفع الدولة للإصلاح السياسي الداخلي والخارجي، من يعتقل الناشطين والدعاة والعلماء، وإن اختلفت مناهجهم ومراكزهم وأدوارهم، هم الذين إذ غيبوا أصواتنا وهاجموا أفكارنا، وأزالوا كل لافتة تطالب بالعدالة والمساواة والحرية، يريدون التنكيل بنا ومناكفتنا على حقنا إذا اعتقلنا أن يأخذ القضاء زمامة في وظيفته ودوره الأساسي وهي النزاهة في حكمه وإطلاع الناس على العلانية في مجاراته للمعتقلين داخل أروقة المحاكم، أما اعتقال مع محاكمة علانية أمام الصحافة والناس أجمعين، أو أخرجونا من معتقلاتكم التي تسوء بها معاملتنا كأننا مجرمون، لا أصلاحيون.